حسن الدر –
هو القابض على جمر الوحدة في زمن الفتنة، والسالك طريق الحوار ذات تفرقة.
أقلَّ فيه المبغضون وغالى فيه المحبّون، وهو هو واحدٌ بين ذين وذين، لا يزيده المدح فخراً ولا ينقصه الذّمّ تواضعاً!.
وإن كنتُ شاهداً من أهله، فإنّ الكلام عن نبيه برّي مخاطرة توقع خصومه في شبهة المديح، فكيف بمن يحاول إنصاف من جار عليه بعض الأقربين وأكثر الأبعدين وعادوا، كعادتهم، ليقرّوا له بفائض الحكمة ووافر الحنكة في تدوير الزّوايا الحادّة، وتبريد الرّؤوس الحامية؟
الرّجل الّذي تخطّى الثّمانين ولم يسأم تكاليف السّياسة كما سئم “زهير” تكاليف الحياة، بل لوى عنان الظّروف وكيّفها لتؤكّد حضوره كمحور ارتكاز تدور حوله المعارك، ثمّ تبنى بناء على موقفه المواقف.
هو الشّيعيّ الخارج من تحت عباءة الامام موسى الصّدر، العقائديّ المنفتح، والملتزم المتحرّر، الثّابت على السّلاح في وجه “إسرائيل” والمتحوّل إلى السّلام في قلوب اللّبنانيين.
هو المسلم الأمميّ، السّنيّ الهوى والعربيّ الانتماء، الضّارب في عمق سوريا شريان عبور نحو المرجعيّة الرّشيدة في العراق، ليطوف بمكّة حول كعبة الوحدة الإسلاميّة، وقبل أن يعود إلى القدس، عاصمة السّماء في الأرض، ليتمّ رحلة حجّ الانتماء ييمّم وجهه جهة قمّ المقدّسة، ولا ينسى أرض الكنانة من سهام حبّه.
هو المسيحيّ المعمّد قلبُه بخمر قانا، معجزة المسيح الأولى، ودمها القاني المسفوح مرّتين، والمترنّم صوتُه بأسماء المدن والقرى الّتي دخلها دخول الفاتحين لمشاريع الانماء بعد التّحرير، من دبل وعين ابل ورميش ومغدوشة، وهو الواقف على أعتاب بكركي والدّيمان مستأذناً سادتها: خريش وصفير والرّاعي، راضياً بما يرضون ومسلّماً بما يسلّمون به.
وهو الدّرزيّ الخبير بهواجس الصّديق اللّدود، الذي لا يخطئ البوصلة مهما تقلّب على جمر المواقف، والمُجلّ للمشايخ الأجلاء وعمائمهم البيضاء من خلوات البياضّة إلى شواطئ خلدة ومعاصر الشّوف عالية.
كثر مرّوا في تاريخ لبنان القديم والحديث، زعماء ورؤساء وقادة، وواحد عاصر لبنانين قائداً ووزيراً ورئيساً لولاية سابعة، هو ليس ديكتاتوراً ولا ملكاً ولا أميراً يتربّع على عرش موروث، بل متربّع على عرش قلوب محبّيه وثقة حلفائه وعجز خصومه عن مجاراته.
بعد ثلاثين عاماً سيعاد اليوم انتخاب نبيه برّي رئيساً لمجلس النّوّاب بعدد من الأصوات المتعدّدة من مختلف الطّوائف والأحزاب والمناطق، ويترك لنائبه خوض معركة قد تكون متكافئة بين اتّجاهين متباينين، ويثبتُ مجدّداً أنّ المراحل مهما تغيّرت، يبقى هو خطًّا ثابتاً ومتحوّلاً داخل دائرة المقاومة اللّبنانيّة والوحدة الوطنيّة.