الإثنين, نوفمبر 25
Banner

إنفراج قريب في أزمة البطاقات المصرفية

ايفا ابي حيدر- الجمهورية

هل يتصاعد الدخان الابيض اليوم من اجتماع المصرف المركزي ويستأنف قبول الدفع بالبطاقات المصرفية في محطات المحروقات والمتاجر والسوبرماركت، مع العلم انّ الاخيرة لوّحت امس برفض الدفع كلياً بالبطاقات المصرفية إذا لم يتمّ التوصل الى حل؟

يحاول المركزي في سياق سعيه الى تقليص الكتلة النقدية في السوق، إعادة فرض استعمال البطاقات المصرفية. وقد تجلّى ذلك بالتعميم رقم 158 الذي قسّم حصة الليرة من التعميم مناصفة بين النقدي والبطاقة المصرفية، وكان آخرها المساعدات الاجتماعية التي أقرّتها الدولة للقطاع العام، حيث فرض ان تُعطى 60% فقط نقداً والـ40% المتبقية بالبطاقة المصرفية. لكن في المقابل، وبعدما أدّت هذه التدابير إلى رفع حجم الكتلة النقدية المحجوزة في المصارف لكل من اصحاب محطات المحروقات والتجار وأصحاب السوبرماركت، اتخذوا قراراً برفض قبول البطاقات المصرفية من الزبائن.

وأمس، صرّح رئيس نقابة اصحاب السوبرماركت نبيل فهد، انّ القطاع يتجّه في الايام المقبلة لإيقاف القبول بالدفع بواسطة البطاقة كلياً، إذا لم يتوفر الحل. إذاً، بناءً على هذه المعطيات، فإنّ هذه الأزمة تتجّه الى مزيد من التأزم في الايام المقبلة، لاسيما وانّ غالبية المصارف خفّضت سقف سحوباتها النقدية بالليرة الى المودعين، وفقدان الليرة اللبنانية لدى بعض الصرافين.

هذه الأزمة ستكون محور نقاش اليوم خلال الاجتماع الاسبوعي للمصرف المركزي. وفي السياق، علمت «الجمهورية» من مصادر متابعة، انّ اجتماعاً عُقد بين وزير الاقتصاد أمين سلام ورئيس نقابة اصحاب السوبرماركت نبيل فهد ورئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي، تمحور حول المشاكل التي يعانيها هؤلاء، وأهمها، عدم قدرتهم على تحصيل النقدي بسبب الاموال التي تبقى عالقة بالبطاقة المصرفية فيما هم بحاجة الى الدولارات للدفع للموردين. وبالتالي، فإنّ الحلول المطلوبة تتركّز حول سبل استحصالهم على النقدي ليتمكنوا بالتالي من شراء البضائع. ووفق المصادر، فإنّ مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر سيحمل هذا الملف الى اجتماع المجلس المركزي المزمع انعقاده اليوم، ليتمّ إيجاد صيغة تضمن عدم انفلاش الكتلة النقدية او ارتفاعها تحت سقف القرار 161. فالخشية اليوم تتمثل خصوصاً في حال رفع سقف السحوبات النقدية من البطاقات المصرفية لأصحاب السوبرماركت، ان يتجّه هؤلاء الى السوق لاستبدالها بالدولارات، ما من شأنه ان يرفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق الموازي. وعُلم انّ خلال احدى النقاشات بين ممثلي المصرف المركزي والمدير العام لوزارة الاقتصاد ونقابة السوبرماركت، طُرحت إحدى الآليات التي تضمن استحصال المستورد على الاموال واستخدامها مباشرة للاستيراد، وتقضي بإعطائه شيكاً بقيمة المبلغ المتوجب من التجار، على ان يقبضه بالدولار من خلال منصة صيرفة. فبهذه الطريقة يتمّ قطع الطريق امام اصحاب السوبرماركت للذهاب الى السوق لشراء الدولار وتجنّب الضغط على سعر الصرف.

