الأربعاء, نوفمبر 6

التوترات تهدد بفلتان الأمن.. ومخاوف من الغرف السوداء والصواريخ

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: أسئلة كبيرة تفرض نفسها على سطح المشهد الداخلي: ماذا يُحضّر للبنان؟ وإلى أين يُقاد؟ وأي نفق يُراد إدخاله فيه؟ ومن يدفع الى ذلك؟ وخدمة لأيّ أجندة؟

ما فرضَ هذه الأسئلة، هو مجموعة من الكرات النّارية التي تدحرجت تِباعاً وبشكل مريب على طريق الانتخابات، بالتزامن مع تقلّص الفترة الفاصلة عن موعد إجرائها الذي بات على مسافة 19 يوماً.

تلك الكرات أخضَعت الواقع اللبناني لعوامل توتير خطيرة، أحاطت الاستحقاق الانتخابي بعلامات استفهام حول مصيره ووضَعته في خانة الاحتمالات التعطيليّة. وهو الامر الذي دفع مستويات سياسية متعددة الى رفع الصوت التحذيري من اي محاولات لنسف الانتخابات النيابية وتأجيلها، معتبرة انّ حصول ذلك معناه دخول لبنان في مجهول.

وكان البروز الاخطر لتلك العوامل ما جرى في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي، بالاشتباكات والظهور المسلح الكثيف، والاعتداء على مراكز الجيش اللبناني، وقطع الطرقات، ما حوّلَ المدينة الى ساحة فوضى. وقابَلتها تحرّكات احتجاجية وقطع طرقات في العديد من المناطق وصولاً الى بيروت والبقاع وصيدا، وقابَلها ايضا حادث مريب تمثّل في الاشتباكات العنيفة التي حصلت في منطقة عائشة بكار في بيروت وحوّلتها إلى ساحة مطاردات بين مسلحين ومن يسمّون بـ”ديوك الاحياء”.

وفي موازاة ذلك، تفاعَل الحدث المفجع الذي تجلّى في غرق “مركب الموت” وأدى الى سقوط عدد من الضحايا. وفيما أمضى لبنان، امس، يوماً من الحداد العام على الضحايا، تمّ أمس تشييع عدد منها، بالتوازي مع تواصل محاولات الإنقاذ والبحث عن المفقودين، فيما رجّحت مصادر طبّية لـ”الجمهورية” صعوبة العثور على ناجين، تتكثّف التحقيقات لجلاء ملابسات ما حصل، وتحديد المسؤوليات، بدءاً من لحظة انطلاق “مركب الموت” ووصولاً الى لحظة الغرق المشؤوم وكيفية حصوله.

يُشار الى انّ مجلس الوزراء سيعقد جلسة استثنائية عند الساعة الحادية عشرة والنصف قبل ظهر الثلاثاء في القصر الجمهوري للبحث في موضوع غرق الزورق قبالة شاطئ مدينة طرابلس وتداعياته إضافة إلى البحث في الأوضاع الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية.

الصواريخ المشبوهة

على انّ الاخطر في هذا السياق، هو دخول “الصواريخ المشبوهة” على خط التوتير الداخلي، حيث تمّ إطلاق بعض الصواريخ في توقيت مريب ايضاً، من الاراضي اللبنانية في اتجاه فلسطين المحتلة، استَتبعه قصف اسرائيلي عنيف لبعض المناطق اللبنانية. وفيما بقيت الصواريخ لقيطة حيث لم يتبنّ أي طرف اطلاقها، اشارت اسرائيل عبر مستوياتها العسكرية والاعلامية الى تحميل المسؤولية عن اطلاق الصواريخ لحركة “حماس”.

الجيش

وأعلنت قيادة الجيش، في بيان امس، انه ما بين الساعة 1.45 والساعة 4.00 (فجر الاثنين) تعرضت مناطق طيرحرفا، وادي حامول، علما الشعب، وخراج بلدة زبقين لقصف مصدره مدفعية العدو الاسرائيلي، ولم يفد عن وقوع إصابات أو حدوث أضرار. وقد استهدفت المنطقة بحوالى 50 قذيفة مدفعية. واشارت الى انه تم إطلاق حوالى 40 قنبلة مضيئة من قبل العدو فوق بلدات طيرحرفا، الناقورة، شيحين وبدياس، سبقَ ذلك سقوط صاروخ في الأراضي المحتلة مصدره لبنان بحسب ادعاءات العدو.

ووفق البيان، فقد عثرت وحدة من الجيش في محيط منطقة القليلة على صاروخين نوع غراد عيار 122 ملم موضوعين على مزاحف ألمنيويم مجهّزين للإطلاق، تم تعطيلهما من قبل الوحدات المختصة. واكدت قيادة الجيش أنه تتمّ متابعة موضوع الخرق بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان.

