مما لا شك فيه أنّ الانتخابات النيابية القادمة في الخامس عشر من أيّار تحمل في طيّاتها الكثير من المتغيّرات السياسية على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي، وستنعكس بشكل مباشر على جملة الأحداث الداخلية الراهنة لا سيما الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية. ومما لا شك فيه أيضًا أنّها ستحمل متغيّرات تضع البلاد أمام اصطفافات جديدة لا سيما والحصار القائم كان يهدف الى اضعاف بيئة معينة ولكن “فِلت الملَق” في مرحلة معينة نتيجة الجشع الكبير الذي ضرب مجموعة من المستفيدين على حساب تجويع الناس.
حاول كثيرون بلبلة الأوضاع الداخلية بهدف خلق جو من الفوضى عبرها يتم تطيير الانتخابات، ولكن القرار الدولي والاقليمي جاء عكس توقعات هؤلاء، وفرض اجراء الانتخابات النيابية في موعدها ليُبنى على الشيء مقتضاه. والقاصي والدانييعرف مسبقًا أن الفئة المستهدَفة لا يستطيع أحد اسقاطها عبر صناديق الاقتراع لما تملكه من شعبية واحتضان على مساحة واسعة من الوطن، لا سيما في المناطق التي تعتبر هي صاحبة النفوذ فيها. وليس القصد خسارة مقعد نيابي هنا أو كسب آخر هناك، فحجم التمثيل لهذه الفئة معروف نيابيًّا وحكوميًّا، إنّما الهدف هو اظهار تراجع حجم التمثيل والاحتضان الشعبي لها.
جهات عدة حاولت اظهار الثنائي الوطني رأس حربة للفساد في الدولة شريكًا وحاميًا، ودفعت أموالاطائلة وسخّرت محطات تلفزيونية ووسائل إعلام ومواقع هدفها تشويه صورة الثنائي الوطني وضرب رموزه القيادية، وشنّت حملات شعواء تهدف الى زعزعة المكانة التي يحتلّها رمزا التحدّي والصمود السياسي والعسكري دولة الأخ الرئيس نبيه بري وسماحة السيد حسن نصر الله، اضافة الى قياديين بارزين سيقت بحقهم جميع الاتهامات والافتراءات دون مبرّر ومسوّغ ماديّ حقيقي. كل هذا ضمن استراتيجية معدّة في غرف سوداء تعمل جاهدة ليل نهار لترسيخ مفهوم عام لدى القاعدة الشعبية في اطار حروب الجيل الخامس التي تستخدمها جهات خارجية بأدوات داخلية معروفة التوجّه.
نسمع في الآونة الأخيرة الكثير من الناس يعلنون مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة بحجّة الانتفاض والاعتراض على واقع وصلنا اليه وأوصلتنا إليه السلطة القائمة، ويبقى التساؤل الأهم هل الثنائي الوطني هو الذي أوصل البلاد الى ما وصلت اليه من تفكّك وسقوط في آتون الضياع؟ وهل الثنائي الوطني هو المسؤول عن تحديد السياسة المالية؟ هل الثنائي هو مَن رسم السياسات الاقتصادية المبنية على الوكالات الحصرية؟ هل الثنائي هو الذي رسم نهج الاتصالات التي تعتبر الأغلى في العالم؟ وهل الثنائي هو الذي جلب بواخر السمسرات بدل تشغيل وانشاء معامل الكهرباء؟ وهل وهل واللائحة تطول وتطول…
من المعيب في مكان ما تحميل الثنائي الوطني مسؤولية ما حصل ويحصل في البلاد وجحد دوره الوطني الكبير في التقديمات والتضحيات وبذل الغالي والنفيس على مستوى الوطن دون تفرقة. ومن المعيب أيضًا نكران ما قدّمه وقام به طيلة الفترة السابقة خاصة بحق أهل الجنوب.
نعم هي انتخابات نيابية تشريعية غايتها انتاج مجلس نيابي قادر على التشريع وسنّ القوانين التي من شأنها اصلاح ما أفسدته الطائفية البغيضة التي حاربها الامام الصدر، وهي أيضًا انتخابات مصيرية سينتج عنها مسار سياسي ومصير وطني، ولأجل هذا سيكون الخامس عشر من أيّار يوم الوفاء لنهج ارتضيناه ومسيرة مشيناها ورويناها من دمنا. لنؤكّد حقنا الوطني في دحر المحتل وحفظ كرامة الوطن والوقوف في وجه جميع المحاولات العاملة على ضرب وحدة البلاد وكشفه أمام العدوّ.
هي انتخابات مصيرية لأنها سترسم مستقبل لبنان السياسي في مرحلة هي الأخطر في تاريخ الجمهورية اللبنانية بعد الحرب الأهلية، لما تشهده من شراسة لتحويل الصراع السياسي الى صراع مذهبي طائفي مناطقي يهدف الى اعادة صورة الانقسامات الطائفية الى أذهان اللبنانيين.
لذا سيكون الخامس عشر من أيّار فرصة جديدة لترسيخ نهج الامام الصدر في وحدة لبنان ومناعته وصموده لأنّه بالوحدة أمل.
حيدر أ. حيدر