ايفا ابي حيدر – الجمهورية
بعدما أُرجئ البحث في كل الملفات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الى ما بعد الانتخابات لتبتّ بها الطبقة السياسية الجديدة، وحده ملف الاجور وتعديل بدل تعرفة النقل للقطاعين العام والخاص وضع على طاولة البحث، فهل يُكتب له النجاح في ايام الحكومة الاخيرة؟ وما حظوظ البت به، لا سيما وانّ مرسوم إعطاء زيادة للقطاع الخاص، الذي كان يُفترض ان يدخل حيز التنفيذ في نيسان الماضي، لا يزال عالقاً بانتظار توقيع المالية؟
يزور رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير الاتحاد العمالي العام اليوم ويلتقي رئيسه بشارة الاسمر، للبحث في ملف تعديل بدل تعرفة النقل في القطاعين الخاص والعام، وذلك بعدما اقترب سعر صفيحة البنزين من الـ 500 الف ليرة، على ان يتمّ التواصل لاحقاً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لضمان التلازم في زيادة بدل النقل بين القطاعين الخاص والعام.
يُطرح هذا الملف في الوقت الضائع، وقبل تحوّل هذه السلطة التنفيذية الى تصريف الاعمال مع اقتراب موعد الانتخابات. في حين انّ هذه الحكومة لم تفرج بعد عن مرسوم إعطاء مبلغ مقطوع للعاملين في القطاع الخاص في لبنان قدره مليوناً و325 ألف ليرة، يُضاف إلى الحدّ الأدنى للأجور البالغ 675 ألف ليرة، والذي كان يُفترض صرفه في شهر نيسان الماضي، والذي لا يزال عالقاً في وزارة المالية من دون تقديم اي مبررات مقنعة.
وفق المعطيات المتوفرة، سيطرح رئيس الاتحاد رفع بدل النقل من 65 الف ليرة الى 150 الفاً. وتردّد انّ الهيئات تعتزم ان تقترح رفع بدل النقل الى 100 ألف ليرة بناءً على دراسة اعدّتها في هذا الخصوص.
ويقول رئيس الاتحاد بشارة الاسمر لـ»الجمهورية»، انّ الارقام المطروحة لزيادة بدل النقل قابلة للنقاش، لافتاً الى انّ العمالي طرح الـ150 الفاً استناداً الى دراسة أعدّها يوم كان سعر صفيحة البنزين بحدود 300 الف ليرة، وهذا الرقم تضاعف اليوم مقترباً من الـ500 الف ليرة. ونقل الاسمر في المقابل عن شقير، انّ الهيئات اعدّت دراسة عن كلفة بدل النقل ستستعرضها خلال اللقاء اليوم. واعتبر الاسمر، انّ كل قرار او خطوة تُتخذ تصبّ لصالح العامل هي انتصار ومكسب له، مؤكّداً انّ الارقام التي يطرحها العمالي مقبولة وموضوعية. كما شدّد على انّ اي زيادة في تعرفة بدل النقل للقطاع الخاص ستكون متلازمة مع زيادة في القطاع العام، وقد عرض هذا الموضوع على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي ابدى انفتاحاً وإيجابية، انما يجب إحالة هذا الموضوع الى وزارة المالية للدرس ولحجز اعتماد له. وقال: «لذا نحن نفضّل ان نتوافق على هذه الخطوة مع القطاع الخاص اولاً ثم نطبّق الاتفاق مع القطاع العام تماماً كما حصل في المرة الاخيرة».
وعمّا اذا كان هناك توجّه لاعتماد آلية متحركة لتسعير بدل النقل، قال الاسمر: «في خلال عام تمّ رفع بدل النقل بحدود 3 مرات من 8000 ليرة الى 24 الفاً الى 65 الفاً، ونحن نسعى إلى رفعه للمرة الرابعة». أضاف: «سبق ان طرحنا سلماً متحرّكاً لبدل النقل يتغيّر مع غلاء المحروقات، ونتابع ما اذا كان البت به ممكناً».
