الجمعة, نوفمبر 22
Banner

المرتضى: “علينا أن نستعيد قول القائل: “ليس أحد منّا ضيفًا عند أحد، كلنا ضيوف الله على أرضِ الله”

مصطفى الحمود ـ

دعا وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى الى أن:” نتعرف أكثر إلى الروايات التاريخية الخاصة بالمكونات الشرقية، أعراقا اكانت أم أديانا ومذاهب معتبرا ان هناك يكمن التاريخ الحقيقي الذي يحكي الآلام والآمال على حد سواء، بألسنة من عاشوها، وهذا يشكل التحدي الأكبر الذي به نكتشف بعضنا بعضا، ونكشف على جراحِ التاريخ لتضميدِها.”

كلام الوزير المرتضى جاء خلال مشاركته في ندوة حوارية حول “الاقليات في الشرق ” في دير سيدة البيرة وبحضور السفير الارمني في لبنان فاهكان اباتكيان وحشد من الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية .

وقال في مستهل مداخلته :”ما كان يمكن بقعة في وسط الأرض، حيث تلتقي دروب الشرق والغرب، إلّا أن تكون موطنا لشعوب تتوالد وأعراق تتمازج وأديان تتعايش خصاما وسلاما. وما كان يمكن هذه البقعةَ في وسط الأرض إلّا أن تكون أيضا مختبَرا حيا لتفاعل تاريخي ما زال مستمرا إلى اليوم، وقد أفضى في تعاقب هدوئه وغليانه إلى نمو الحضارة عصرا بعد عصر.”

وتابع :”رب قوم من هذه البقعة هم الآنَ في العد قلةٌ، كانوا بالأمس الكَثرة الكاثرة. ذاك مرده إلى تقلبات متعددة العناوين من اقتصادية واجتماعية وإيمانية وسياسية وعسكرية وسوى ذلك من أوصاف، حتى لَيَكون الحق، كل الحق أن نستعيد قول القائل: “ليس أحد منا ضيفا عند أحد، كلُّنا ضيوف الله على أرض الله”.

وراى وزير الثقافة ان هناك اشكالية مركزية في العلاقات المشرقية البينية تكمن في معضلة كتابة التاريخ وقراءته:” فمن الطبيعي أن يكون لكل جماعة تاريخها الخاص الذي قد يتنافر مع ذاك الذي لجماعة أخرى حتى التصادم الدموي. لكن المؤرخين بشكل عام دأبوا على اعتماد أسلوبين في التدوين التاريخي: فإمّا التسويق لرواية الغالب الرسمية، أو ابتداع تاريخ وسط لا يروي الحوادث بقدر ما يسعى إلى تجميلِها. في الأسلوب الأول يخضعون الحقيقةَ لسيادة الماضي، وفي الثاني يخضعونها للحرْصِ على الحاضر والخوف من المستقبل. ولقد عرفنا هذه المعضلة بحذافيرها في مسألة كتابة التاريخ اللبناني مثلًا الذي تقرأُه جماعاتُنا على صوَر مختلفة.

من هنا ينبغي لنا أن نتعرف أكثر إلى الروايات التاريخية الخاصة بالمكونات الشرقية، أعراقا اكانت أم أديانا ومذاهب. هناك يكمن التاريخ الحقيقي الذي يحكي الآلام والآمال على حد سواء، بألسنة من عاشوها. وهذا يشكل التحدي الأكبر الذي به نكتشف بعضنا بعضا، ونكشف على جراحِ التاريخ لتضميدِها.

ولفت المرتضى الى معاناة الشعب الارمني :”على ذكر الجراح، تزدحم الذاكرة الوطنية بما تعرض له الشعب الأرمني في مطلع القرن العشرين من مآس لا تزال آثارها عميقة في الوجدان العام. ويشهد الجميع لهذا الشعب كيف استطاعَ أن يجعل من الموت سبيلًا للحياة الكريمة، عندما تحوَلَت قلةٌ ناجيةٌ إلى قوة فاعلة في الاقتصاد والفنون والعلوم، وفي السياسة والثقافة، مع احتفاظ كامل بالسمات المعرفية التي تميز هؤلاء الناجين، واندماج كامل بالأوطان التي نزلوها. ألا إنَّ تاريخًا كهذا جدير بأن يكتب ويقرَأَ ويقتدى به.”

ونبه وزير الثقافة من التزوير في التاريخ حيث قال :” لكن بعضَ التاريخ يزوِره المزورون. هذا فعلَه الاحتلال الإسرائيلي ويفعلُه كل يومٍ في أرجاءِ فلسطين. وأخشى ما أخشاه، وقد بدأ تمدُّدَه الأخطبوطي في دنيا العرب بكل أسف، أن ينتحل في غد ما أنجزته العروبة الحضارية وينسبَها لنفسِه. هذا يستلزمُ لمواجهته ترشيد الوعي الوطني لدى أبناء أمتنا.”

وختم المرتضى:” ليس بيننا كثير وقليل، بل كلُّنا واحد في المواطنة هموما ورجاء. وتاريخ كل منا ينبغي له أن يكون في المحصلَةِ تاريخ الجميع، فهكذا تبنى الأوطان وتَرقَى المجتمعات.”

Leave A Reply