إسرائيل تهدد

في المقابل، اعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس “أنّ إسرائيل ستستخدم القوة الضرورية للرد على الهجمات الصاروخية التي أطلقت عليها من لبنان، محمّلاً الحكومة اللبنانية مسؤولية ما يجري على أراضيها”. كما توعّد قائلاً: “إذا استمرت عمليات الإرهاب والعنف سنعرف كيف نستخدم القوة اللازمة ضد الأهداف الصحيحة”.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي “ران كوخاف”: حتى الآن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخ من لبنان، لكن التقديرات أنّ من يقف خلفها هي الفصائل الفلسطينية في لبنان بسبب الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى أو التوتر في غزة والضفة، كما أن هناك احتمالاً في أن يكون فرع حماس في لبنان.

اليونيفيل

وأعلنت القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل”، في بيان، أنه “في ليلة 24-25 نيسان، رصدت اطلاق صاروخ من جنوب لبنان في اتجاه إسرائيل. وعلى الفور تواصل رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء أرولدو لاثارو مع السلطات على جانبي الخط الأزرق وحضّهما على ضبط النفس. ومع ذلك، رد الجيش الإسرائيلي بإطلاق عشرات القذائف على لبنان. ودعا اللواء لاثارو جميع الأطراف إلى تجنب المزيد من التصعيد، ُُمُعرباً عن قلقه من الرد غير المتناسب. وبمجرد انتهاء القصف، فتحت اليونيفيل تحقيقا لتحديد الملابسات. كما يعمل جنود حفظ السلام مع القوات المسلحة اللبنانية لتعزيز الأمن في جميع أنحاء منطقة عمليات اليونيفيل والحد من مخاطر المزيد من الأعمال الاستفزازية”.

الأزمة المعيشية

وفي موازاة الفلتان الخطير الذي يسود كل مناطق لبنان، وتَزايد السرقات والجرائم من دون أي رادع يقمع هؤلاء اللصوص ومحمياتهم، يبرز فلتان أكثر خطورة يتبدّى في التسخين المالي ورفع سعر الدولار الى مستويات خيالية. بما يقضي نهائياً على أي قيمة للعملة الوطنية ويرمي اللبنانيين في فقر شامل وحقيقي هذه المرة.

في هذه الاجواء تطرح تساؤلات برسم السلطتين السياسية والمالية:

– لماذا تحرّك الدولار الآن، وقد بات يطرق باب الثلاثين الف ليرة؟

– مَن أوحى أو أوعَز أو أمر بتحريك السوق السوداء؟

– أي غرف سوداء تسعى إلى احداث فوضى اجتماعيّة ومعيشيّة في هذا التوقيت بالذات، واشعال نار الاسعار.

وبحسب مصادر مسؤولة لـ”الجمهورية” فإنّ ما ما يحصل، سواء على المستوى الامني او على مستوى الدولار، مُنطلق من خلفية السعي لإدخال البلد في نفق شديد الخطورة ليس على مستقبله كنظام فحسب، بل على مستوى بقائه كوطن وكيان”.

وسألت المصادر: “أي انتخابات نيابية ستجري في هذه الاجواء؟ وهل هي مصادفة ان نصل في هذه الفترة الى صفر كهرباء؟ وكيف سيؤمّن التيار يوم الانتخابات لمراكز الاقتراع ونقاط الفرز؟.

وأعربت عن بالغ خشيتها من ان “يكون ما حصل في طرابلس من توترات في الايام الاخيرة نذير شؤم على مستوى البلد بشكل عام، تكرّ فيه سبحة التوترات في اكثر من منطقة، وربما يندرج ذلك ضمن سيناريو تعطيلي للانتخابات”.

وفي السياق نفسه، سألت “الجمهورية” مرجعا امنيا عن حقيقة الاجواء السائدة، فقال: كل الاجهزة الامنية والعسكرية تضع في اولويتها الحفاظ على أمن اللبنانيين وتعزيز الاستقرار الداخلي، الا انه كما هو واضح ثمة اياد خبيثة تسعى الى دفع البلد الى منزلقات خطيرة. والعيون الامنية ساهرة لمنعها من تحقيق مرادها.

