تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في صدمة كبيرة للأسعار ونقص في السلع الأساسية خاصة في الدول الفقيرة، التي لازالت تعاني من وباء كورونا، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
تستورد حوالي 50 دولة، معظمها فقيرة، 30٪ أو أكثر من إمداداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا. ويوفر البلدان ثلث صادرات الحبوب العالمية و52٪ من سوق تصدير زيت عباد الشمس، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وقال إندرميت جيل، نائب رئيس البنك الدولي، الذي يشرف على السياسة الاقتصادية: “إذا استمر هذا الصراع، فمن المحتمل أن يكون التأثير أكبر من أزمة فيروس كورونا”. وأضاف “في أزمة، كانت عمليات الإغلاق قرارًا سياسيًا يمكن إلغاءه في أي وقت. لكن في هذه الأزمة لا يوجد الكثير من الخيارات أمام الساسة”.
وأشار إلى أنه بحلول نهاية عام 2022، من المرجح أن يصل الناتج الاقتصادي في معظم الاقتصادات المتقدمة إلى مستويات ما قبل كورونا، أما بالنسبة للدول النامية، سيظل الناتج المحلي الإجمالي أقل بنسبة 4٪.
كما توقع جيل أن ترتفع الديون في البلدان النامية إلى أعلى مستوى لها منذ 50 عامًا، مؤكدا أن ارتفاع الأسعار الناتج عن الحرب في أوكرانيا يمكن أن يعيق الاستثمار في الأسواق الناشئة.
فقد تسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا في أكبر اضطراب لأسواق الحبوب العالمية منذ عقود، كما تسبب في إحداث أكبر اضطراب لأسواق النفط منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990، بحسب وول ستريت جورنال.
ويتوقع البنك الدولي أن يبلغ متوسط سعر النفط 130 دولارًا للبرميل لبقية العام، أي ما يقرب من ضعف متوسط سعره في عام 2021، عندما بدأ التضخم العالمي.
تعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم بعد السعودية، حيث تشكل 12٪ من الإمدادات العالمية، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس. كما أنها أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم وأكبر منتج للأسمدة.
“ارتفاع الأسعار يخيفني”
ويعتمد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل خاص على القمح الروسي والأوكراني. وتحصل مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، على أكثر من 70٪ من إمداداتها من القمح من البلدين.
وأكدت الحكومة المصرية أن أزمة أوكرانيا ستضيف نحو مليار دولار إلى تكلفة دعم الخبز، مشيرة إلى أنها تبحث عن موردين جدد.
وقالت سارة علي (38 عاما) المترجمة في القاهرة “ارتفاع الأسعار يخيفني. إنه يؤثر على سلعنا الأساسية، وليس الكماليات التي قلت بالفعل”.
وفي لبنان، ارتفع سعر الدقيق في السوق السوداء بأكثر من 1000٪ منذ الغزو الروسي. وقال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، إن لبنان لديه إمدادات شهرية فقط من القمح. وأضاف: “إننا نتواصل الآن مع الدول الصديقة لنرى كيف يمكننا شراء المزيد من القمح بشروط جيدة”.
وفي تركيا، أثارت الزيادة الحادة في سعر زيت عباد الشمس حالة من الذعر أثناء عمليات الشراء، فقد اصطف الناس أمام المحلات لشراء حاجاتهم وتخزينها. كما شعر المواطنون بالغضب في شوارع العراق، وأطلقوا على أنفسهم “ثورة الجياع”.
كانت الزيادة في أسعار الخبز أحد أسباب تأجيج انتفاضات الربيع العربي في المنطقة عام 2011.
وقال تيموثي كالداس، الخبير في الاقتصاد السياسي المصري بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن، إن مثل هذا التضخم يزيد من احتمالية حدوث اضطرابات شعبية في مصر. وأشار إلى أن سنوات من التقشف الحكومي أدت بالفعل إلى تآكل القوة الشرائية للمصريين.
أفريقيا
كما هو الحال في أي مكان آخر حول العالم، كانت أجزاء من إفريقيا تكافح بالفعل التضخم قبل الحرب في أوكرانيا. في عام 2021، ارتفعت فاتورة استيراد القمح في أوغندا إلى 391 مليون دولار، بزيادة 62٪ عن العام السابق.
وفي كينيا، قفزت أسعار الخبز مؤخرًا بنسبة 40٪ في بعض المناطق. كما ألغت تنزانيا ضريبة استيراد الوقود هذا الشهر، لكن الجهة المنظمة زادت الأسعار بنسبة 5٪.
وطالبت الرئيسة التنزانية سامية سولو حسن، المواطنين الاستعداد للمزيد. وقالت: “سترتفع أسعار جميع السلع، وسيرتفع سعر كل شيء بسبب الحرب في أوكرانيا. هذا ليس بسبب الحكومة. إنها حالة العالم”.
أما بالنسبة للدول التي لديها آفاق نمو ضعيفة بالفعل، مثل جنوب أفريقيا وتركيا، فإن ذلك قد يعني انخفاضًا في النمو إلى النصف هذا العام، كما قال نائب رئيس البنك الدولي.
وبحسب وكالة ستاندرد آند بورز، فإن صدمة الأسعار كافية لإلغاء نقطة مئوية من توقعات النمو للعديد من البلدان النامية.
في باكستان، التي تعاني من تضخم مستمر، أعلنت الحكومة عن دعم بقيمة 1.5 مليار دولار في نهاية فبراير في محاولة لإبقاء أسعار البنزين منخفضة خلال الأزمة الأوكرانية.
في إندونيسيا، فرضت الحكومة قيودًا على أسعار زيت الطهي. وفي البرازيل، قالت شركة الطاقة العملاقة المملوكة للدولة “Petrobras” في وقت سابق من هذا الشهر إنها لا تستطيع صد الضغوط التضخمية، ورفعت أسعار البنزين للموزعين بنسبة 19٪.