كتبت صحيفة النهار تقول: قبل نحو 35 يوماً من موعد الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، اشتعل المشهد الانتخابي للمرة الأولى بكثافة إعلان اللوائح وإطلاق الخطب والمواقف التي اتّسمت بحرارة سياسية عالية في مؤشر الى شمولية الاستنفارات الانتخابية وبلوغها الذروة لدى جميع القوى السياسية والحزبية والجماعات المدنية والمستقلين المنخرطين في السباق الانتخابي. ولم يكن ادل من المرحلة المتقدمة التي بلغتها هذه الاستنفارات الانتخابية من التدخل المباشر للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في جمعه حليفَيه الخصمَين اللدودَين سليمان فرنجية وجبران باسيل والكشف عن هذا اللقاء من جانب “حزب الله” فقط وليس من جانبَي “المردة” و”التيار الوطني الحر”، الأمر الذي عكس دلالة الانخراط القوي للحزب في لملمة حلفائه وجبهة 8 آذار في ترتيب الجبهة الانتخابية بكل محاورها وتفاصيلها ولوائحها وترتيباتها.
أما المؤشر الثاني على تصاعد احتدام المبارزات الانتخابية، فبرز في المواقف الكثيفة التي أُطلقت في الساعات الأخيرة عبر مجموعة مهرجانات واحتفالات بإعلان اللوائح والتحالفات أظهرت قدراً عالياً من الحماوة السياسية، لا سيما على مستوى المواجهات المسيحية – المسيحية، إذ إنّ خطاب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وبعض الردود عليه دلّلت على مستويات التحدي العالية السقوف التي بدأت تطبع المعارك الانتخابية خصوصا بعدما اظهر الكشف عن رعاية نصرالله لقاء بين فرنجية وباسيل مدى التدخل الذي يضطلع به “حزب الله” لدى القوى المسيحية التي تتحالف معه وترتبط بسياساته.
وكانت العلاقات الاعلامية في “حزب الله”، أعلنت في بيان، أنّ الأمين العام للحزب “استقبل على مائدة الافطار يوم أمس (الجمعة) رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، بحضور عدد من القيادات المعنية. وكان اللقاء فرصة مناسبة للتداول في العلاقات الثنائية والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة”. ومن المقرر أن يتحدّث نصر الله، مساء الإثنين المقبل، في كلمة متلفزة حول آخر التطورات السياسية.
وقد أكد فرنجيه أمس، على هامش اللقاء مع مجموعة من أساتذة “المرده” في القطاع التعليمي الخاص في بنشعي، أنّ اللقاء مع باسيل “جاء في سياقه الطبيعي وبمعزل عن اي تحالف انتخابي كما بات واضحا وأردناه علنيا، لاننا نعتمد معكم الشفافية والوضوح”.
وأضاف: “كان هناك حديث عن فتح صفحة جديدة وامكانية استتباع اللقاء بجلسات تنسيقية”. وردّاً على سؤال أوضح فرنجية أنّ “اللقاء جرى بدعوة من السيد حسن نصرالله، الذي هو ضمانة لأي لقاء، وكنا لنلبي أيضاً لو وجهت الينا الدعوة من غبطة البطريرك أو من رئيس الجمهورية”.
وختم بالتأكيد أنّه “لا بديل للحوار ولتوحيد الجهود في مرحلة دقيقة وحساسة دوليا وإقليميّاً وداخليّاً”.
وغداة هذا اللقاء، أعلن “التيار الوطني الحر” لوائحه الانتخابية ومرشحيه في مهرجان شعبي. وكانت كلمة عالية السقف لباسيل لم يأتِ خلالها على ذكر لقائه مع نصرالله وفرنجية، وجاءت تحت شعار “ما خلونا ونحن كمان ما خليناهن” فـ”اعتذر” فيها من اللبنانيين، لأنّ فريقه لم يستطع المضي قدماً في الخطط التي وضعها للاصلاح والانماء، وصوّب بعنف على “مَن غدروا” بالتيار وعلى المجتمع المدني وعلى خصومه، متوعّداً إيّاهم بالمحاسبة. ومِمّا قال باسيل: “كنّا في بداية عهد متأملين فيه ومدركين لصعوباته ولكن اليوم بدّنا نعتذر لأنّو تأمّلنا وما قدرنا نبني دولة نحنا وياكن ونعتذر لأنّ اللبنانيين محرومون من الكهرباء “حتّى لو مش نحنا السّبب”. ونعتذر مع أنّنا خفّضنا بشكلٍ كبير كلفة الخليوي والخطّ الثابت في أيامنا و”دوبلنا” مداخيل الدولة و”تربلنا” عدد المشتركين… الوزارة “مش معنا والخدمة بأسوأ حالتها”.
