ارتفعت أسعار النفط الخام نحو 3 في المائة أمس، بعدما طمأن البنك المركزي الصيني الأسواق بدعم الاقتصاد المتضرر بسبب الإغلاق العام، نتيجة انتشار إصابات وباء كورونا.
وتلقت أسعار النفط الخام دعما من استمرار الحرب في أوكرانيا وخطط الدول الغربية للتخلص التدريجي من الخام الروسي.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون “إن أسعار النفط الخام قاومت الاتجاه الهبوطي بسبب الثقة بإجراءات الصين لاحتواء التداعيات الاقتصادية الناتجة عن القيود المرتبطة لمواجهة انتشار الجائحة والإصرار على سرعة الوصول إلى مستوى صفر كوفيد”، لافتين إلى أن انخفاض النفط في بداية الأسبوع كان بسبب المخاوف من تفشي الجائحة في الصين وهو ما يؤثر في الاستهلاك بشكل أكبر.
وأوضح المحللون أن الأسعار استقرت نسبيا بعد أن انخفضت إلى أدنى مستوى لها في أسبوعين وسط مخاوف من عواقب ضعف الطلب الإضافية نتيجة الإغلاق في الصين بسبب تداعيات الوباء الذي أثار مشاعر هبوطية في الأسواق على الرغم من انخفاض النفط الروسي وتراجع المخزونات الأمريكية.
وقال سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية، “إن أزمة الصين ضغطت في الآونة الأخيرة على الأسعار بقوة، حيث تراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي 3.5 في المائة لتغلق دون مستوى مائة دولار للبرميل.
وأشار إلى أن إغلاق شنغهاي وهي المركز المالي ذو الثقل العالمي الكبير جعل أكبر مستورد للنفط الخام في العالم يتجه بالفعل إلى أسوأ صدمة للطلب العالمي على النفط منذ الأيام الأولى لاندلاع وباء كورونا، موضحا أن الأزمة في الصين أضافت بالفعل مصدرا آخر لتقلب الأسعار في سوق النفط التي عصف بها تدخل روسيا عسكريا في أوكرانيا.
من جانبه، أكد روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى انفلات واسع في أسعار الطاقة ومن ثم إلى زيادة التضخم العالمي، لافتا إلى أن الأسعار ستتجه إلى استعادة وتيرة الصعود القياسية مع مناقشة الاتحاد الأوروبي وضع إجراءات جديدة لتقييد واردات النفط الخام من روسيا بما يتماشى مع الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأشار إلى أن عديدا من الشركات المالية الأمريكية والدولية تعد تراجع الطلب المحتمل بسبب عمليات الإغلاق في الصين يمثل القضية الأولى في السوق في الوقت الحالي، مبينا أن الطلب انخفض بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا منذ بدء عمليات الإغلاق في شنغهاي وقد يؤثر إغلاق بكين في الطلب بشكل أكبر.
من ناحيته، ذكر ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز أن أسعار النفط الخام تماسكت بعد تراجع واسع وقياسي سابق بسبب استعداد السوق لضخ مزيد من المعروض النفطي، في ظل توقعات استئناف ليبيا ضخ الإنتاج من الحقول المغلقة في الأيام المقبلة.
وأضاف أن “السوق النفطية تتأهب لزيادات إنتاجية قوية أخرى بسبب تسارع أنشطة الحفر الأمريكية إضافة إلى الزيادات التدريجية من جانب تحالف (أوبك +) ومن البرازيل”، لافتا إلى أن تخفيف المخاوف بشأن العرض ساعد على دفع فارق السعر الفوري لخام برنت – الفجوة بين أقرب عقدين – إلى أدنى مستوياته منذ أواخر العام الماضي.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية “إن الاقتصاد الصيني يقع بالفعل تحت ضغوط واسعة وهي تفوق ما حدث في بداية اندلاع الوباء قبل عامين وذلك بعد تضاعف وفيات كورونا ثلاث مرات في شنغهاي في ظل تقارير عن إقامة حواجز معدنية في بعض المناطق للمساعدة على احتواء الوباء”.
وأشارت إلى أن عمليات الإغلاق فادحة في فاتورتها الاقتصادية، حيث تسببت في حدوث مشكلات في سلسلة التوريد وازدحام الموانئ وإغلاق المصانع، ما أدى إلى موجة واسعة من بيع الأسهم الصينية بشكل حاد أكثر مما كانت عليه قبل عامين، موضحة أن سياسة الصين الخالية من الوباء تعني أن الطلب على النفط سيتأثر بشكل أكبر بينما تحاول السلطات السيطرة على تفشي المرض بجهود مكثفة ومتسارعة.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس نحو 3 في المائة، بعدما هدأت المخاوف بشأن الطلب على الوقود في الصين من خلال تعهد البنك المركزي بدعم الاقتصاد المتضرر من قيود كوفيد – 19. وبحسب “رويترز”، سجلت العقود الآجلة لخام برنت عند التسوية 104.99 دولار للبرميل، مرتفعة 2.67 دولار أو 2.61 في المائة أمس.
بينما زادت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند التسوية 101.70 دولار للبرميل، مرتفعة 3.16 دولار أو 3.21 في المائة.
وانخفض كلا الخامين بنحو 4 في المائة الإثنين، حيث هبط خام برنت بما يصل إلى سبعة دولارات للبرميل في الجلسة، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنحو ستة دولارات للبرميل.
وقال بنك الشعب الصيني في بيان أمس “إن الصين ستبقي السيولة وفيرة بشكل معقول في الأسواق المالية، بعد يوم واحد من إعلان البنك المركزي خفض نسبة احتياطي النقد الأجنبي في البنوك لدعم الاقتصاد”.
وعلى صعيد العرض، قال محللون “إن التخلص التدريجي من النفط الروسي من السوق سيستمر في دعم الأسعار”.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 101.93 دولار للبرميل الإثنين مقابل 107.66 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع على التوالي، وأن السلة خسرت نحو تسعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 110.54 دولار للبرميل.
Follow Us: