علي ضاحي –
مر عام ونصف العام على إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري في 1 تشرين الاول 2020 رسمياً عن إتفاق إطار لترسيم الحدود البرية والبحرية جنوباً، بعدَ عقد من التفاوض مع الأميركيين.
وانتقلت مسؤولية التفاوض مع الاميركيين والذين عينوا هاموس هوكشتاين، وفق الدستور، إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ويتولى الجيش اللبناني منذ ذلك الحين المفاوضات غير المباشرة، لترسيم الحدود البحرية، واستكمال ترسيم الحدود البرية، وهي المهمة التي يقوم بها منذ 13 عاماً وعبر لجنة عسكرية وتقنية قبل ان يحال رئيسها اخيراً العميد بسام ياسين الى التقاعد.
وتؤكد اوساط واسعة الإطلاع ومتابعة للملف لـ «لديار»، ان طيلة الـ 15 شهراً وزيارات هوكشتاين الثلاث، لم يتحقق اي تقدم في المفاوضات الحدودية غير المباشرة وبوساطة الامم المتحدة والاميركيين بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
بل برزت مناورات هوكشتاين لتضييع الوقت على لبنان ولاكساب العدو الوقت للمفاوضات مع الشركات وتلزيمها البلوكات الغازية والنفطية ومطالبة لبنان بتلازم الترسيم في البر والبحر وبما يضمن حقوق لبنان الكاملة.
كما حاول الاميركي الفصل بين مساري البر والبحر كما «سَكِر» العدو بتطعيم لبنان لجنته باختصاصيين وليس فقط بعسكريين وهو ما اعطى بعداً غير امني وعسكري للجنة.
وتقول الأوساط، انه ظهر جلياً أن الوسيط الأميركي هو وسيط غير نزيه، وقد استغل الفترة الماضية بإطالة أمد المفاوضات لإعطاء العدو الوقت الكافي ليستكمل تجهيز البنى التحتية لحقل كاريش ومن ثم توقيع العقود واستقدام المنصة لاستخراج النفط، وبهذا المعنى يكون الوسيط الأميركي ليس فقط منحازاً وانما متواطئاً ومتآمراً لإعطاء العدو الإسرائيلي كل الوقت الذي يحتاجه لإنهاء استعداداته.
كما ظهرت مطالبة لبنان بالخط 29 بعد ان كان التفاوض سابقاً وفق خط هوف، ولاحقاً الخط 23 وصولاً الى بروز معضلة عدم توقيع الرئيس عون للمرسوم 6433 المعدل والذي يثبت حق لبنان كاملاً وبالخط 29 وتوابعه.
وفي حين لا ترى الاوساط مبرراً مقنعاً من عدم توقيع عون للمرسوم سوى مداراة الاميركيين، تكشف ان اقدام العدو على الاتيان بالباخرة ENERGEAN POWER المتخصصة بالحفر والتنقيب عن النفط إلى مياه البحر الأبيض المتوسط، وتحديداً إلى مشارف حقل كاريش تصعيدا واستفزازا معاديا يجب التصدي له، حيث ستبدأ الباخرة بالعمل على تثبيت موقعها بموازاة إرساء سفينتين على متنها: الأولى خاصة بإطفاء الحرائق Boka Sherpa والثانية Aaron S McCal الخاصة بنقل الطواقم والعاملين.
وتشير الاوساط الى ان خطوة العدو وان كانت لا تزال في إطار «جس النبض» واستجلاب التفاوض مع لبنان عبر الاميركيين وإنهاء هذا الوضع لبدء التنقيب، تؤكد انه لا بد ان تواجه هذه الخطوة بوحدة وطنية تبدأ اولاً من توقيع عون للمرسوم والتضامن الحكومي والشعبي والنيابي مع الجيش والمقاومة.
وكذلك نبذ الحالات النيابية والخطوات الاستعراضية من قبل جهات معروفة بصلاتها بالاميركيين واتت الى البرلمان بوهج دعمهم.
وتقول الاوساط ان المزايدة على المقاومة وعملها الردعي والدفاعي للبنان ليس جديداً، فإذا اعلنت المقاومة انها وراء الدولة والحكومة والى جانب الجيش سيقولون انها «جبنت» وتتهرب من مسؤولية الرد والردع للعدو.
واذا اعلنت انها ستضرب الباخرة سيخرج هؤلاء للقول انها تحتكر قرار السلم والحرب وغيرها من المعزوفة السخيفة.
وتشير الى أن أي مزايدة من قبل بعض النواب أو مطالبة المقاومة، باتخاذ موقف صريح وواضح في هذا الموضوع أو بمنع الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة المتنازع عليها لن يزعجها على الإطلاق.
وتشدد الاوساط على ان موقف المقاومة الصريح والواضح، هو الموقف الذي اعلنه نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم منذ يومين ان المقاومة خلف الدولة في موضوع الترسيم لأنها لن تكون لا جزءاً من الترسيم ولا من مفاوضات الترسيم، وبالتالي عندما تقرر الدولة أين هي حدودها يصبح واجباً على اللبنانيين بمن فيهم المقاومة للدفاع عن ثرواتهم وحدودهم.
كما تقارب المقاومة الموقف السياسي والتقني بحكمة، حتى لا تكون جزءاً من الخلاف او ان يظهر موقف لبنان الهش والمنقسم. فمن الواضح أن الخلاف بين المسؤولين اللبنانيين لا سيما بين قائد الجيش ورئيس الجمهورية حول موضوع الخط 29 والخط 23 ولكل طرف منهما فريق يؤيده ويقدّم له الأدلة والخرائط الفنية اللازمة هو السبب الحقيقي في عدم حسم الأمور.
وترى الأوساط، ان من المؤسف ان في الوقت الحاضر لن يتجرأ أي مسؤول في الدولة اللبنانية على توقيع المرسوم وارساله إلى الأمم المتحدة، وبالتالي فإن الخلاف السياسي المحلي هو العائق الحقيقي والفعلي في تبلور موقف وطني جامع حول الحدود.
وتدعو الاوساط الى وقفة داخلية جدية ولا سيما من السلطة السياسية، وان تقوم بإرسال رسالة إلى الأمم المتحدة تعترف بحدوده المائية أو لا.
كما تدعو الحكومة الى الاجابة عن أسئلة عميقة وجدّية ومستغرب اهمالها: وهي لماذا لم يتمكن لبنان حتى الآن من التنقيب عن النفط في حقوله غير المتنازع عليها، وما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم قيام الحكومة بإلزام الشركات بالتنقيب في هذه الحقول؟