مالت أسعار النفط إلى الارتفاع بسبب استمرار المخاوف من شح الإمدادات بسبب العقوبات على روسيا في مقابل انتعاش محدود في الطلب الصيني بعد تخفيف قيود الإغلاق والصعوبات التي تواجه زيادة الإنتاج الأمريكي.
وقال محللون نفطيون إن هناك اعتقادا متزايدا في السوق النفطية بأنه حتى التباطؤ الاقتصادي قد يفشل في التخفيف من أزمة العرض المستمرة، لافتين إلى أنه حتى في حالة تنامي الركود العالمي لن يقلل ذلك من الطلب بما يكفي لاستعادة التوازن.
وأوضح المحللون أن الإمدادات النفطية أقل مما كانت عليه خلال فترات الركود الأخرى السابقة، كما أن وضع العرض ضعيف للغاية، لافتين إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بنسبة 60 في المائة تقريبا منذ بداية العام الجاري، حيث تزامن انتعاش الطلب الاقتصادي مع تشديد السوق في أعقاب الأزمة الروسية – الأوكرانية.
وسلط المحللون الضوء على بيانات لمؤسسة البترول الوطنية الصينية، تؤكد أن استهلاك البلاد قد يقفز بنسبة 12 في المائة في الربع الثالث من العام الجاري، كما يتوقع بنك الصين الدولي انتعاشا متواضعا في الربع الثالث، لافتين إلى أن قلة الاستثمار في مجال الطاقة والاتجاه النزولي في طاقة التكرير كانا من المساهمين الرئيسين في نقص الوقود حتى أن إدارة الرئيس جو بايدن طلبت من صناعة التكرير الأمريكية إعادة تشغيل المصانع المتوقفة عن العمل مرة أخرى.
وفي هذا الإطار، يقول لـ”الاقتصادية” سيفين شيميل مدير شركة ” في جي إندستري ” الألمانية: إن الاقتصاد العالمي يجتاز فترة صعبة وقد تكون غير مسبوقة، حيث أدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة معدل التضخم، مشيرا إلى ارتفاع تكلفة كل شيء من الغذاء إلى الوقود، موضحا أنه حتى في مواجهة التباطؤ الاقتصادي الأمريكي لا تزال أساسيات سوق النفط الضيق قائمة.
وأوضح أن أسعار النفط الخام تلقت دعما قويا بسبب تصاعد الأزمة الليبية، حيث إن انخفاض الإنتاج الليبي يضع مزيدا من الضغط على الأسواق الضيقة بالفعل للنفط، مشيرا إلى تسجيل الأسواق حالة من الندرة غير العادية في المعروض من النفط الخام.
من جانبه، يقول روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات: إن ارتفاع الاستهلاك والطلب العالمي على النفط الخام يدفعان إلى مزيد من صعود الأسعار في الفترة الراهنة خاصة في موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة، مشيرا إلى توقعات صادرة عن مجموعة “جولدمان ساكس” ترجح أن تبدأ أسعار البنزين في الانخفاض في العام المقبل عندما يتضاءل الطلب بعد تمام التعافي من أزمة الجائحة.
من ناحيته، يقول ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز: إن فصل الصيف الحالي أصبح مؤلما للمستهلكين في كل مكان الذين يواجهون أسعارا متصاعدة وضغوطا تضخمية غير مسبوقة، موضحا أنه في الصين يشعر الجميع ببعض القلق من تجدد القيود في شنغهاي ولكن بشكل عام يمكن اعتبار أن الصين في طريقها للخروج من معركتها الأخيرة ضد الجائحة.
بدروها، تقول مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية: إن أسعار النفط تواصل المكاسب بعدما تيقنت السوق النفطية أن المعروض النفطي محدود، ما يضغط على مصافي النفط ويجعل المستهلكين يواجهون أسعار الوقود التي ترتفع بشكل أسرع من النفط الخام.
وأشارت إلى أنه بسبب فرض حظر نفطي على روسيا من جانب الدول الغربية تجاوز استهلاك المنتجات المكررة الإنتاج، ما أدى إلى تآكل المخزونات، لافتة إلى توقعات مجموعة “جولدمان ساكس” أن يصل سعر خام برنت إلى الذروة فوق 140 دولارا للبرميل في الأشهر المقبلة، بينما توقع “مورجان ستانلي” أن يصل سعر خام برنت إلى فوق 150 دولارا للبرميل خاصة مع عودة الطلب الصيني القوي.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط بنحو دولار واحد في معاملات متقلبة أمس، إذ فاق أثر نقص المعروض العالمي المخاوف من تضرر الطلب على الوقود بسبب حالة ركود وفرض قيود جديدة لاحتواء انتشار كوفيد – 19 في الصين.
وارتفعت العقود الآجلة للنفط أكثر من دولارين، حيت ارتفع برنت إلى 124.95 دولار للبرميل والخام الأمريكي إلى 123.51 دولار
وتفاقم نقص المعروض العالمي بانخفاض الصادرات من ليبيا وسط أزمة سياسية أثرت على الإنتاج والموانئ، في حين تواجه روسيا حظرا على نفطها بسبب أزمة أوكرانيا.
وتترقب السوق بيانات معهد البترول الأمريكي عن المخزونات وبيانات إدارة معلومات الطاقة لمعرفة إلى أي درجة وصل نقص الإمدادات في السوق.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 120.66 دولار للبرميل مقابل 123.19 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني تراجع بعد عدة ارتفاعات سابقة وأن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 119.85 دولار للبرميل.
Follow Us: