غسان ريفي – سفير الشمال
بدا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منزعجا في كلمة جردة الحساب لحكومته التي وجهها للشعب اللبناني بعد الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء أمس، وقبل الدخول منتصف ليل السبت – الاحد في مرحلة تصريف الاعمال، حيث من المفترض ان يتسلم النواب الجدد مهامهم التشريعية اعتبارا من يوم الاثنين المقبل.
انزعاج ميقاتي فسره مراقبون بأنه ناتج عن فضيحة قيام وزير الطاقة وليد فياض بسحب طلب تكليف مجلس استشاري دولي باعداد دفتر شروط لانشاء معملين للكهرباء بقوة 1000 ميغاوات على الغاز في دير عمار والزهراني من جلسة مجلس الوزراء الاخيرة ليحرم اللبنانيين من التغذية الكهربائية الكاملة.
لم يكن هناك أي مبرر منطقي لقيام وزير الطاقة بهذا التصرف “الفصيحة” والذي من شأنه ان يؤخر المشروع الى حين تشكيل الحكومة الجديدة والتي ما تزال في علم الغيب.
ولم يجد المراقبون في تصرف الوزير فياض سوى خطوة “برتقالية” انتقامية اصابت اللبنانيين التواقين الى التغذية الكهربائية والاستغناء عن المولدات في الصميم، وهي ربما تكون بطلب من مرجعيته السياسية المتمثلة بالتائب جبران باسيل كرد على الرئيس ميقاتي الذي لم يسمح له بتمرير اي مشروع من دون ذي جدوى في حكومته من معمل سلعاتا الى سد بسري الى الميغاسنتر، اضافة الى التشكيلات الدبلوماسية
وغير ذلك مما كان يمكن ان يستفيد منه انتخابيا.
وبدا واضحا ان باسيل لا يريد اضافة انجاز جديد لحكومة ميقاتي التي نفذت ما تعهدت به في بيانها الوزاري لا سيما إقرار الموازنة ومساعدة العائلات الاكثر فقرا والتي يتجه عددها الى نحو 150 الف عائلة، الى قطع شوط كبير في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، الى اعادة المياه الى مجاريها في العلاقات الدولية والعربية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها ومنع انهيارها، إضافة الى اجراء الاستحقاق الاهم المتمثل بالانتخابات النيابية التي شهد الداخل والخارج على ديمقراطيتها وشفافيتها وحيادية الحكومة فيها.
لذلك فقد سارع الى اجبار وزير الطاقة على سحب ملف معملي دير عمار والزهراني من الجلسة الحكومية الاخيرة لعدم استكمال هذه الانجازات ولتحويل ملف الكهرباء الى الحكومة الجديدة التي يرفض باسيل ان تكون تكنوقراط ويصر على ان تكون سياسية عله بذلك يعود الى تسلم وزارة الطاقة بما يمكنه من التحكم في هذا الملف بالرغم من كل اتهامات الفساد التي تساق ضد تياره في هذه الوزارة من الحلفاء قبل الخصوم
يبدو واضحا ان باسيل لم يهضم فكرة خسارته معمل سلعاتا الذي وقف الرئيس ميقاتي سدا منيعا امام إقراره لا لشيء بل لأنه يشكل بابا من ابواب الهدر خصوصا ان ما قد ينتجه المعملين في دير عمار والزهراني يكفي للتغذية الكهربائية الكاملة وهذا ما يريد باسيل اثبات عكسه بضرورة انشاء معمل في سلعاتا الذي سيرهق الخزينة بتكاليف ضخمة لا سيما بما يتعلق بالاستملاكات.
خطوة الوزير وليد فياض الانتقامية بطلب من باسيل سيكون لها تداعيات سلبية جدا على واقع الكهرباء في لبنان، ما يؤكد ان رئيس التيار الوطني الحر وبالرغم من الصفعة التي تلقاها في الانتخابات النيابية لم يبدل من سلوكه ولا من اصراره على تقديم مصلحته الشخصية على المصالح الوطنية العليا، وهو عمل على تشويه صورة الوزير فياض قبل استقالة الحكومة، والذي بحسب مطلعين بدا مربكا قبل الجلسة وخلالها كونه لم يستطع ان يقدم اي تبرير مقنع لفعلته، كما ان بيانه التوضيحي الذي اصدره ان يُقنع احدا.