جاء في الجمهورية..
انتهت منتصف ليل أمس المهلة القانونية لتسجيل اللوائح الإنتخابية، حيث رسا العدد النهائي رسمياً في وزارة الداخلية على ١٠٣ لوائح.
وقال وزير الداخلية بسام مولوي عقب إقفال باب تسجيل اللوائح الإنتخابية: نؤكد جهوزية الوزارة التي تقوم بكلّ واجباتها رغم الظروف الصعبة وأجواء التشويش ونصرّ على إنجاز الإستحقاق الإنتخابي بسلاسة وأمان ونجاح. واعتباراً من اليوم، ستبدأ رحلة الاربعين يوماً، التي ستختبر مناعة هذه اللوائح والتحالفات التي بُنيت عليها، وقدرتها على الصمود في وجه بعضها البعض، والأهم من كلّ ذلك، مدى قدرتها على اختراق المزاج الشعبي، وخطب ودّ النّاخب لجذبه الى صناديق الاقتراع في 15 ايار.
المسلّم به، انّ لبنان، وبعد تركيب اللوائح، بات أمام مشهد جديد، تبدو فيه المهمّة سهلة على المعنيين بالاستحقاق الانتخابي، وخصوصاً أصحاب الشعارات الكبيرة التي اغرقوا فيها الساحة الداخلية منذ ما يزيد على السنتين، وزرعوا وهماً لدى النّاس بأنّ زمن التغيير الجذري قد اقترب. فرحلة الأربعين يوماً هي بلا أدنى شك رحلة «حك ركاب» لهؤلاء، وخصوصاً انّ معركتهم باتت من الآن موزعة في اتجاهين:
– الأول في اتجاه الناس، وهنا التحدّي الأكبر بالنسبة الى الأطراف الحزبية، في محاولة ترويج برامجها الانتخابية التي يجمعها قاسم مشترك وحيد، هي عناوينها ومسلّماتها السياسية والحزبيّة التقليدية الثابتة، وكذلك الرمي العشوائي، على سطح المشهد الانتخابي، لشعارات ووعود مبالغ فيها.
وأما الاتجاه الثاني، فهو الذي لا يقلّ صعوبة عن جذب الناخبين، ويتمثل بالمعارك الحقيقية المنتظرة يوم الانتخاب داخل اللوائح، بحيث تتحول الى لوائح تطحن نفسها، على غرار ما ساد في تجربة الانتخابات السابقة في العام 2018، حيث تحوّلت اللوائح الحزبية على وجه الخصوص، إلى ساحات للمعارك في داخلها، بحيث بدل ان تكون المنافسة على اشدّها مع اللوائح المتنافسة، تحوّلت المنافسة الى منافسة بين المرشحين ضمن اللائحة ذاتها، للحصول على الصوت التفضيلي بأي ثمن، وكل الوعود التي قُطعت بالالتزام بالأخلاقية الانتخابية، وما اليها، قد بلعتها الأحزاب، وحصرت صوتها التفضيلي بالمرشحين الحزبيين دون غيرهم، التي اعتبرتهم «كمالة عدد»، وظيفتهم فقط رفد اللائحة بأصوات تمكّنها من بلوغ حواصل.
إنتصارات وهمية
ما بات محسوماً في رحلة الاربعين يوماً، انّ الحلبة الانتخابية ستغلي على نار التعبئة والشحن الانتخابيَّين، وتؤشر تحضيرات القوى الحزبية إلى انّ الأرجاء ستضج من الآن وحتى فتح صناديق الاقتراع، بالصخب السياسي والحزبي والشعاراتي ذاته الذي رافق تركيب اللوائح، والذي عكس مبالغات موصوفة لبعض الأحزاب يقترب بعضها من الخيال، بإعلانها المسبق عن حسم مسبق للمعركة الانتخابية وتسجيل ما يمكن تسميتها «انتصارات وهمية»، توحي من خلالها انّ النصر سيكون حليفها وحدها في 15 ايار، وانّها حجزت مقاعدها سلفاً في الندوة البرلمانية، ولا تفصلها عن التطويب الرسمي لها كممثلة للشعب اللبناني سوى بضعة اسابيع.
مأزومون ومربكون
وإذا كانت القوى الحزبية والسياسيّة على اختلافها قد اعتبرت الإستحقاق الانتخابي في 15 ايّار، مصيرياً، فإنّ قراءات المحللين الانتخابيين والإحصائيين تتقاطع عند التأكيد على أنّ هذا الامر هو الوحيد الذي لا تبالغ فيه الاحزاب، وهذا ينم عن قلق حقيقي لدى الأحزاب على اختلافها من أن تأتي الرياح في 15 ايار بغير ما تشتهي تحضيراتها وكل ما قامت به من تعبئة وشحن وتحريض منذ تشرين الاول 2019 وحتى اليوم.
وبحسب هذه القراءات «فإنّ الانتخابات مصيريّة فعلاً بالنسبة الى احزاب كثيرة ، وكذلك الى قوى سمّت نفسها سيادية وتغييرية، توهّمت انّها بعد انطلاقة انتفاضة 17 تشرين، قد استمدّت قوّة وعضلات من الشارع، فراهنت خطأ على قدرتها في إحداث مفاجآت وتحقيق متغيّرات تقلب الواقع السياسي والنيابي رأساً على عقب. وهو ما ظهر في الإحصاءات والدراسات التي أُجريت بأمانة وحيادية، وحتى تلك التي أُجريت «بناءً للطلب وبلا أمانة او حيادية» انّ كل ذلك التغيير المحكي عنه من سابع المستحيلات».
الصورة المصيرية
ويلخّص خبير انتخابي وإحصائي لـ»الجمهورية» ما سمّاها «الصورة المصيرية» لبعض الأطراف، حيث يحدّد لها خمسة مواضع أساسية:
الموضع الاول، ما بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوّات اللبنانيّة»، المتصارعين للتربّع على عرش التمثيل المسيحي، فالتطاحن الانتخابي بينهما اكثر من مصيري، وكلاهما مصطدم بحقيقة عدم قدرته على الحسم وحده، وبالتالي «حربهما الأساسية» ليس فقط عبر الجمهور الحزبي، بل في كيفية تجميع القوى المساندة من خارج الحزبين، التي من شأنها ترجيح كفة طرف على آخر. وبمعنى اكثر وضوحاً كلاهما يبحثان عن ربح بعضلات الغير.
الموضع الثاني، على خط الحراكات والشخصيات والقوى التي صنّفت نفسها تغييرية، والتي هي بالفعل أمام معركة مصيرية حقيقية وجدّية. ويبدو انّ معركتها صعبة جداً، وربطاً بما يحيط بها، وبعدم قدرتها على صياغة تحالفات قوية في ما بينها، وتشكيل لوائح موحّدة بين قوى الحراك، فإنّ هذه المعركة تبدو وكأنّها حُسمت سلفاً، وانّ لوائح الحراكات في 15 ايار، من الصعب جداً أن تردّ رأسمالها.
الموضع الثالث، على خط ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله»، حيث على الرغم من انّ هذا الثنائي هو الأكثر ارتياحاً من سائر القوى الحزبية على نتائجه، الّا انّه يعتبر الانتخابات مصيرية، ليس فقط ربطاً بالعناوين التي يطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري والسيد حسن نصرالله، بل ربطاً بأي محاولة لاختراق صفوفهما في أي دائرة. فأي اختراق بالنسبة اليهما في أي دائرة، يعادل الهزيمة في كل الدوائر. ومن هنا يجهد الطرفان لتحصين ساحتهما لمنع اختراقها. وخصوصاً في الجنوب، حيث انّ اطرافاً وبعض الأسماء، قد جُنّدوا ويجري تمويلهم لتحقيق حتى ولو خرق واحد في لوائح «امل» و»حزب الله»، يتّخذ منطلقاً للقول انّ الجدار الشيعي قد خُرق وجمهور الثنائي قد تراجع.
الموضع الرابع، على الخط السنّي، حيث تبدو الساحة السنّية الأكثر ارباكاً وتشتتاً على المستوى الانتخابي، في ظل ما أحدثه انكفاء الرئيس سعد الحريري وتيار «المستقبل» عن المشاركة في الانتخابات. وفي ظل تعدّد المتنافسين على وراثة الحريرية السياسية، بدءًا من بيروت الى صيدا وطرابلس وعكار والبقاع الغربي. وهذا ما يفسّر تعدّد اللوائح المتنافسة في كل الدوائر السنّية، الّا انّ ذلك لا يعني على الاطلاق ارتفاع نسبة المشاركة ضمن الطائفة السنّية على وجه الخصوص. كما لا يعني ايضاً وهنا الأهم، انّ هذه الوراثة ممكنة، فالحريري وتياره لم يخرجا من الحياة السياسية، وعودتهما ممكنة في أي وقت.
