كتبت صحيفة “الديار” تقول: بانتظار وصول الموفد الاميركي هوكشتاين الاحد او الاثنين الى بيروت لمتابعة ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي، تتكثف الاتصالات في بيروت للوصول الى موقف رسمي موحد رغم الاجواء المتوترة والتشكيك في امكانية قيام لبنان بارسال رسالة الى الامم المتحدة تعترف بحدوده المائية في الظروف الحاضرة. هنا تطرح اسئلة عميقة وجدية ومستغربة عن الاسباب التي تمنع لبنان حتى الان من التنقيب عن النفط في حقوله غير المتنازع عليها؟ و ما هي الاسباب الحقيقية وراء عدم قيام الحكومة بالزام الشركات التنقيب عن نفطه في هذه الحقول، وعلى الحكومة اللبنانية ان تجيب عن هذا السؤال المركزي، كونه الطريق الوحيد لخلاص الشعب اللبناني من كل أزماته بعيدا عن المزايدات ومعارك استحقاقات ٢٠٢٢ الرئاسية.
ويؤكد المتابعون للملف، أن التأخير في استخراج الغاز، تقف خلفه واشنطن وهوكشتاين شخصيا الذي مارس الضغوط على الشركات ومنعها من المباشرة باستخراج الغاز قبل بدء العدو الاسرائيلي بسحب غازه، والدليل ان شركة توتال طلبت تأجيل التنقيب في البلوك ٩ لمدة ثلاث سنوات وحصلت عليه في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ ٢٠٢٢/٥/٥. كما لم تتقدم اي شركة جديدة لديها قدرة الحفر في المياه العميقة للتنقيب في المياه اللبنانية خلال دورة التراخيص الثانية التي تنتهي في ١٥ حزيران، وتفيد معلومات وزارة الطاقة انه لا يوجد اي شركة راغبة بذلك.
ويضيف المطلعون على الملف، ان الطريقة الوحيدة لبدء التنقيب في البلوكات الجنوبية وغيرها لن تتحقق الا من خلال منع الاسرائيلي من بدء الانتاج من حقل كاريش، وكان من المفترض على لبنان التحرك دوليا لمنع سفينة الانتاح FPSO من الوصول الى حقل كاريش وبدء انتاج الغاز قبل اواخر الشهر الحالي لمصلحة شركات الكهرباء لدى العدو، لكن لبنان لم يتحرك رغم التحذيرات التي اطلقها العميد بسام ياسين وكشف عنها منذ شهر واكثر عن انطلاق الباخرة من ميناء سنغافورة الى المياه الاقليمية للعدو الاسرائيلي ومنها الى المناطق النفطية المتنازع عليها، وعلى بعض المسؤولين اللبنانيين ان يدركوا انه باستطاعة العدو البدء بسحب الغاز خلال ايام من كاريش بواسطة الانابيب وطرق عديدة، بعد ان حاولوا التخفيف من وطأة القرار الاسرائيلي والايحاء بأن الباخرة لم تدخل المناطق المتنازع عليها وما زالت بعيدة ثلاثة أميال عن جنوب الخط ٢٩.
وحسب المطلعين على الملف، ان الشركات العالمية تخاف من العمل في المياه اللبنانية بسبب وجود رسالة اسرائيلية ارسلت الى الامم المتحدة بتاريخ ٢٠٢١/١٢/٢٣ تحذر الشركات من العمل لمصلحة لبنان في البلوكات الجنوبية بعد ان فتح لبنان دورة التراخيص الثانية.
ويؤكد المطلعون على الملف، ان الحل الوحيد في منع الاسرائيلي من استخراج الغاز يكمن في الاستناد الى رسالة لبنان التي ارسلت الى الامم المتحدة بتاريخ ٢٠٢٢/١/٢٨ ردا على الرسالة الاسرائيلية، والرسالة اللبنانية تعتبر ان كامل المنطقة التي تضم حقل كاريش هي منطقة متنازع عليها.
وتجدر الاشارة، ان ايران ليس لديها شركات قادرة على التنقيب في المياه العميقة، وهي تنتظر رفع العقوبات عنها لتتعاقد مع شركة توتال للتنقيب عن الغاز في احد اكبر الحقول لديها.