وأضاف: “اعتقدوا أنّهم قضوا علينا وجاء وقت الانتخابات لدفننا. حاصرونا وخنقونا بالعقوبات وبالمال والإعلام والتحالفات. حاولوا تطويقنا… رشّحنا وتحالفنا وألّفنا لوائح في كلّ لبنان وسيكون لدينا نواب في كلّ لبنان”. وشدّد على “أنّنا سنُحاسب الذين ركبوا على أكتافنا حتى وصلوا وغدروا بنا وقفزوا من المركب وشاركوا في جريمة إغراق البلد”. كما أكّد “أنّنا نُريد أن نُحاسب مَن فتحنا لهم باب المسامحة وعقدنا معهم مصالحة على أساس أن نكون فريقاً واحداً داعماً للعهد أمّا هم فانتخبوا الرئيس ليفشّلوه ويسقطّوه و”بيتباهوا بهالشي”. نحنا بدّنا وفينا نفوت على الحكومة بعد الانتخابات.. هنّي بالـ91 قبلوا بوزير واحد بزمن الوصاية ومن بعدها بالـ 2005 قبلوا كمان بوزير واحد ونحنا لمّا دخلنا الحكومات رفعنا لهم عدد وزراءهم. نحنا بعهدنا ما قبلنا إلا بـ15 وزيراً على 15. ورح نبقى نقاتل لحقوقنا”. وتابع قائلاً: “في الحرب كانوا أصحاب الاقدام التهجيريّة واليوم أصحاب الأيادي التمويليّة! لافتاً إلى أنّ “معركتنا مع حامِلي كذبة الاحتلال الايراني للبنان ويخوّفون الناس في الانتشار من التصويت لنا في الإنتخابات… “ما كان في احتلال إيراني لمّا تحالفوا مع حزب الله في العام 2005 بالتحالف الرباعي والسداسي”؟ وقال “دعسات اجريهم معلّمة على طريق الشام، وهداياهم مُعيبة لاسترضاء الحاكم العسكري- ولمّا خرج، صاروا ينخّوا اكتر للسفراء! استحوا! ما تحكوا عن السيادة! نحنا السيادة! ما كان في احتلال ايراني لمّا بعض النواب المستقيلين تحالفوا معنا بانتخابات 2018؟ هلّق فاقوا؟ ما كان في احتلال ايراني لمّا كتار زحفوا للمال النظيف؟ وبس انفقد بالعقوبات، ركضوا على مال السفارات والـ NGO’s؟ هالمقاطعجية الزغار ما عندهم يخبّروا إلا عن ماضي بيّاتهم السيء وقال شو شعارهم؟ أفعال مش وعود! يا حبيبي والأربعين سنة تبع بيّك بالنيابة؟ أو سنين الوزارة تبع بيّك أو أمّك أو جدّك؟ أو سنين الرئاسة تبع بيّك او قريبك؟ هول بدّك تمسحهم بخطاب تلفزيوني ممكيج وممنتج”؟.
في المقابل، تعهّد رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، خلال إطلاق لائحة “متن التغيير” في مهرجان “رفض العيش بالمؤقت، والعمل لحل جذري لكي لا يبقى المواطن والأجيال تعيش الأزمات نفسها، معتبرًا ان الوقت حان الوقت لوضع نقطة على السطر”.
وقال: “نتعهد بمواجهة وضع يد (حزب الله) على لبنان وتطوير النظام السياسي بدءا باللامركزية الموضوعة بدُرج رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما نتعهد بتطبيق الحياد الكامل عن كل صراعات المنطقة، والعمل على خطة اقتصادية مبنية على رؤية اقتصادية ونظام متوازن يؤمّن فرص عمل لكل اللبنانيبن، كذلك نتعهد بالعمل لتفعيل كل المؤسسات المجانية التي يصرف عليها مليارات الدولار ولا يستفيد منها المواطن، ويتم صرف الاموال على مستشفيات حكومية لا يستفيد احد منها، وعلى جامعة لبنانية تخسر موقعها الريادي”.
وتابع: “نتعهد أمامكم بتفعيل كل المؤسسات التي يمكن أن تؤمّن لكم كل احتياجاتكم، كما نتعهد بعدم التصويت إلّا لرئيس يحترم سيادة لبنان واستقلاله ومستعد للدفاع عنها ولن نصوّت لرئيس مجلس يعيد وضع القوانين في الجوارير، ونتعهد بألّا نصوّت للاتيان برئيس حكومة يغطي الفاسدين ويكون تحت رحمة حزب الله، وسنبقى اوفياء ولن نساوم”.
وأُطلقت دعوةٌ سنية الى مشاركة كثيفة في الانتخابات. إذ رأى الرئيس فؤاد السنيورة أنّ “الهواء المنعش عاد الى بيروت مع عودة السفيرين السعودي والكويتي وليد البخاري وعبدالعال القناعي، بعد أن كاد النفس أن ينقطع”. وخلال سحور رمضاني أقامه اتحاد “جمعيات العائلات البيروتية”، للائحة “بيروت تواجه”، مضيفاً: “أقول ذلك لأن لبنان العربي يواجه حملة متصاعدة لتغيير هويته العربية واستتباع دولته واختطافه وهذا ما ترفضه بيروت ويرفضه اللبنانيون. نحن اليوم على أعتاب انتخابات نيابية، وفي هذه الانتخابات ضرورة كبرى من اجل أن نمارس هذا الحق والواجب الانتخابي حتى لا يصادرن أحد قرار بيروت أو قرار لبنان، ولا يستولي على القرار هذا مجموعة من الطامعين والمغامرين”. وتوجه إلى “كل من يتقاعس أو يحاول أن يبرر عدم قيامه بواجبه الانتخابي في 15 أيار متذرعا بكل الأعذار غير المقبولة ومنها انه لا توجد فائدة من الانتخاب وبالتالي لن يتغير شيء”. وقال: “هذا الكلام غير صحيح، بإمكاننا أن نغير إذا ذهبنا وشاركنا في هذه الإنتخابات. ماذا سنفعل في 16 أيار إذا لم نشارك؟ هل نذهب للنق وعلى رأي أحد الكتاب، بدل النق يجب أن تنقي. وبدل البكاء على الأطلال في 16 أيار والترحم على الذي حصل، علينا أن ننزل في يوم الانتخابات ونصوت بكثافة للائحة بيروت تواجه”.
كذلك، أكد نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان، خلال إعلان مرشحي “لائحة الشراكة والإرادة ” في دائرة الشوف ـ عاليه، أنّ “ما يحدث اليوم هو نتيجة تراكم هيمنة فريق على الدولة وقرارها من جهة، ومن جهة أخرى نتيجة منظومة فساد أكلت الأخضر واليابس ولا تتمتع بالكفاءة ولا العلم إنما مبدعة بالكذب والهيمنة وتأخذنا نحو خراب أكبر والى جهنم”.
وأشار إلى أنّ “نحن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما دولة ذات سيادة تفرض وجودها أو دولة قرارها لدى محور الممانعة الذي لا علاقة له بلبنان”. وأضاف: “نحن اخترنا الوقوف كسد منيع بوجه كل من يتعرض لمصالحة الجبل، ولا يظنن أحد أنه قادر على محاصرة فريق من الجبل لأن أي محاولة من هذا النوع هي محاولة محاصرة كل الجبل”، واعتبر أنّ “على اللبناني ان يختار بين العيش بكرامة وحرية أو بإذلال ونحن لدينا الإرادة والشراكة لترجمة خيارنا الى أفعال في 15 أيار”.
من جانبه، وفي المناسبة عينها، أكد رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، عدم الاستسلام، وقال: “نلتقي كي نكمل معركة السيادة، معركة تثبيت عروبة لبنان، وعلاقات لبنان الطبيعية مع الدول العربية، معركة قرارنا الوطني الحر والمستقل من دون أي هيمنة خارجية أو داخلية”. وتابع: “مدرستنا، مدرسة نضال من اجل الحق. ومعركتنا معركة عدالة، معركة كرامة وحياة، معركة حقوق الناس التي سرقتها جماعة ما خلونا الذين أخذوا كل شيء ولم يتركوا لنا وطنا”.
وغداة عودة سفراء الدول الخليجية إلى بيروت، أكد السفير الكويتي عبد العال القناعي، في أول موقف له غداة وصوله الى بيروت، وعلى هامش زيارته مركز سرطان الأطفال، أنّ “جلّ ما تريده الكويت من لبنان ان يكون لبنانيا في عروبته وسياسته”، لافتا الى “وضع تصور بين القيادات في الخليج ولبنان حول كيفية اعادة العلاقات الى طبيعتها”، مشدداً على أنّ “الانتخابات شأن لبناني، والكويت تثق بما سمعته من وعود”.