الجمعة, نوفمبر 22
Banner

فصل جديد: ثورة الرغيف!

صلاح سلام – اللواء

على طريقة «إصرف ما في الجيب ..يأتيك ما في الغيب»، يمضي مجلس الوزراء في سياسة الصرف العشوائي بوتيرة عشرات الملايين من الدولارات يومياً، دون الأخذ بعين الإعتبار الخطوط الحمر التي وصل إليها البنك المركزي، بعد تبديد حوالي ثلاثين مليار دولار على الدعم الفوضوي لمواد وسلع لم تسد رمق أكثرية اللبنانيين. الذين وجدوا أنفسهم فجأة على رصيف الفقر والعوز والإفلاس.

والمفارقة أن الأموال الطائلة التي صُرفت بحجة الحفاظ على أسعار الدواء والغذاء والمحروقات بمتناول الناس، لم تُغيّر من واقع الأمر شيئاً، بل سرعان ما تفلَّت غول الغلاء من عقاله، وتضاعفت الأسعار عشرات المرات، وزادت معاناة ما كان يسمى « الطبقة الوسطى»، ولم تستطع الحكومة من الحؤول دون إستغلال التجار وأصحاب السوبرماركات لأموال الدعم لمضاعفة أرباحهم وتراكم ثرواتهم، على حساب لقمة عيش الشعب المقهور، والمنهوب بودائعه في المصارف التي تُمارس «حكم قراقوش» في تعاملها المخزي مع المودعين.

مئات الملايين هُدرت على دعم المحروقات، ولم تحل دون حصول طوابير الذل أمام محطات البنزين، واللهث وراء تنكة المازوت لتشغيل المولدات التي توقفت تباعاً عن الدوران بعد رفع الدعم، ووصول الأسعار إلى مستويات فلكية.

ومليارات أخرى سُفكت على دعم الكافيار والسومون وسلع فاخرة أخرى، ولم تحدّ من جنون الأسعار للسلع الغذائية الأساسية.

ورغم كل المليارات التي هُتكت على الفيول ومحطات الكهرباء بقيت العتمة تلف بسوادها ليالي اللبنانيين، رغم أن الكهرباء إستهلكت نصف المديونية العامة، أي ما يوازي أربعين مليار دولار في السنوات العشر الأخيرة.

ويبدو أن موجة الغلاء ورفع الدعم قد وصلت إلى القمح والطحين والرغيف، عبر الأزمات الممنهجة في الأفران، التي بدأت تظهر أمامها طوابير القهر والذل للحصول على الرغيف، لإيجاد الأجواء المناسبة لتبرير وقف الدعم للقمة عيش الفقراء، بذريعة الإستجابة لشروط صندوق النقد الدولي، ولو على حساب التفريط بقواعد الأمن الغذائي، وما قد يسببه من إهتزاز في الأمن الإجتماعي.

هل تكون ثورة الرغيف هي الفصل الجديد في المأساة اللبنانية الراهنة؟

Leave A Reply