كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : يُنتظر ان يكون هذا الاسبوع اسبوع قانون الـ”كابيتال كونترول” بامتياز إقراراً او تأجيلاً، فيما يتعاظم خوف المودعين في المصارف من هذه القنبلة الموقوتة على ودائعهم التي يتجاذب مصيرها سيل من المقترحات التي لم يجدوا في أي منها حتى الآن ما يطمئنهم إليها، ويتطلعون الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، لاتخاذ موقف غداة طرح هذا المشروع على جلسة مجلس النواب غداً، ينسجم مع موقفه المشدّد تكراراً منذ نشوء الأزمة، على عدم المسّ بهذه الودائع وإعادتها كاملة الى اصحابها. وتبدي أوساط هؤلاء المودعين مخاوف جدّية من ان ينطوي المشروع المطروح على مخاطر تهدّد ودائعهم، خصوصاً على مستوى إعادتها اليهم بالليرة اللبنانية وعلى أساس سعر الدولار بـ8 آلاف ليرة. وفي هذا السياق، تتساءل هذه الاوساط عن سبب تكديس مصرف لبنان عشرات التريليونات من الليرة اللبنانية في مخازنه، خصوصاً منذ صدور التعميم 161 الذي أتاح لمن يشاء من مودعين وغير مودعين ان يستحصلوا على دولار fresh من المصارف وفق سعر منصة صيرفة. ويسألون، هل انّ هذه التريليونات يُراد استخدامها لسداد الودائع بالليرة اللبنانية وبأبخس الأسعار، وهو ما يرفضونه جملة وتفصيلاً؟ وتقول انّه إذا كانت الغاية من جمع هذا التريليونات امتصاص التضخم في العملة الوطنية، فإنّ المبالغ المجمّعة حتى الآن تفي بالغرض وأكثر، حيث الأوراق النقدية تكاد تندر من أيدي الناس، خصوصاً بعد توقف الاسواق الاستهلاكية ومحطات المحروقات وغيرها، عن القبض من الزبائن بواسطة بطاقات الإئتمان؟
عشية مناقشة مشروع الـ”كابيتال كونترول” القنبلة الموقوتة في مجلس النواب، قالت اوساط نيابية لـ”الجمهورية”، انّه وعلى رغم ما تمّ تضييعه من وقت منذ وقوع الانهيار، الّا انّ إقرار قانون “الكابيتال كونترول”، ولو متأخّراً، يبقى ضرورياً لحماية ما تبقّى من دولارات في البلد، مشيرة الى “انّ أسوأ صيغة منه تظل أفضل من عدم وجوده”.
وكشفت هذه الاوساط، انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان أبلغ إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، انّه في حال عدم إقرار قانون “الكابيتال كونترول” فلن يكون هناك اتفاق مع صندوق النقد، واللاتفاق يعني انّ خطر الانفجار الاجتماعي سيصبح داهماً. ولفتت إلى انّ إقرار مشروع الـ”كابيتال كونترول” المطروح، بعد إدخال بعض التعديلات اليه، سيسحب 80 في المئة من الأسباب التي تتسلّح بها القاضية غادة عون في مواجهة المصارف.
رهان
وفي هذه الأجواء، قالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ الأوساط المالية والنقدية تتابع بدقّة طريقة مقاربة مجلس النواب في جلسته التشريعية غداً اقتراح القانون الرامي الى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية المعروف بـ”الكابيتال كونترول” المطروح على اجتماع لجنتي الادارة والعدل والمال والموازنة النيابية، المقرّر العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم، على ان يُحال الى المجلس النيابي بصفة “المكرّر المعجّل”، في اعتباره إحدى الخطوات التي تعيد تنظيم العلاقات بين المودعين والمصارف ويرسم خريطة الطريق الى الحصول على شيء من مدخراتهم، وهو ما يؤدي الى توفير كثير من المراجعات القضائية، ما خلا تلك المفتوحة على خلفية المناكفات السياسية بين الأطراف المتنازعة.
