هيام عيد – الديار
مع طي صفحة الإنتخابات النيابية وإقفال صناديق الإقتراع، شهد جدول الأولويات تبدلاً من حيث المهام المطروحة على عاتق المجلس النيابي الجديد، حيث ترى مصادر نيابية واسعة الاطلاع، أنه وبمعزل عن التراشق والصراعات التي سُجّلت على هامش العملية الإنتخابية وفي الأسابيع التي سبقتها، فإن الإهتمام قد انتقل اليوم إلى المسؤوليات التي تنتظر المجلس الجديد تقع على عاتق البرلمان اللبناني الجديد، والتي سيكون في مقدمها مواجهة الوضع الصعب مالياً واقتصادياً وخدماتياً ، من خلال إقرار مشاريع قوانين وإصلاحات ملحّة يشترطها صندوق النقد الدولي من أجل إنقاذ لبنان العاجز عن تخطي الأزمة المالية الحادة منذ أكثر من عامين.
لكن المصادر النيابية نفسها، لا تبدي تفاؤلاً لجهة التوصل إلى توافق سياسي بين الكتل النيابية التي سيضمّها البرلمان الجديد، خصوصاً في حال أتت الخارطة السياسية فيه مشابهةً للخارطة الحالية والتي عجزت طوال عامين ونصف عن إقرار تشريع أو قانون لضبط التحويلات المالية إلى الخارج. وبالتالي، فإن التحدي ذاته قد انتقل من برلمان 2018 إلى برلمان 2022، وكذلك المشهد السياسي المتوتر والمنقسم، ما يعني ومن الناحية العملية، إنتقال الخلاف السياسي وبالتالي استحالة تأمين أرضية توافق ولو بالحد الأدنى على مقاربة الحلول للأزمات المستعصية.
وعليه، فإن المصادر نفسها تعتبر أن الإنزلاق نحو الخلاف السياسي ومن دون التركيز على الإستحقاقات المالية والإقتصادية خلال مرحلة ما قبل الإنتخابات النيابية، يشكل نوعاً من الإلتفاف حول المسؤوليات والتحديات الأساسية، وربما المزيد من تأجيل الحلول المنشودة، مع العلم أن الواقع المالي على وجه الخصوص في الأسابيع المقبلة، لا ينذر بالتفاؤل في ضوء كلّ ما يتم تداوله عن شروط يطلبها صندوق النقد على الحكومة، وتبدأ بتحرير سعر صرف الدولار وإقرار قانون الكابيتال كونترول، في إطار خطة التعافي المطروحة للخروج من حال الإنهيار، أو على الأقلّ لجمه من خلال إجراءات وتدابير ضرورية ومتوقعة من قبل اللبنانيين كما من قبل صندوق النقد.
وعليه، توضح المصادر النيابية نفسها، أن صندوق النقد وبناءً على الإتفاق الأولي الموقع مع الحكومة اللبنانية، قد اشترط إجراءات مسبقة قبل إطلاق المرحلة المقبلة من عملية التفاوض للحصول على دعم مالي، ولكنها تلفت، وفي الوقت نفسه إلى أن الإتفاق الأولي هو إعلان نيات، وعدم التزام أي طرف به يعني سقوطه تلقائياً. وتستدرك المصادر مشددةً على أن عدم السير بعملية التفاوض والإتفاق مع الصندوق، يعني خسارة الفرصة الوحيدة الموجودة أمام لبنان، وهو ما قد باتت في صورته المرجعيات السياسية والروحية كما المالية والإقتصادية، وقد سبق وأن كشف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن ذلك عندما تحدث عن عدم وجود خيار آخر غير الإتفاق مع صندوق النقد، وأن ما من تطور جدي على المستوى الإجتماعي سيتحقق إلاّ بعد التفاهم مع صندوق النقد على برنامج تمويل.