شبّه بوتين هجوم قواته على أوكرانيا بـ”القتال السوفييتي” في الحرب العالمية الثانية، وسط حشود عسكرية في الساحة الحمراء، ما يثير كثيراً من التساؤلات عما إذا كانت روسيا مستعدة لجر أوروبا والعالم بأسرة إلى حرب عالمية ثالثة بنكهة نووية لا تُبقي ولا تذر.
في الذكرى الـ77 لانتهاء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، والتي تعتبر أكبر مآسي القرن العشرين إذ شارك فيها بصورة مباشرة أكثر من 100 مليون شخص من أكثر من 30 بلداً، وبينما اكتفت الدول الأوروبية المنتصرة بإحياء المناسبة باحتفالات متواضعة، اكتسبت احتفالات يوم النصر في روسيا صباح اليوم أهمية خاصة في ظل الهجوم الروسي على أوكرانيا.
فيما شارك في العرض العسكري في الساحة الحمراء وسط موسكو أكثر من 13 ألفاً من قوات الجيش الروسي تخليداً لذكرى انتصار جيش الاتحاد السوفييتي على القوات النازية في الحرب العالمية الثانية، ومحاولة من الكرملين لرفع معنويات جنوده الذين يقاتلون في أوكرانيا من طرف، وبث الرعب في نفوس دول أوروبا من الطرف الآخر.
وفي خطابه الذي افتتح به العرض العسكري، شبّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما يصر على وصفه بأنه “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا بـ”القتال السوفييتي” في الحرب العالمية الثانية، وشدد على أن روسيا كانت تواجه “تهديداً غير مقبول إطلاقاً” في أوكرانيا. الأمر الذي يثير كثيراً من التساؤلات عما إذا كانت روسيا مستعدة لجر أوروبا والعالم بأسرة لحرب عالمية ثالثة بنكهة نووية لا تبقي ولا تذر.
تهديدات روسية مستمرة
خلال عملية موسكو العسكرية المستمرة ضد أوكرانيا، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكثر من مرة من عواقب “نووية مدمرة” لحرب عالمية ثالثة.
وفي السياق ذاته، صرح دميتري روغوزين مدير وكالة الفضاء الروسية “روس كوسموس” على قناته عبر تليغرام أمس الأحد (قبيل ساعات من انطلاق احتفالات النصر في الساحة الحمراء وسط موسكو)، بأن روسيا قادرة على تدمير دول حلف الناتو خلال نصف ساعة فقط في حال اندلاع حرب نووية بين الطرفين.
من جانبه يصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وصف الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه “عملية عسكرية خاصة”؛ لنزع سلاح أوكرانيا ومنعها امتلاك سلاح نووي بدعم غربي، فضلاً عن تخليصها من قبضة النازية المعادية لروسيا، والتي تسيطر على الحكومة الحالية برئاسة فولوديمير زيلينسكي.
وعلى الرغم من التزام أوكرانيا “مذكرة بودابست”، التي نصت على تسليم الدولة الأسلحة النووية مقابل ضمانات أمنية، لم يستبعد زيلينسكي إمكانية مراجعة كييف لتلك الالتزامات، خصوصاً وأن أوكرانيا وداعميها الغربيين يقولون: إن روسيا شنت حرباً غير مبررة.
الناتو يرفض سماع موسكو
في معرض حديثه في الذكرى الـ 77 ليوم النصر الروسي على النازية، قال بوتين: ” توجد محاولات لتشويه التاريخ وإثارة الكراهية ضد الروس”، مشيراً إلى أن القوات الروسية في أوكرانيا “تقاتل من أجل الناس في منطقة دونباس، ومن أجل أمن روسيا”. وأضاف: “العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا رد ضروري وفي الوقت المناسب على السياسات الغربية”.
وبينما شدد الرئيس الروسي على أنه “يجب بذل كل الجهود لتفادي أهوال اندلاع حرب شاملة”، لفت أيضاً إلى أن موسكو عرضت العام الماضي على دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) التوقيع على معاهدة أمنية، لكنه أشار إلى أن هذه الدول “لم ترغب في سماع موسكو”.
وأردف: “لديهم خطط مختلفة تماماً، وكان يجري التحضير لهجوم على شبه جزيرة القرم”، وأوضح أن الحلف “بدأ التطوير العسكري للمناطق المجاورة لروسيا”.
حرب ثالثة بنكهة نووية
منذ أن هاجمت روسيا أوكرانيا أواخر فبراير/شباط الماضي، وفي ظل تهديدات المسؤولين الروس المستمرة من عواقب حرب “نووية ومدمرة”، أعرب كثير من الخبراء عن قلقهم العلني من أن الصراع المتصاعد قد يؤدي إلى اندلاع الحرب العالمية الثالثة، خصوصاً وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال لشبكة إن بي سي نيوز منتصف مارس/آذار الماضي إن “حرباُ عالمية ثالثة ربما تكون بدأت بالفعل”.
ووسط هول التهديدات والتصريحات القادمة من طرفي الصراع في الحرب الأوكرانية المستمرة منذ ما يقرب من 3 شهور، بدأت الصحافة العالمية، وبالأخص الغربية، نشر المقالات والتحليلات التي تنذر ببدء حرب عالمية ثالثة تأتي على الأخضر واليابس، إذ عنون بريت ستيفنز كتابه عن الغزو الروسي لأوكرانيا: “هكذا تبدأ الحرب العالمية الثالثة”، فيما تساءلت الصحافة البريطانية عما إذا كانت “الحرب العالمية الثالثة أصبحت الآن حقيقة واقعة في أوروبا؟”.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ اليوم الثالث للغزو أمر بوتين، الذي يسيطر على أكبر ترسانة نووية في العالم، بوضع قوات الردع النووية في حالة تأهب قصوى. فيما يرى الخبراء أن عجز روسيا عن تحقيق انتصار حقيقي في أوكرانيا قد يجر المنطقة برمتها إلى حرب نووية تبدأ باستخدام القوات الروسية قنابل نووية تكتيكية من شأنها أن تفتح باب الجحيم على مصراعيه في وجه أوروبا.
Follow Us:
TRT