وذكرت مصادر مطلعة على الحراك الهادف الى توليد القانون لـ”الجمهورية”، انّها لا يمكنها الحسم بما سيكون عليه الجو النيابي اليوم وغداً، خصوصاً بعدما أدخلت الحكومة تعديلات عليه امس ووزعته على المعنيين بصيغة جديدة. وإن جرى البت بالقانون الجديد سيعني انّ هناك خطوات حاسمة يمكن ان تتحقق وسط كثير من الشكوك بجدّية ما هو مطروح للبت به نتيجة الخلافات بين الكتل النيابية، في ظل فقدان رؤية أوسع واشمل يمكن ان تكون من ضمن خطة التعافي المفقودة حتى الآن.
وفد صندوق النقد
على انّ هذه الخطوة تكتسب أهمية بالغة عشية وصول وفد من صندوق النقد الدولي الى بيروت في الساعات المقبلة – وعلى الأرجح مساء اليوم – لاستئناف البحث غداً مع الفريق الحكومي المكلّف هذه المفاوضات برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الذي تقدّم بالمشروع المطروح على اللجان النيابية اليوم وعلى الجلسة النيابية في ساحة النجمة غداً، وليس صحيحاً القول انّه مشروع لقيط.
وكان اللافت في هذا المجال اجتماع ميقاتي في الدوحة مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “توتال” الفرنسية باتريك بويانيه، وبحث معه في مسار الاتفاق المتعلق بين لبنان و”توتال” للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك الرقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، والعراقيل التي تؤخّر بدء التنقيب. وتطرّق البحث الى موضوع قرار لبنان إجراء مناقصة لاستدراج عروض لإنشاء محطة لتسييل الغاز في الزهراني.
نتائج زيارة ميقاتي
على صعيد آخر، توقعت مصادر مطلعة عبر “الجمهورية”، ان تُطرح على بساط البحث في الأيام المقبلة، نتائج زيارة ميقاتي لقطر والاجتماعات واللقاءات التي عقدها ومدى تطابقها مع التوقعات التي وصفتها بأنّها محطة جديدة في مسار إعادة تصحيح علاقات لبنان مع دول الخليج وإعادته الى الحضن العربي، بعد مرحلة من التوترات والتباعد.
وإن غابت المعلومات عن أي لقاء جمعه ميقاتي مع أي مسؤول سعودي في الدوحة، فقد اعتُبر اللقاء الأبرز الذي عقده مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولقاؤه مع الوزير القطري الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني. ونقل ميقاتي عن أمير قطر، أنّ وزير الخارجية القطري سيزور بيروت، ليطلع شخصياً على الحاجات التي يطلبها لبنان. واكّد “أنّ لبنان في حاجة إلى الاحتضان العربي”، وأنّه سيزور عدداً من الدول العربية، ومشدّداً على أنّ “لا خيار أمامنا سوى التعاون مع صندوق النقد الدولي لوضع لبنان على سكة التعافي”. وقال: “لبنان في حاجة دائماً إلى رعاية عربية كهذه، وقطر إلى جانب لبنان، وبإذن الله كل الدول العربية، ودول الخليج بالذات، ستعيد علاقاتها الطبيعية مع لبنان، ونحن في حاجة إلى هذا الاحتضان العربي لوطننا”.
الحضور العربي
وإلى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية انّ التطور المتعلق بإعادة الدول الخليجية تعزيز حضورها الديبلوماسي قريباً في لبنان لم يحصل بين ليلة وضحاها، إنما ارتبط بمسارين داخلي وخارجي:
ـ المسار الأول، التزم فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم السماح بتحويل لبنان منصة لاستهداف الدول الخليجية، وقد تصرّف على هذا الأساس في بيانات الحكومة والمواقف الصادرة عنه والتي حظيت بإشادة سعودية، وبالتالي لولا التزام ميقاتي بأجندة صارمة تستنكر كل اعتداء على المملكة العربية السعودية وتصرّ على أفضل العلاقات معها ومع الدول الخليجية لما سلك مسار العودة الخليجية طريقه.
ـ المسار الثاني، خارجي وتصدّرته ثلاث عواصم: واشنطن وباريس والقاهرة، حيث عملت على إقناع الرياض بضرورة إعادة تفعيل حضورها في لبنان من أجل إبقاء ميزان القوى الخارجي طابشاً لمصلحة المجتمعين العربي والغربي على حساب الدور الإيراني، لأنّ طهران ستملأ الفراغ الناتج من أي انسحاب او خروج او ابتعاد خليجي، وبالتالي لا مصلحة إطلاقاً بترك الساحة اللبنانية لإيران.
وقد أثمرت الجهود الثلاثية الأميركية والفرنسية والمصرية في إقناع السعودية بإعادة النظر في موقفها من لبنان، من منطلق انّ ابتعادها عنه يعزِّز الحضور الإيراني، فيما اقترابها يؤدي إلى لجمه، وانّ التخلي عن الساحة اللبنانية لطهران لا يفيد بشيء، إنما من الضرورة اعتماد سياسة ربط نزاع معها وإرباكها في لبنان بدلاً من ترييحها. وقد ارتكزت وجهة نظر الثلاثي على ثلاثة عوامل أساسية:
ـ العامل الأول، حرص رئيس الحكومة على أفضل العلاقات مع الدول الخليجية، ووضع كل ما يلزم لعدم السماح باستخدام لبنان منصّة لاستهدافها.
ـ العامل الثاني، تصدّي شريحة واسعة من القوى السياسية للنفوذ الإيراني في لبنان، وهذه الشريحة يجب دعمها وتظليلها لا التخلّي عنها.
ـ العامل الثالث، ضرورة التمييز بين رفض تقديم أي دعم للسلطة الممسوكة من “حزب الله”، وبين ضرورة تقديم الدعم للشعب اللبناني من أجل تمكينه في سياق سياسة صمود تخوله المشاركة في الانتخابات النيابية لكفّ يد الفريق الحاكم.
ومعلوم انّ الانتخابات النيابية تحظى بدعم دولي كبير، وهناك خشية دولية من ان تؤدي الأوضاع المالية المزرية إلى إحباط الناس وعدم مشاركتها الكثيفة في الانتخابات، الأمر الذي تستفيد منه السلطة الحالية، وهذا ما يفسِّر توقيت إعادة الرياض تعزيز دورها، أي قبل الانتخابات مباشرة، لأنّ نشوء غالبية نيابية مؤيّدة للتوجّه العربي والدولي يؤدي إلى تقليص مساحة استخدام “حزب الله” للغطاء الشرعي.
عون والراعي
ومن جهة ثانية، وتبديداً للأجواء التي رافقت مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي أدلى بها الى إحدى الصحف الايطالية على هامش زيارته الاخيرة لروما والفاتيكان، توقعت مراجع سياسية مطلعة ان يُعقد خلال الايام القليلة المقبلة لقاء بينه وبين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في رسالة موجّهة الى المصطادين في تفسير المواقف بينهما، ووضع حدّ للجدل القائم في بعض الأوساط، نتيجة ما وصفته مصادر قريبة منهما بـ”سيناريوهات وهمية”.
مواقف
وسأل البطريرك الراعي في عظة الاحد من بكركي أمس، المسؤولين السياسيين في الحكم وخارجه: “ماذا تفعلون لتقصّروا هذا الليل الحالك الظالم الذي وضعتم فيه لبنان وشعبه ومؤسساته؟ إلى متى أيها المسؤولون والمتعاطون الشأن السياسي تمعنون في قهر شعبنا، وتمنعونه من التعبير والشكوى والمعارضة ورفع الرأس، وتنسفون الحلول، للإطباق على لبنان؟”. وقال: “إنّ حق التعبير عن الرأي يولد مع الإنسان ويضمنه الدستور عندنا في لبنان. حذار من المسّ به ونقل البلاد إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة. هذه الأساليب القمعية لا تشبه لبنان الذي أمضى تاريخه في الدفاع عن الحريات، وهي رسالته. إنّ التمادي في القمع يؤسس لانتفاضة شعبية لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها ونتائجها”. واضاف: ”أمام حالة القضاء المحزنة والخطرة نتساءل: أين القضاة الشرفاء؟ وأين المرجعيات القضائية لا تقوم بواجباتها الناهية حماية للجسم القضائي؟ وأين السلطة لا تردع ذاتها عن استغلال بعض القضاة ولا تردع المتطاولين على دورها؟ هل الهدف من بعض الإجراءات الصادمة خلق واقع يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية في موعدها، وتحميل مسؤولية هذه الجريمة الوطنية للطرف الذي يريد حصولها حقاً؟. يجب أن يتمّ هذا الاستحقاق الدستوري وأن يعقبه انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس الحالي بموجب المادة 73 من الدستور. من شأن الرئيس الجديد أن ينهض بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد، ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار. لبنان ليس ملك فئة. إنه ملك الشعب والتاريخ والمستقبل”.
عوده
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، أمس في قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس: “على كل لبناني أن يجاهر بصوت العدالة والحرية والكرامة في الإنتخابات المقبلة، وأن يساهم في إيصال ممثلين له يحسنون تمثيله ولا يستغلون ثقته. أما من يتقاعس عن القيام بواجبه، ومن يعتبر يوم الإنتخابات يوم عطلة أو يوم نزهة، أو من لا يؤمن أن صوته فاعل، فهو يسيء إلى نفسه أولاً، وإلى أولاده الذين لن يتمكنوا من العيش في بلد تسوده الفوضى والفساد ويفتقر إلى العدالة والمساواة بين المواطنين، ولا مكان فيه لأدنى مقومات الحياة الكريمة”. وأضاف: ”من لا يقوم بواجبه في انتخاب طبقة جديدة واعية نزيهة، تعمل وفق برنامج واضح على إنقاذ البلد، يكون مشاركاً في استمرار انهيار البلد وغياب العدالة واستمرار الظلمة والفساد وسوء الإدارة، وتساقط دموع كل أم فقدت ثمرة بطنها إما تفجيراً أو تهجيراً. ألا يكفي ما تعانيه الأمهات من آلام مخاض وتربية وسهر ليال في سبيل تأمين حياة فضلى لأبنائها، فيأتي من يسلبها أثمن ما تعيش من أجله في طرفة عين، أو من يسلب عائلتها هناء العيش والأمان والإستقرار؟”
”حزب الله”
وقال رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين خلال احتفال في بلدة ميس الجبل الجنوبية أمس “صحيح أنّ أميركا تضغط، ولكن الأصح، أنّ الذي فتح الأبواب مشرّعة أمام الأميركي، هو بعض الداخل المرتبط بالأميركي ويحمل نفس أفكاره وأهدافه نفسها، أو بعض الداخل الجبان والخائف من أميركا أكثر مما يخاف من شعبه وناسه”. وأوضح أنّه “حينما يأتي العرض الإيراني ليؤمّن الكهرباء للبنان مع تسهيلات كبيرة، ويؤمّن المعونات من دون أن تطلب إيران في السياسة شيئاً مقابل هذا العرض، ثم يرفض بعض المسؤولين خلافاً لمصلحة الناس والدولة هذا العرض، ويقبلون أن يبقوا في ظل العتمة والفشل والضعف والهوان، فهذا يعني أنّ البعض في لبنان يخشون من أميركا، وعليه، فإنّ كل من رفض العرض الإيراني في تأمين الكهرباء، والمساعدة في تأمين المواد الغذائية، هو المسؤول الأول والمباشر عن كل ما يصيب اللبنانيين اليوم”. وأضاف: ”للأسف يبدو أنّ بعض اللبنانيين لم يدركوا إلى اليوم حجم الكارثة التي يواجهها لبنان، ويجب أن نصارح اللبنانيين، بأنّ لبنان مقبل على كارثة اجتماعية وإنسانية وحياتية في كل الأبعاد، وهذا يستدعي استنفاراً وتعاطياً جريئاً وشجاعاً ومواقف جديدة، وإعادة قراءة للمواقف والقرارات السابقة، ولكن يبدو أنّ البعض في لبنان إلى اليوم غير مدرك طبيعة هذه المشكلة”.