نون- اللواء:
ماذا بقي من الإستقلال في دولة مفلسة، وسلطة منهارة، ومنظومة سياسية فاشلة وفاسدة ؟.
ماذا يعني الإستقلال في وطن تحولت فيه السيادة إلى وجهة نظر، وأصبحت فيه الديموقراطية مجرد شعار، وبات الإصلاح مجرد كلمة تلاشى حبرها على الورق؟ كيف يمكن الحديث عن الإستقلال في بلد نصف عاصمته مدمر ومرفأها ركام وشوارعها غارقة في الظلام، والنفايات مكدسة في الطرقات؟.
ما نفع الكلام عن الإستقلال في خضم الإنهيارات المتلاحقة، والتي قضت على أهم مقومات الحياة الكريمة للبنانيين، وكشفت حجم العجز والفشل الذي يتخبط فيه أهل الحكم؟.
ولعل من سوء الصدف أن يحل يوم الإستقلال عشية إعلان فشل محاولة التدقيق الجنائي لمعرفة مسارب الهدر والنهب لأموال الدولة والمودعين، وذلك عبر إنسحاب شركة «ألفاريز ومارسال» من الإتفاقية المبرمة مع وزارة المال للتدقيق في حسابات البنك المركزي والأموال المحوّلة إلى الخارج، بعد تعذر الحصول على المستندات والوثائق اللازمة من الإدارات المعنية.
فشل التعامل مع الشركة الفرنسية للتدقيق الجنائي ليس الأول من نوعه في سجل الحكم والحكومة المستقيلة، حيث كان فشلها في المحادثات مع صندوق النقد الدولي مدوياً، وأثار إرتدادات زلزالية على الوضع المالي في البلد، خاصة وأنه حصل بُعيْد قرار الحكومة المدمر بعدم تسديد أموال اليوروبند المستحقة، دون الإعداد لإجراء مفاوضات مع الدائنين، حيث أدى التهرب من هذه المفاوضات حتى الآن، إلى إنهيار قيمة الليرة اللبنانية، وفقدان لبنان مصداقيته وصيته الحسن في أسواق المال الدولية، لأن هذا التخلف عن الدفع كان الأول من نوعه في مسار المديونية اللبنانية.
إنسحاب «الفاريز ومرسال» بهذه الطريقة العلنية والدرامية، يعني أن منظومة الفساد ربحت الجولة على المحاولة الإصلاحية الخجولة التي لم يدافع عنها حتى وزير المال نفسه، الموقّع على الإتفاقية مع الشركة الفرنسية.
لبنان خسر ورقة جديدة على درب الإصلاح والإنقاذ، والمنظومة الحاكمة لم يرف لها جفن، وقد تكون اعتبرت إنسحاب الشركة الفرنسية إنجازاً جديداً لها على درب الفساد والنهب والإستئثار بالمال العام!