عماد مرمل – الجمهورية
عشية إقفال باب الترشيح الى الانتخابات النيابية اليوم، «أفرج» رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن قراره المتخذ بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، فما هي دوافع هذا القرار؟
إلتحق ميقاتي بركب العازفين عن خوض الاستحقاق النيابي، وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري الذي فرط السُبحة، لتكرّ حباتها الواحدة تلو الأخرى.
منذ فترة، حسم ميقاتي أمره بإخلاء مقعده النيابي، بعدما أخذ وقته في التشاور والتأمّل، مستنداً في خياره إلى مجموعة اعتبارات سياسية وشخصية رجّحت كفة العزوف على ما عداها، ليكتمل بذلك خروج نادي رؤساء الحكومات بكل أعضائه من المجلس النيابي، الأمر الذي سيترك شغوراً سياسياً على مستوى الحضور القيادي السنّي داخل السلطة التشريعية، وإن يكن سيمنح في الوقت نفسه الفرصة لخيارات بديلة لكي تحاول ملء الفراغ وكسر بعض أبعاد الصورة النمطية للتمثيل السنّي في المجلس.
ومع عزوف ميقاتي بعد الحريري وتياره وتمام سلام، يكون التوازن في الوسط السنّي قد تعرّض إلى مزيد من الاهتزاز، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول الانعكاسات المحتملة لهذا الغياب على منسوب مشاركة الطائفة السنّية في الاقتراع، خصوصاً انّ ابتعاد «الرموز» قد يُضعف الحوافز للتصويت.
ولكن، انسحاب ميقاتي شخصياً من مضمار السباق الانتخابي لا يعني انّه لن يكون راعياً وداعماً للائحة شمالية تمتد من طرابلس إلى عكار، بالتعاون مع عصام فارس وكريم كبارة (إبن النائب محمد كبارة). وتفيد المعلومات، انّ من بين الأسماء المرشحة لدخول هذه اللائحة هيثم عز الدين وإبن النائب الراحل جان عبيد وشخصيتين من آل صبح وفتوني.
وعندما قيل لميقاتي انّ هذه اللائحة ستكون ضعيفة في ظلّ غيابه عنها، أجاب بأنّه ليس غائباً لوحده، وبالتالي إذا كان هذا الغياب يشكّل علامة ضعف فهو ينسحب أيضاً على القيادات الأخرى التي اختارت الانسحاب.
أما «الأسباب الموجبة» التي دفعت ميقاتي الى الامتناع عن الترشح، فيمكن تعداد أبرزها كالآتي:
– حرصه على تفادي إعطاء اي انطباع بأنّه استفاد من انكفاء الرئيس سعد الحريري وخذله قبل صياح الديك، سعياً الى وراثته في الساحة السنّية، علماً انّ ميقاتي كان يتمنى لو انّ هناك إطاراً عاماً وليس شخصياً، يتولّى سدّ فراغ الحريري.
– شعوره بأنّ اللعبة النيابية أصبحت هزيلة مع خروج أقطاب منها، ما أفقده الحماسة او الشهية ليكون جزءاً منها.
– معرفته بأنّ عدّة الانتخابات المقبلة ترتكز في شكل أساسي على الخطاب التحريضي والتعبوي، الذي لا يستطيع أن يعتمده او يجاريه، أولاً بسبب حساسية موقعه كرئيس للحكومة، وثانياً لأنّ «البروفايل» الخاص به غير منسجم مع خطاب من هذا النوع.
– إحساسه بأنّ وجوده في موقع رئاسة الحكومة في هذه المرحلة الصعبة «بيكفي وبيوفي»، خصوصاً انّه يرتب عليه مسؤوليات ضخمة ويضعه في مواجهة تحدّيات كبيرة أهمها وقف الانهيار وبدء الإنقاذ. وهو يعلم أيضاً انّ مرحلة ما بعد الانتخابات قد تعيده الى السرايا الحكومية من الباب العريض، بعدما أصبح دوره يشكّل مساحة تقاطع بين الداخل والخارج.
– إقتناعه بأنّ من الأفضل له كرئيس لحكومة تتولّى الإشراف على الانتخابات ان لا يكون مرشحاً حتى تكتسب إدارة هذا الاستحقاق اكبر مقدار ممكن من الحيادية والصدقية، محلياً وأمام المجتمع الدولي.