ايفا ابي حيدر – الجمهورية
على أبواب الأعياد من الشعانين الى الفصح الغربي فالشرقي الى عيد الفطر، كان يفترض بأن تكون مرحلة تنتعش فيها الحركة التجارية، الا انه وككل العادات التي تغيّرت، تمر هذه الفترة كالأيام العادية على اللبنانيين، فالرواتب محجوزة والليرة اللبنانية مفقودة فتنحصر الحركة بمَن يملك الدولار الحقيقي او بالمحلات التي تقبل الدفع بالكارت.
متابعة الحركة التجارية في الاسواق خلال الاعياد ما عادت ممكنة في ظل فقدان الليرة والقليل من الكاش الذي يستحصل عليه المواطن شهريّاً من المصارف، والذي بالكاد يكفي لفاتورة المولد والادوية والبنزين والسلع الاستهلاكية.
وبالتالي، ما عاد التسوّق من الاولويات. وهذا ما يفسّر الحركة شبه المعدومة في الاسواق التجارية التي كانت تعجّ بالمتسوقين في مثل هذه الفترة من كل عام. وقد بات التجّار الذين يقبلون الدفع بواسطة البطاقة المصرفية الاوفر حظاً، لأنّ المتسوّقين يفضّلون تحرير اموالهم العالقة في المصارف في ظل شح الكاش.
أما عن الحركة الاجمالية في الاسواق، فيقول عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي وعضو جمعية تجار بيروت عدنان رمال لـ«الجمهورية» انّ الوضع كارثي، قلة قليلة تتسوّق، وإنّ عدد المحلات التجارية التي لا تزال تقبل الدفع بواسطة البطاقات المصرفية تضاءل، وهي المحلات الكبرى التي تحقق ارباحا كبيرة، لأنّ الحسومات لتسييل الشيكات بالليرة وصلت أخيراً الى 35 % فأيّ نشاط تجاري اليوم يحقق هذه النسبة من الارباح ليقبل صاحبها بتسييلها؟ عدا عن انه اذا اختار التاجر إبقاء هذه الاموال عالقة في المصارف فإنه لن يتمكن من اخراجها واستبدالها بالدولار الحقيقي ليشتري فيها بضاعة مجددا، وبالتالي انّ كل تاجر يقبل الدفع بالفيزا او بموجب شيكات تحتجز امواله في المصارف وليتمكن من تحرير امواله سيخسر 35 % من قيمتها.
أضاف: في مقابل الصعوبات التي تعتري التجار هناك تحديات ايضا على المتسوقين، فالمواطن اللبناني المقيم الذي يتقاضى راتبا تقاعديا بالليرة او راتبه الشهري بالليرة اللبنانية، وهم في غالبيتهم من موظفي القطاع العام والبعض من موظفي القطاع الخاص او اصحاب وديعة بالدولار، يسحبونها شهرياً على سعر صرف 8000 ليرة ويخسرون 35 % من قيمتها (هيركات فوق الهيركات)… هؤلاء ما عادوا يملكون القدرة على التبضّع وصرف الاموال ويفضّلون اعطاء الاولوية لدفع النقدي في السوبرماركت كي يتمكنوا في المقابل من تسييل جزء من اموالهم المحجوزة في المصارف من خلال الدفع بواسطة البطاقة المصرفية، رغم انّ هذه العملية تكبّدهم خسارة بنسبة 30 %.
أما من يحرّك الدورة الاقتصادية اليوم فهم من يملكون الدولار النقدي او من يتلقّون حوالات من الخارج او أعمالهم بالدولار، وهؤلاء تتراوح نسبتهم ما بين 15 الى 20 % فقط من عدد المستهلكين.
ورداً على سؤال، قال رمال: إنهيار العملة الوطنية حصل في اكثر من بلد في العالم، انما أيّ من البلدان التي شهدت انهيارا حصل فيها هيركات على العملة الوطنية، لافتاً الى اننا امام اسوأ ثلاث سيناريوهات في أي اقتصاد في العالم وهي:
– حجز الودائع ودفعها بالليرة بثلث قيمتها.
– خسارة 30 % لدى تسييل اي شيك بالليرة.
– سيولة معدومة في بلد مدولَر واقتصاده قائم بنسبة 80 % على الاستيراد
وبالتالي، نحن امام ثالوث صعب جداً شبيه بثالوث عجز الميزانية العامة وعجز ميزان المدفوعات وعجز بالميزان التجاري. هذه العجوزات الثلاثة أودَت بالبلد نحو الانهيار أما السيناريوهات الثلاثة التي ذكرتها فستؤدي الى انهيار الأسَر والعائلات التي لن تقوى على تقديم ادنى الواجبات ومقومات العيش داخل البيت الواحد. ليخلص الى القول انّ من يملك راتباً اليوم مغلوب على امره فكيف حال من لا يملك شيئاً؟