غسان ريفي – سفير الشمال
يبدو أن “مكتوب” الحكومة المقبلة “مبين من عنوانه”.. ففي الوقت الذي لم يدعُ فيه رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن الى الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار الرئيس المكلف، بانتظار إنتهاء جولة الوسيط الأميركي هاموس هوكشتاين وتبيان “الخط الأبيض من الخيط الأسود من الترسيم”، بدأت الشروط والمطالب والطموحات تضع العصي في دواليب التأليف قبل التكليف.
وقد أعطى الكلام الأخير لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إنطباعا، بأنه إما أن يكون المتحكم بالحكومة الجديدة، أو لن يكون هناك حكومة في المدى المنظور، ما يعني إستمرار حكومة تصريف الأعمال الى ما بعد إنتهاء ولاية الرئيس عون، وما يمكن أن يؤدي ذلك من إجتهادات وفتاوى وهرطقات دستورية لوّح بها باسيل، عندما تحدث عن المفاجآت التي ستظهر في ذاك الوقت.
يُدرك باسيل أن عودة الرئيس نجيب ميقاتي مجددا الى رئاسة الحكومة ليست في مصلحته، خصوصا بعد تجربته المرّة في الحكومة الحالية التي لم يسمح له رئيسها بتحقيق أية مصالح إنتخابية من خلال بعض المشاريع التي طرحها مباشرة أو بالواسطة، كما يُدرك أن وجود ميقاتي في الحكم يُضعف تأثيره السياسي ما قد ينعكس سلبا على طموحاته الرئاسية، لذلك، فقد حاول باسيل إستبعاد ميقاتي بشتى الطرق تارة بالتأكيد على أنه غير مرشح لرئاسة الحكومة، وتارة أخرى بالاتهامات، وطورا بتحميله كل الفشل الناتج عن سياسات العهد الخاطئة والتي كان باسيل شريكا فيها.
لم يتوان باسيل عن طرح سلسلة أسماء قادرة بنظره على ترؤس الحكومة وفي مقدمها فؤاد مخزومي الخصم اللدود لحليفه حزب الله والذي بنى حملته الانتخابية كلها على إستهداف المقاومة والاساءة إليها، فضلا عن بعض النواب الجدد الذين لا يملكون الخبرة لقيادة مرحلة من أخطر مراحل لبنان في التاريخ الحديث، في حين أن باسيل لم يكشف عن مرشحه الحقيقي لرئاسة الحكومة، وآثر إبقاء إسمه طيّ الكتمان بانتظار تهيئة الأجواء لطرحه في الوقت المناسب وهو صديقه المهندس جواد عدرة.
بات واضحا، أن باسيل يلعب “صولد” على مسافة أشهر في الاستحقاق الرئاسي، فهو يسعى بكل ما أوتي من قوة لتشكيل حكومة على قياسه تعبّد له الطريق نحو قصر بعبدا، وفي حال لم لم تسمح له الظروف بذلك، فإنه قد يستخدم الحكومة في إجراء تعيينات أساسية تساعد على إبقاء نفوذه في السلطة لمدة ست سنوات مقبلة، وهذا الأمر تدركه التيارات السياسية الأخرى التي من المفترض أن تقف في وجهه وأن تحول دون تحقيق أهدافه.
تشير المعلومات الى أن رئيس الجمهورية ميشال عون قد يدعو الى الاستشارات النيابية الملزمة مطلع الاسبوع المقبل، وأن الرئيس ميقاتي ما يزال الأوفر حظا إنطلاقا من قناعة سياسية بأنه الأقدر على قيادة المرحلة المقبلة، لكن من دون إعلان ترشيح أو ما شابه ذلك من البدع.
وتشير المصادر الى أن ميقاتي يدرس خياراته بعناية في حال توافق عليه أكثرية النواب، فإذا لمس نية طيبة للتعاون من أجل إستكمال العملية الانقاذية فسيكون أكثر إيجابية في المسارعة الى التأليف، أما إذا كانت الأمور خاضعة لشروط وطموحات وإبتزاز سياسي وتعطيل على حساب أزمات ومعاناة اللبنانيين، فلن يقبل بأن تذهب الجهود أدراج الرياح.