فهل تنفرج أزمة البطاقات المصرفية اليوم إثر اجتماع المجلس المركزي، ويّعاد العمل بها في السوبرماركت والمحطات والمتاجر؟ وتنفرج كذلك على المواطن الذي بات محاصراً من كل الجهات وممنوعاً من استعمال وديعته وكامل راتبه؟

حمود

في السياق، يقول الرئيس السابق لـ«لجنة الرقابة على المصارف» سمير حمود لـ»الجمهورية»، انّ اي حلول يتمّ استنباطها اليوم تصطدم بسوق غير منتظم وبأهداف لا يمكن لمن اخترع البطاقات المصرفية ان يقبل بها. وأشار الى انّه وفق ارقام المركزي يتوفر في السوق حالياً 75 الف مليار ليرة، منها 43 الفاً نقداً و32 الفاً تتراوح ما بين حسابات شيكات وودائع بالليرة اللبنانية. ويرى المركزي انّه إذا سمح بشراء الدولارات عبر المنصة خارج اطار البطاقات المصرفية فهذا يعني ادخال 32 الف مليار ليرة اضافية الى السوق، ستتحول لشراء الدولار. لذلك هو يحصر التعامل بالاموال النقدية، اي الـ 43 الف مليار، وهذا يستوجب الذهاب الى نقاط البيع اي تلك القابلة للبيع والتحاويل. لكن في المقابل، يرى التجار انّ كل الاموال التي تحوّل الى بطاقات مصرفية ولا يمكن تحويلها الى سعر المنصة هي مرفوضة.

لذا، انّ كل الحلول تصطدم بالسوق. وإذا ما سُئل المركزي عن قراراته هذه سيقول، هل المطلوب وضع الـ32 الف مليار ليرة بالسوق ايضاً لتتحول بدورها الى نقدي التي وفق سعر صيرفة 20 الفاً ستكون كلفتها ملياراً ونصف المليار دولار؟ هل يطيّر المركزي مليار ونصف دولار من احتياطيه لتغطية هذه العملية؟

إزاء هذه المعضلة، يقول حمود، انّه سبق وطرح على المركزي اصدار بطاقات prepaid والتي من شأنها ان تمنع استعمال النقدي الذي يذهب في نهاية المطاف الى الصرافين ليُحوّل الى دولار، على ان تُستعمل هذه البطاقة في نقاط البيع شرط انّ المبالغ المحصلة من هذه البطاقات يمكن تحويلها على سعر المنصة لشراء الدولار. وأكّد حمود انّه لا يمكن فتح شهية التجار واصحاب المحطات والسوبرماركت على القبول بالدفع بالبطاقة المصرفية، الا في حال سُمح لهم باستعمال اموال البطاقة كما لو انّها اموال نقدية.

ولفت حمود الى انّ بطاقات الـ prepaid هي موجودة اصلاً، انما يجب حصر استعمالها بالليرة اللبنانية، ويمكن ان يستعمل هذه البطاقة كل من يمكنه حالياً ان يسحب نقداً من المصرف، على ان تكون بنفس المبالغ والسقوف المحدّدة حالياً. وهذه البطاقة تساوي النقدي، بحيث على العميل ان يختار اما سحب راتبه او الوديعة التي تحق له شهرياً نقداً، واما تحويلها الى كلها او نصفها الى البطاقة، على ان تكون هذه البطاقة مقبولة في كل نقاط البيع ومن دون عمولة ويمكن للتاجر ان يحوّلها على المنصّة لشراء الدولار. وبهذه الطريقة ينخفض التداول بالنقدي، ونعود لنجاري نوعاً ما الدول التي استغنت عن النقدي منذ زمن. وراهناً، نحن من الدول المتخلّفة في هذا الموضوع، ولا يوجد مثلنا سوى سوريا وليبيا واليمن.

Leave A Reply