وعن الطرح الذي تقدّم به بعض موظفي القطاع العام بتحديد بدل النقل لكل موظف وفق قرب او بُعد منزله عن مكان عمله قال: «هذا الطرح هو لنسف الموضوع، إذ لا يمكننا التمييز بين سكان المدينة والقاطنين خارجها، انما الهدف منه تضييع البوصلة وإدخالنا في متاهة تنظيمية لا تنتهي».
أما عن انعكاس زيادة بدل النقل على اسعار السلع الاستهلاكية للمواطن، بحيث انّه سيصرف كل مكاسبه غلاء معيشة قال: «ما العمل؟ كل شيء الى ارتفاع. ولا يجوز انّه فقط عندما نطالب بزيادة رواتب او نقل للعمال نتخوف من التضخم وانعكاسه غلاء على الاسعار».
وفي ما خصّ ملف الاجور، يقول الاسمر: «بحثنا الموضوع مع وزارة العمل من اجل اطلاق لجنة المؤشر، التي يفترض بها ان تنعقد بصورة دورية، من اجل مواكبة الغلاء المعيشي وانجاز بدل مقطوع الى الموظفين، على غرار ما اتُفق عليه اخيراً برفع الحدّ الأدنى الى مليوني ليرة بزيادة مليون و325 الفاً التي باتت في طريقها الى التنفيذ». واشتكى الاسمر من البطء بتنفيذ الاتفاقات. وأكبر دليل على ذلك انّ الزيادة على الاجور لم تأخذ حتى الساعة طريقها الى التنفيذ.
وعن إمكانية إنجاز هذه الملفات قبل الانتخابات، لفت الاسمر الى انّه يمكن القول انّ البت بها مؤجّل الى ما بعد الانتخابات، لكن اذا كانت النوايا سليمة يمكن برعاية وزير العمل الاتفاق على الارقام في اقرب وقت، على ان يصدر المرسوم ويصبح قابلاً للتنفيذ في غضون اسبوع او اثنين، اي انّ ممكناً ذلك قبل الانتخابات. او حتى اذا كانت النوايا سليمة يمكن «اعلان نوايا» عن الزيادة المقرّرة بانتظار صدورها بمراسيم».
ماذا عن رأي القطاع الخاص؟
في مقابل هذا التفاؤل من الاتحاد العمالي بسهولة التوصل الى اتفاق على رفع تعرفة النقل حتى قبل الانتخابات، لا بدّ من التوقف عند موقف اصحاب العمل. وفي السياق، جزم نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش عبر «الجمهورية»، انّ «هذا الموضوع غير قابل للبحث اليوم قبل صدور مرسوم اعطاء مبلغ مقطوع للعاملين في القطاع الخاص الذي أُقرّ قبل شهرين، وكان يفترض ان يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من شهر نيسان الماضي الّا انّه لا يزال عالقاً في وزارة المالية».
وقال: «لا قدرة للقطاع الخاص على دفع اي «فرنك» اضافي في هذه الظروف. والاتحاد العمالي العام يعرض رفع بدل تعرفة النقل الى 150 الفاً، الّا انّ الهيئات الاقتصادية لم تطرح دفع اي مبلغ لأن ليس بمقدورنا ذلك. فالوضع الى مزيد من التدهور ولا بصيص نور في ظلمة هذا النفق الذي نعيشه، فحتى الآن لم ترفع المملكة السعودية حظرها عن الصادرات ولا حتى البحرين، ولا بوادر لذلك، حتى انّه لا يزال يُفرض علينا قبل الدخول الى السعودية المكوث في بلد غير لبنان 15 يوماً، وهذا دليل على انّ المشكلة السياسية لا تزال قائمة، ناهيك عن عدم توفر اي حلول جديدة في مسألة تهريب الكبتاغون، ولا بوادر اتفاق على اي خطة للتعافي، ولا الكابيتال كونترول ولا غيرها من الملفات الساخنة المؤجّلة الى ما بعد الانتخابات، في حين انّ القدرة الشرائية للمواطنين في تراجع مستمر».