وردا على سؤال عمّا يتردد في اوساط عن أن الاستقرار الامني مهدد، وان بعض الجهات تُحَضّر لنسفه قبل الانتخابات، اكد المرجع وضع البلد بشكل عام في العناية الفائقة، وكل المستويات الامنية والعسكرية على جهوزيتها. الوضع حسّاس ودقيق بلا ادنى شك، لكننا لسنا قلقين من بروز تطوّرات دراماتيكيّة، فلسنا مكتوفي الايدي، نعمل ليلا ونهارا، وعلى جهوزيتنا الكاملة، لعدم السماح بالمَس بأمن لبنان واللبنانيين، اضافة الى تأمين كل العناصر الحمائية للانتخابات النيابية، لتسير بشكل طبيعي وفي جو من الامن والاستقرار”.

سيلان وإسهال واستسهال

كل ذلك يجري، فيما التحضيرات الانتخابية في عالم آخر. فالصورة تَشي بأن البلد طفح بالكلام، ويكاد يمتلىء إلى ما فوق الشفة؛ مطوّلات وهوبرات وتعريض اكتاف وتضخيم عضلات ومبالغات مَرَضِيّة، تُنكر الواقع وويلاته، بادعاءات وهمية وشعبوية عمياء تسترخص بلدا بكامله وشعبا منكوبا، وتقايضهما بحاصل انتخابي لا يزيد سعر صرفه عن مقعد نيابي.

صار الاستحقاق الانتخابي على بعد 19 يوما مرشّحة في زمن الفيضان لمزيد من السيلان، والإسهال الشعبوي والاستسهال المرَضي، لإطلاق الشعارات والعناوين الكبرى على غاربها، والإنكار لحقيقة انّ القانون الانتخابي الحالي، بصوته التفضيلي ونسبيته المشوّهة، هو الجدار الكاسر لكل الشعارات والعناوين مهما كبرت، وللمبالغات والطموحات مهما بلغت، ومهما تبارى اصحابها بالخطاب والعنتريات التي لا تغيّر في واقع حال البلد شيئاً، ولا تمحو الصورة المفجعة التي بلغها البلد وناسه مع تفاقم الازمة المعيشية، ودخول اللبنانيين في جهنم الغلاء ورفع الاسعار.

التغيير.. وهمي

اذا ما تعمّقنا في المشهد التحضيري للانتخابات، يتبيّن ان “التغيير” هو اكثر الكلمات استخداما في هذه الفترة. وانّ مُطلقيه جميعهم لبسوا قميصه، ويليه “المحاسبة”. عنوانان عريضان يُراد فرضهما في انتخابات 15 ايار، والاسطوانة مستمرة في الدوران. ولكن كيف سيتم هذان “التغيير” و”المحاسبة”، والمتحمسون لفرضهما يفترض انهم يدركون انهما عنوانان مستحيلان مع القانون الانتخابي الحالي الذي أصرّوا عليه؟ واكثر من ذلك، كيف يمكن لهذين “التغيير” و”المحاسبة” ان يحصلا فيما هما أكبر بكثير وابعد بكثير لا بل بمسافات زمنية خيالية عن قدرة ايّ من حاملي لوائهما.

ثم انّ السؤال الذي يطرح نفسه في زمن المبالغات الانتخابية والحركات الدعائية التي يأتيها هذا الحزب او ذاك؛ أي تغيير هو المطلوب؟ هل تغيير السلطة القائمة بأحزابها الحالية؟ اذا كان هذا هو المقصود، فماذا عن احزابها السابقة التي شكّلتها وحَمتها ورعتها ورسمت سياستها، وأكلت من جبنتها وتشارَكت في موبقاتها وتنعّمت في محاصصاتها، وبالتالي في لحظة شعب انتفض، نَكرتها ونقلت البارودة من كتف الى كتف ولبست ثوب التهديد والوعيد بالتغيير والمحاسبة؟

فكّا كمّاشة

في هذا المجال، ورد في تقرير سياسي – اقتصادي – معيشي، أنجزته جهات ديبلوماسية تضمّن “تقديراً شديد التشاؤم حيال مستقبل لبنان”، ما حرفيّته: “مع توالي ايام الازمة التي اشتعلت في لبنان قبل اكثر من سنتين، دخلَ هذا البلد في انهيار هو الاسرع من نوعه من بين دول العالم، ما يعني انّ لبنان قام في ظل سلطة حاكمة أسسها مُتداعية منذ سنوات طويلة، والعجز كانت تتوارَثه الحكومات المتعاقبة، ويتم حجب هذا العجز بالتسلح بالخلفيات الطائفية والمذهبية”.

ويضيف التقرير: “على الرغم من الاندفاعة الايجابية والصديقة الدولية تجاه لبنان، فإنّ لبنان أحبطها بعدم التجاوب معها، ومع كل ما أُسدي من نصائح دولية تحثّ المسؤولين فيه على التعجيل في سلوك طريق العلاجات الاصلاحية”.

