*ملاك ابو حمدان*
“إنّ الجامعة اللبنانية مؤسسة عامة تقوم بمهام التعليم العام بمختلف فروعه ودرجاته، ويكون فيها مراكز للأبحاث العلمية والادبية العالية، متوخية من كل ذلك، تأصيل القيم الإنسانية في نفوس المواطنين.”
مرسوم الجامعة التنظيمي رقم 2883.
فهل تتوافر في الجامعة الّتي كانت إحدى مفاخر لبنان ومناراته العلميّة والفكريّة الامكانات اللّازمة لتبقيها كما كانت عليه مند عقود؟!
لا شكّ بأنّ الجامعة اللبنانية استطاعت أن تحافظ على قدرتها التنافسية أمام الجامعات الخاصة والجامعات العالمية، في مجال التعليم العالي بتأكيد من مؤسسات التصنيف العالمي QS.
إلّا أنها في هذه الأزمة، تعاني من تحديات كبيرة دفعتها حتماً نحو طريق الانهيار، مع عدم وجود حلول سريعة تنصف كوادرها التعليمية بجميع تسمياتها وموظفيها. فأساتذة اللبنانية – بمختلفهم – وجدوا أنفسهم مضطرين إلى التوقف القسري عن التعليم نتيجة إهمال حقوقهم أو بالأحرى “تطنيش مطالبهم” وكذلك الأمر بالنسبة للإداريين.
ولكن ماذا عن الطلاب؟
يشكّل الطلاب دائماً الحلقة الأقوى في التحركات الشعبية والمطلبية. كانت تحركاتهم تنطلق من حاجاتهم التعليمية والدراسية لتشمل لاحقاً المطالب المعيشية والسياسية، فكان لهم الدور الأكبر في تغيير أنظمة وحكومات.
وفي لبنان، أسست حركتهم النضالية الجامعة الوطنية بعد تحركات وإضرابات عامي ١٩٥٠ – ١٩٥١. وقد بلغت هذه الحركة ذروتها في ستينيات القرن الماضي، حيث طالبت باستقلال الجامعة الوطنية مالياً وإدارياً وإنشاء مدينة جامعية موحدة.
أمّا اليوم فيعيش الطالب في الجامعة اللبنانية حالة ضياع، بعدما كان الحلقة الأقوى والقوة التغييرية الأساسية. فالأوضاع الاقتصادية التي يمر بها البلد، والتقشف الذي طال موازنة الجامعة وكذلك غياب المجالس الطلابية، وإضراب الأساتذة والموظفين. وضعته أمام مصير مجهول.
فما الصعوبات التي تواجه الطلاب؟
في جامعة كانت من المفروض أن تؤمن أبسط مقومات التعليم. إلّا أنّها جعلت الجامعي يعاني من:
– افتقار مختبرات الجامعة بكلّ كلّياتها للتطور ولبعض المواد والآلات المستخدمة في الشرح التطبيقي، ما يؤدي إلى إضعاف الطالب عند العمل داخل المختبرات.
– غياب التجهيزات في القاعات من تدفئة وإضاءة بسبب أزمة الكهرباء وارتفاع أسعار المواد النفطية للمولدات.
– أبنية لا تليق بجامعة وطنية وبطلابها. فبعضها كان مهدّداً بالانهيار، وقد شبهها أحدهم ب”سجن روميه” نظراً لعدم جهوزيتها لتكون صرحاً تعليمياً.
– عدم توفر أدنى مقوّمات الحياة في السكن الجامعي من تدفئة ومياه دافئة وانترنت وغياب الصيانة .
– تأخر الطلاب وخاصة الماجيستير في الحصول على أوراقهم ليتمكنوا من السفر في ظل إضراب الموظفين. – تكاليف الطرقات الباهظة التي يدفعها الطالب للوصول إلى الكلية ليحصل على ورقة إدارية ثمّ يعود أدراجه دونها.
– تحديد الامتحانات في بعض الكليات بشكل مفاجئ، حيث يتم إعلانها قبل يومين فقط.
– غياب المراقبين في بعض الكليات، ورفض الأساتذة التصحيح.
– عدم توفير مسابقات وأوراق امتحانات، فيُجزّأ “الكرّاس” إلى أجزاء.
– المجلس الطلابي الغائب في معظم الكليات اذ تقتصر مهمته على التبليغات. وذلك لأنّ ممثليه أصبحوا في عداد الخريجين ولا يمثلون الطلاب الحاليين. فالمجلس لم يتغير منذ ١٣ سنة بفعل إلغاء الانتخابات الطلابية.
الطّلّاب يحاولون رفع صوتهم!
حاول الطلاب أن يرفعوا صوتهم بدعم الجامعة اللبنانية من أجل الحدّ من ضرب القطاع التربوي، والاهتمام بمستقبل التعليم العالي في لبنان وبمصير شباب الوطن. فلجأوا إلى التحرّك أرضاً مع الأساتذة لدعمهم في قضيتهم، وإلى إطلاق حملات تطالب بالحدّ من التجاوزات والإنصاف عبر منصات التواصل الاجتماعي كحملتي: “#أملنا_بالجامعة اللبنانية
#الجامعة_نبض_الوطن”. مدركين بأنّ إصلاح وإنقاذ الجامعة اللبنانية ينطلقان من مجلس الوزراء من خلال إقرار ملف التفرغ والمتعاقدين والمدربين والموظفين، بالإضافة إلى رفع موازنتها.
في ظلّ التحديات الراهنة، هل من الممكن أن نشهد تحركات طلابية شبيهة بتحركات خمسينيات وستينيات القرن الماضي تعيد الثقة إلى نفوسهم كقوى تغييرية قادرة على إحداث الفرق؟