الموضع الخامس، انّ الباعث الأساس على وصف الانتخابات بالمصيريّة هو تيقن القوى الحزبية والسياسية بأنّ نسبة الاقتراع المتوقعة في انتخابات ايار 2022 ستكون الأدنى في تاريخ الانتخابات النيابية التي شهدها لبنان، وقد لا تزيد في أحسن الاحوال والتقديرات عن 35 % على مستوى كل لبنان. وكلما انخفضت نسبة الاقتراع انخفضت الآمال والتوقعات، وزادت احتمالات المفاجآت بالنسبة الى الاحزاب.
الأزمة غائبة
وإذا كانت القوى الحزبية والسياسية قد اتخذت من الأزمة التي ينوء بثقلها البلد، منصّة هجومية على الخصوم، وتحميلهم مسؤولية الانهيار الحاصل، الّا انّ ما سجّلته الإحصاءات والدراسات الانتخابية يفيد بما يلي:
– اولاً، الأزمة وعلاجاتها هي الغائب الأساس عن المشهد الانتخابي.
– ثانياً، بدا جلياً، وأكيداً، انّ القوى السياسية والحزبية لا تملك سوى عناوين صدام سياسية مع الخصوم، كما لا تمتلك اي رؤية جدّية وواقعية وعلمية لأي حل، وبالتالي من الطبيعي الّا يقدّم أي منها برنامجاً انتخابياً يحدّد المسارات الحقيقية التي ينبغي سلوكها لوضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة.
– ثالثاً، انّ العلاجات التي يمكن ان تساهم في حلول للأزمة، دخلت في بازار السياسة والمزايدات، بحيث بدا كل طرف كامناً للطرف الآخر على الكوع، وشعارهم واحد: «عطلّي لعطّلك». بدءاً من الاصلاحات المعطّلة، وصولاً الى التعيينات والتشكيلات، وانتهاء بالكابيتال كونترول، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والحبل بالتأكيد على جرار المناكفات.
فرنجية
إلى ذلك، أطلق رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية حملته الانتخابية «صوتك على حق… صوتك وفي جريء وصادق»، في مقر التيار في بنشعي، ورأى «انّ تغيير طريقة التفكير في المجتمع لا تحصل بالترهيب والكراهية، ونحن عملنا على تغيير طريقة التفكير العشائرية والدموية والمنغلقة مع المحافظة على العائلة والحياة الاجتماعية الحقيقية، ودفعنا الناس لمحبة بعضهم وأصبحنا مثالاً للديموقراطية في لبنان». وقال: «في الماضي كان ثمن كل انتخابات دم، اما اليوم فتغيّرت الصورة وهذا هو التغيير الحقيقي».
وتابع: «وضعنا العداوة الشخصية جانباً وبقيت الخصومة السياسية. أما من يعتبرنا أعداء له فهذه مشكلته، ونؤكّد انّ عداوتنا ليست سهلة ولا نريد ان نكون اعداء لأحد». واكّد «اننا لا نحبّذ الشعارات الرنانة، وعلى المسؤول ان يدرك تداعيات كلامه كي لا يورط الناس، فهو الذي يتحمّل مسؤولية أمنهم وأمانهم»، معتبراً «انّ الأيام المقبلة ستكون أفضل»، داعياً الى «عدم التشاؤم لا سيما في صفوف الشباب».
وقال: «الغنم هم الذين يُدارون بيافطة والذين يتأثرون برسالة تصلهم من دون معرفة مصدرها، الغنم هم الذين يسيرون خلف أحزاب كانت لهم تجربة معها مرات عدة و»فوتت الناس بالحيطان»، ولكن من يسير مع اناس حافظت على حرية تعبيره وكرامته وأمنه وبكل المراحل من ايام الرئيس سليمان فرنجيه والرئيس الشهيد رشيد كرامي، فهؤلاء ليسوا بغنم. انّ كرامتكم وحريتكم مهمّة بالنسبة لنا، وهذه المنطقة «انصانت برموش العيون» في كل المراحل، ضميرنا مرتاح وتاريخنا واضح».
جعجع
وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في خلوة مع الماكينة الانتخابية في الكورة: «انّ الاستحقاق النيابي للعام 2022 مغاير عن سابقاته. إذ اننا نخوض مواجهة كاملة وشاملة. وذا حصلنا على الاكثرية، يمكن ان نغيّر، خلاف ما يعتقده بعض اللبنانيين المحبطين والمستسلمين منذ التسعينات، بأنّ لبنان لا يمكنه الخروج من الازمة نظراً لتفاقم الوضع، وهذا كلام غير دقيق. فالتغيير كفيل بالانقضاض على هذا الواقع، ويبدأ من صحة الخيار في 15 ايار ليكون التغيير ممكناً بعد هذا التاريخ».
ورأى أنّ «حزب الله» لا يخوض المعركة الانتخابية لتحسين حياة المواطن اللبناني وكرامته ومستقبل ابنائه او لتعزيز الاقتصاد والسياحة والصناعة والتربية او لتحسين علاقات لبنان العربية والدولية او من اجل الكهرباء والمياه، بل لحماية المقاومة والحفاظ على تنظيم «الحزب» الأمني والعسكري، بوضعه الحالي، للاستمرار بما يقوم به في سوريا او ليكون جاهزاً في حال طُلبت منه اي مهام في العراق والبحرين واليمن او في اي بلد آخر، بالإضافة الى متابعة عمله في خدمة السلطة في ايران كما يخدمها حالياً».
وقال: «إذا افترضنا انّ «حزب الله» لا يمكنه محاربة الفساد، وهذا غير صحيح، فكيف يفسّر تحالفه مع أفسد الفاسدين جبران باسيل في كل لبنان من عكار الى الجنوب؟ وكيف يعلّل ضغطه على معظم اللوائح في مختلف المناطق للتحالف مع «التيار الوطني الحر»؟ إذا «انتو مش بس منكن عم تكافحوا الفساد بل عم تساعدوا على الفساد وعم تمهدولوا».
وجدّد التأكيد انّ «امام الناخب اللبناني خياران: الاول مشروع «حزب الله» وحلفائه الذي بات مكشوفاً من الجميع، والثاني مشروعنا، وهو أصبح واضح المعالم وهدفه الخروج مما نتخبّط به لبناء دولة لبنانية فعلية وليس صورية، لا يشوبها لا فاسدين ولا من أفسد، وتسعى الى اعادة العلاقات العربية والدولية فضلاً عن تحريك عجلة الاقتصاد لنبدأ حياة طبيعية من جديد».
«حزب الله»
أكّد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق «أنّ أعداء المقاومة وخصومها عملوا بالترغيب والتهديد وفرض العقوبات على عزل «حزب الله» عن حلفائه». وقال: «لقد شكّل «حزب الله» لوائحه الانتخابية بمشاركة حلفائه، فأدرك أعداء المقاومة خطأ تقديراتهم حول متانة تحالفات «حزب الله»، وعليه، فإنّ «حزب الله» يحظى بأوسع تحالفات استراتيجية عابرة للطوائف والمناطق». وأكّد الشيخ قاووق أنّه «في 15 أيار ستشهد صناديق الاقتراع على فشل مشروع عزل «حزب الله» عن تحالفاته الوطنية، وأنّ العقوبات والضغوط لم تستطع أن تغيّر من تحالفاتنا الاستراتيجية، وإنما زادتها ثباتاً ورسوخاً». وختم: «إنّ محور خصوم «حزب الله وبالدعم الأميركي والسعودي، ضخّموا أحجامهم، فكبرت خيالاتهم وتخيلاتهم حتى أصبح شعارهم نزع سلاح «حزب الله» الذي عجزت عنه إسرائيل طيلة 33 يوماً، وعليه، فإنّ يوم 15 أيار سيعيدهم إلى أحجامهم الحقيقية وإلى عالم اليقظة».
المفاوضات مع الصندوق
من جهة ثانية، تتواصل مهمّة وفد صندوق النقد الدولي في بيروت، والجديد الذي تمّ عرضه مع الجانب اللبناني هو موضوع إعادة هيكلة المصارف، وفق ما اعلن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، اضافة الى إنجاز خطة التعافي الاقتصادي وإقرار الموازنة في مجلس النواب وإقرار مشروع «الكابيتال كونترول»، آملاً في أن نوقّع قريباً الاتفاق الأولي على أن يلي ذلك تنفيذ الإجراءات المسبقة قبل التوقيع النهائي».
وبرز في كلام الشامي ايضاً قوله: «ليس هناك تضارب بوجهات النظر حول توزيع الخسائر، وسيجري توزيعها على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين. لكن الدولة أفلست وكذلك مصرف لبنان والخسارة وقعت وسنسعى إلى تقليل الخسائر عن الناس».
وكان رئيس الحكومة نجيب يمقاتي قد اكّد خلال ترؤسه الاجتماع الرابع لـ»إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار 3RF لتعافي لبنان الاقتصادي، بتنسيق مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي: «انّ الحكومة تعمل عبر الجهات المعنية في القطاع العام لتوحيد الرؤية الواحدة والشاملة للإنماء والتعافي والاصلاح بين المعنيين»، وقال: «لقد شارفنا على الانتهاء من توحيد هذه الرؤية لتطبيق الاصلاحات الواجبة».
السفيرة الفرنسية
وفي سياق متصل، اعلنت السفيرة الفرنسية آن غريو «انّ فرنسا لا تزال ملتزمة التزاماً كاملاً بدعم لبنان وجميع اللبنانيين. وأنّه في سبيل مواجهة حالة الطوارئ الاقتصادية والمالية، فإنّ الأولوية تتمثل في سرعة إبرام إتفاق شامل مع صندوق النقد الدولي، الحل الوحيد الذي يوجّه لبنان نحو إستئناف النمو، والذي يعود بالفائدة على الشركات».
الهيئات الاقتصادية
وبرز امس الاجتماع المطوّل بين اللجنة المكلّفة من الهيئات الاقتصادية مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي أرنستو ريغو راميريز، حيث اكّدت الهيئات على الآتي:
– إنّ مسؤولية الإنهيار المالي، تقع على عاتق الدولة، والمصرف المركزي، والمصارف على التوالي.
– الإعتراض الشديد على ما يتمّ طرحه في الخطة المعروضة لجهة قلب هذه التراتبية رأساً على عقب، لجهة إبراء ذمّة الدولة، وتكبيد المودعين والمصارف فاتورة ردم الفجوة المالية بأكملها، محوّلة بذلك، دين الدولة إلى خسائر فادحة يتكبدّها المجتمع والإقتصاد اللبنانيان.
– إنّ المقاربة التي يجري العمل عليها، هي مقاربة ظالمة وغير عادلة على الإطلاق، لأنّ المبالغ المذكورة قد بُدّدت ولا تزال حتى اليوم، على تثبيت سعر الصرف، وفرق الفوائد، ومشتريات الدولة ونفقاتها الجارية، ودعم السلع الإستهلاكية. إنطلاقاً من ذلك لا يجوز تحميل المواطن أوزار أخطاء ثابتة وأكيدة إرتكبتها الدولة. وبشكل أكثر دقة، إنّ تحميل جزء من المواطنين دون سواهم هذا العبء، المودعين والمصارف، يشكّل تمييزاً غير دستوري أمام الأموال العامة التي أنفقتها الدولة لمصلحة جميع اللبنانيين.
– المطالبة وبإلحاح بضرورة أن تعترف الدولة، كشخصية معنوية، بمسؤوليتها الأساسية والأكيدة في تكوين الفجوة المالية الكبيرة، وإعادة تأكيد إلتزامها في تقديم المساهمة المالية الأكبر في ردمها، وذلك من خلال إنشاء صندوق سيادي يُستثمر لهذه الغاية، بإعتبار انّ هذا هو السبيل الوحيد لإستعادة الثقة بلبنان، ولتفادي توجيه ضربة قاضية للمودعين والنظام المصرفي والإقتصاد الوطني على حدّ سواء.
– التشديد وبشكل أساسي على ضرورة تركيز خطة التعافي على موضوع جوهري يتعلق بإعادة نبض الحياة الى شرايين الإقتصاد الوطني بهدف تحقيق نمو إقتصادي متين وخلق فرص عمل، من خلال تحفيز القطاعات الإقتصادية، لا سيما القطاعات الإنتاجية بدلاً من ضربها.