ويلفت التقرير الى “انّ وضع لبنان مُستغرق في التحضير للانتخابات النيابية، وهو امر يؤجّل اي بحث في حلول سريعة لبعض المعضلات الاقتصادية الكبرى فيه”. ويشير الى انّ مسؤولي صندوق النقد الدولي ليسوا واثقين من بلوغ برنامج تعاون سريع مع الحكومة اللبنانية بالنظر الى تأخّر إنجاز خطة التعافي من قبل الحكومة، وكذلك الى التباينات السياسية حيال بعض الامور الاساسية التي تشكّل ركيزة لأي اتفاق تعاون، ولا سيما قانون الكابيتال كونترول والسرية المصرفية اضافة الى امور علاجية مُلحّة اصلاحية وادارية”.

ويضيف التقرير “انّ قيامة لبنان من أزمته باتت تُقارب الاستحالة، لمجموعة عوامل متداخلة بعضها ببعض، أوّلها ان السلطة السياسية بدءاً من رأسها، هي المانعة لأي محاولة انقاذ، وتسدّ بيدها الابواب التي يمكن ان تنفذ منها رياح علاجية للأزمة في لبنان، سواء ما يتصل بالتشكيلات القضائية المحجوزة من قبل رئيس الجمهورية، والتي لا يمكن لبلد ان ينجو ويصبح دولة سليمة بإدارة سليمة الّا من خلال قضاء نزيه وسليم وبعيد عن التدخلات السياسية. وايضاً ما يتصل بالملف الكهربائي، عبر الاصرار على التمسّك بهذا الملف رغم الفشل الذريع الذي مُني به، وأهدر ما يزيد عن 40 مليار دولار على كهرباء غير موجودة”.

موت بطيء

ويحدّد التقرير “موقع لبنان في هذه الفترة، بين فكّين يضغطان عليه بشدة. الأول: فكّ الانانية الحزبية التي لا تنفكّ تظهر لبعضها البعض دواخلها الالغائية وجنوحها الى التحكّم وتصدّر المشهد السياسي والنيابي والحكومة والرئاسي، فقط لتبقى هي وحدها المهيمنة، والجاثِمة على صدور اللبنانيين”. وفكّ الازمة الخانقة التي تقود اللبنانيين جميعهم الى موت بطيء، وانّ استمرار استفحال الازمة من دون مبادرة السلطة السياسية الى توفير العوامل التي ترسّخ شيئاً من الاستقرار سواء على الصعيدين السياسي او الاقتصادي والمالي، فإنه في دولة كلبنان بلغت حداً عميقاً من الانهيار، قد لا يطول معه الوقت حتى تعلن جولة فاشلة”.

“تيئيس”.. وبؤس

وفيما قاربَ سياسيون هذا التقرير من زاوية كونه ينطوي على مضمون تيئيسي للبنانيين، وتأكيد على انسداد الافق امام لبنان”، أبلغت مصادر سياسية مسؤولة إلى “الجمهورية” قولها: ليس في ما تضمّنه هذا التقرير ما يُجافي حقيقة ما هو حاصل، ومن هنا لا يبدو في مضمونه اي منحى تيئيسي للناس، بقدر ما هو توصيف دقيق للواقع الاقتصادي والمالي ودور السلطة او السلطات المتعاقبة في مُفاقمته الى الحدود التي بلغها، فالناس تَخطّت اليأس وقيّدها الجوع والوجع في زاوية البؤس، وتكفي نظرة الى وجه الناس ليُقرأ كل ذلك”.

وامّا السلطة، تضيف المصادر، “فقد سبق لها ان حسمت أمرها منذ زمن طويل وخلعت ثوب المسؤولية، ولبست ثوبها الحقيقي كـ”ختيارة” فقدت عكّازيها. وأمّا احزاب الحواصل والمقاعد، فقد ذوّبت الانتخابات الثلج عن نواياها، وبات حقيقة هدفها السامي، وهو العبور على جسر آلالام الناس الى مجلس النواب، إن كانت هذه الانتخابات ستجري في موعدها”؟

إفطار الروحيين

واعتبر السفير السعودي وليد البخاري، خلال إفطار أقيم أمس على شرف رؤساء الطوائف الدينية في لبنان وسائر المشرق، أنّ «المأدبة تُجسّد دور السعودية في نشر ثقافة السلام وسعيها في تعزيز سبل العيش المشترك، وهناك شراكة سعودية فرنسية تُرجمت بإنشاء صندوق مشترك، وسوف يتم توقيع الاتفاقية غداً (اليوم)».

وكشف أنّ «اتفاقية الصندوق السعودي – الفرنسي تتضمن 35 مشروعاً في لبنان تتعلق بقطاع الصحة والتعليم والطاقة».

Leave A Reply