و يتبين حسب المتابعين للملف وبكل صراحة، أن الخلافات والتباينات بين المسؤولين اللبنانيين لا سيما بين المستشارين في القصور والوفد اللبناني المفاوض حول موضوع الخط 29 والخط 23، ولكل طرف منهم فريق يؤيده ويقدّم له الأدلة والخرائط الفنية اللازمة، هي السبب الحقيقي في عدم حسم الأمور في الوقت الحاضر، وهذا ما عبر عنه ميقاتي بالقول: «الخط ٢٩ هو أصلا خط تفاوضي، وانا شخصيا لست على استعداد للقيام بأي عمل ارتجالي يعرض لبنان للمخاطر، هذا الموضوع يحل بدبلوماسية عالية وبروية»، مشيرا الى عقد اجتماع مع عون لاعلان موقف موحد من مفاوضات الترسيم، ملمحا الى أمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء اذا دعت الحاجة. وعلم ان الرئيس بري قد ينضم الى الاجتماع بين عون وميقاتي، وعلم ايضا ان لبنان سيبلغ رسميا الموفد الاميركي التزامه بالخط ٢٣ مستقيما والخط ٢٩ هو خط تفاوضي كما اعلن ميقاتي؟ وحسب المتابعين لهذا الملف، لن يتجرأ أي مسؤول في الدولة اللبنانية حاليا على توقيع المرسوم ٦٤٣٣ وارساله إلى الأمم المتحدة، وبالتالي فإن الخلاف السياسي المحلي هو العائق الحقيقي والفعلي في عدم تبلور موقف وطني جامع حول الحدود، وهذا الامر يجب حله سريعا من المسؤولين قبل وصول الموفد الاميركي الذي ما زال متمسكا بطرحه لجهة قيام شركة واحدة باستخراج الغاز من المناطق المتنازع عليها وتوزيع الارباح والحصص بين الشركة المنتجة ولبنان والعدو الاسرائيلي، وهذا ما يفتح الطريق الى التطبيع المالي بين لبنان واسرائيل، وهذا الطرح يتمسك به الموفدون الاميركيون منذ ٢٠١٥، وبالتالي فان الوسيط الاميركي هو وسيط غير نزيه، وقد استغل الفترة الماضية باطالة أمد المفاوضات لاعطاء العدو الوقت الكافي ليستكمل تجهيز البنى التحتية لحقل كاريش، ومن ثم توقيع العقود واستقدام المنصة لاستخراج النفط، وبالتالي فان الوسيط الاميركي ليس فقط منحازا وانما متواطئ ومتآمر لاعطاء العدو كل الوقت الذي يحتاج اليه لأنهاء استعداداته، كما ان الموفد الاميركي متمسك بأن حدود لبنان النفطية هي الخط ٢٣ «وتعرجاته»، رافضا اي تعديلات عليه، وهذا ما دفع بعض المتابعين الى وصف مهمة هوكشتاين بالمستحيلة، كونه لا يحمل جديدا واقصى ما سيعلنه استئناف مفاوضات الترسيم في الناقورة، وبالتالي ماذا تنتظر الحكومة اللبنانية من هوكشتاين الملتزم وجهة النظر الاسرائيلية؟ وهذا الانحياز الاميركي لاسرائيل كشف عنه وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض من الاردن بالقول: «ان الموافقة النهائية من الادارة الاميركية على مشروع جر الكهرباء من الاردن الى لبنان عبر سوريا لم تصدر بعد، وان هناك تأخرا عن التوقعات بالرد منذ ٣ أشهر» ودعا فياض « المجتمع الدولي الى التدخل لإنصاف لبنان في أحقيته باستخراج النفط والغاز من مياهه الاقليمية في البحر المتوسط».
وفي موازاة الموقف اللبناني المنقسم وغير الموحد، كان لافتا البيان الاسرائيلي المشترك من وزراء الدفاع والخارجية والطاقة في حكومة العدو بشأن مفاوضات الترسيم، وصدر البيان لأهميته باللغات العبرية والعربية والانكليزية وأعلن مواقف حاسمة حملت تأكيدا أن سفينة التنقيب عن الغاز في كاريش تقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لاسرائيل، ولن نستخرج الغاز من المناطق المتنازع عليها مع لبنان، والتأكيد ايضا على الدفاع عن اصول اسرائيل الاستراتيجية، وان حقل كاريش هو احد أصولنا الاستراتيجية ومصممون على الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لاسرائيل، وان منصة كاريش لن تضخ الغاز من المنطقة المتنازع عليها، وقد وصفت الصحف الاسرائيلية البيان بانه بيان استسلام امام تهديدات المقاومة ورسالة ايجابية للبنان قبل خطاب امين عام حزب الله اليوم.
كلمة لنصرالله اليوم
وفي المقابل، فان كل الانظار متجهة الى ما سيعلنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في هذا الملف مساء اليوم، وفي المعلومات ان المسؤولين اللبنانيين تبلغوا موقف المقاومة الصريح والواضح بالوقوف خلف الدولة في موضوع الترسيم، لأن المقاومة لن تكون، لا جزءا من الترسيم ولا من مفاوضات الترسيم، وعندما تقرر الدولة أين حدودها يصبح واجبا على كل اللبنانيين بمن فيهم المقاومة الدفاع عن ثرواتهم ووجودهم .
كما يخشى المطلعون على الملف، ان يكون التوقيت الاسرائيلي باثارته حاليا امرا مشبوها فيه، والهدف منه توتير الاجواء لضرب موسم الاصطياف ومنع لبنان من التقاط أنفاسه، بعد المعلومات عن وصول مليون و ٢٠٠ الف مغترب لبناني و٨٠٠ الف سائح من العراق ومصر وتونس والخليج والدول الاوروبية يشكلون أكبر رافد للاقتصاد اللبناني في هذه الظروف الخانقة.
القطاع العام يستعد
لاعلان الاضراب المفتوح
بالمقابل، يتحضر القطاع العام لاعلان الاضراب المفتوح مجددا وشل الدولة حسب ما سرب من اجتماعات الهيئة العامة لموظفي القطاع العام بعد تنصل الحكومة من كل الوعود التي قطعتها بالنسبة للحوافز المالية وبدلات النقل والـ ٩٠ دولارا للمعلمين، كما ان الشلل العام يعم كل مؤسسات الدولة مع تجاوز غياب الموظفين الـ ٨٠ ٪ بالاضافة الى فقدان القرطاسية وكل مستلزمات العمل الاداري وانقطاع الكهرباء وعدم توافر المازوت للمولدات الكهربائية وتعطل المكيفات، وهذا ما جعل ادارات الدولة مشلولة كليا. كما يستعد قطاع النقل البري لاعلان الاضراب بعد ٢٠ حزيران، فيما هدد المعلمون بمقاطعة المراقبة في الامتحانات الرسمية والامتناع عن تصحيح المسابقات، كما تلوح في الافق ازمة طحين جديدة وارتفاع سعر ربطة الخبز الى ٥٠ الفا، في حين ان كمية الطحين تكفي لأسبوعين فقط، فيما المطلوب مضاعفة كمية الاستيراد لتلبية حاجة السوق مع وصول اكثر من مليوني مغترب و سائح بعد ٣٠ حزيران، كما ان سعر صفيحة البنزين سيرتفع اسبوعيا مع توقعات ان يتجاوز سعرها الـ ٨٠٠ الف ليرة منتصف حزيران. هذا بالاضافة الى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية، فيما سقط اقتراح وزير الطاقة وليد فياض رفع ساعات التغذية في الكهرباء الى ١٠ ساعات يوميا مقابل رفع اسعار الفاتورة الكهربائية نتيجة عدم التوافق عليه.
استشارات التكليف وعودة ميقاتي
وبالنسبة لاستشارات التكليف لاختيار رئيس للحكومة، فمن المتوقع حسب المقربين من قصر بعبدا ان يدعو عون الى الاستشارات النياببة الملزمة منتصف الاسبوع المقبل بعد الانتهاء من المحادثات مع الموفد الاميركي هوكشتاين، وبات شبه محسوم عودة الرئيس نجيب ميقاتي في ظل عدم رغبة نواف سلام ترؤس حكومة انتقالية لمدة ٣ أشهر واستحالة تشكيلها في المدة القصيرة نتيجة الخلافات العميقة بين الكتل، وهذا ما يعبد الطريق امام ميقاتي لتكليفه تشكيل الحكومة، واذا عجز لا يتغير شيء، لأنه في الوقت نفسه يمارس دوره كرئيس لحكومة تصريف الاعمال ومتابعة المفاوضات التي بدأها مع صندوق النقد الدولي، وضرورة التوصل الى اتفاقات سريعة كون العجز سيرتفع خلال الشهرين المقبلين مع استحالة تأمين التغطية المالية بالدولار الاميركي للمحروقات والطحين والامراض المزمنة ودفع رواتب القطاع العام، وهذه الفاتورة باتت مكلفة جدا ولا قدرة لمصرف لبنان على تحملها لأكثر من شهرين، ولا حل الا بتوقيع العقود مع صندوق النقد الدولي واعطاء حكومة تصريف الاعمال بعض الصلاحيات قبل الدخول في المجهول .
ويكشف المطلعون على الملفات، ان الخلافات ستبلغ ذروتها بين الاطراف المارونية وستشمل كل القوى السياسية، بعد ان فتحت معركة رئاسة الجمهورية وتمارسها القوى المارونية بعنوان «يا قاتل يا مقتول»، فموعد انتخاب رئيس الجمهورية يبدأ في ١ أيلول وينتهي اواخر تشرين الاول، فيما ولاية عون تنتهي في ٢٢ تشرين الثاني، مع أحتمال جدي في عدم انجاز هذا الاستحقاق لاستحالة تأمين النصاب لجلسة الانتخاب التي تحتاج الى الاكثرية الراجحة ٨٤ نائبا، وهذا ما يدخل البلاد في فراغ قد يمتد لاكثر من سنتين في ظل استحالة انتخاب رئيس للجمهورية قبل التسوية الاميركية – الفرنسية السعودية – السورية كما حصل عام ١٩٩٢، والتسوية مستبعدة في الظروف الحالية.
مدير المخابرات القطرية في بيروت
كشفت معلومات عن زيارة قام بها مدير المخابرات القطرية الى بيروت منذ اسبوعين بقيت بعيدة عن الاضواء وغلفت بطابع من السرية المطلقة، وقد التقى عددا من المسؤولين واستطلع مواقفهم من الملفات المحلية والاقليمية.