علي ضاحي-
في مطلع حزيران الجاري، استدعي السفير السعودي وليد البخاري «على عجل» الى الرياض للتشاورفي نتائج الانتخابات النيابية، لا سيما بعد تصريحاته الاخيرة ، والتي اعلن فيها الفوز الانتخابي على «قوى الشر» وقصد فيها حزب الله و»التيار الوطني الحر» وضمنا الحلفاء بمن فيهم الرئيس نبيه بري.
ورغم ان البخاري «استدرك» لاحقاً، وعاد ليخفف من «وهج تصريحاته»، وتأكيده ان السعودية على «مسافة واحدة» لبنانياً، الا ان تصريحاته المستغربة ولّدت ردات فعل غاضبة شعبية وحزبية من الطائفة السنية و»تيار المستقبل»، وكذلك من حلفاء الرياض بعد الخسارة المدوية في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، وفشل «تأخير» نجاح بري الى الدورة الثانية، واسقاط الياس بو صعب، مرورا بانتخابات هيئة مكتب المجلس والتي مني فيها حزب «القوات» وحلفاء الرياض بهزيمة مدوية، وصولاً الى انتخابات اللجان ورؤسائها ومقرريها والتي كسبت فيها «القوات» وحلفاؤها وبعض «التغييريين» بعض رئاسة اللجان والعضوية بالتزكية وبالاتفاق بين «التيار» و»الاشتراكي» و»المردة» و»امل»!
وتكشف اوساط سنية واسعة الإطلاع ، ان البخاري وان سئل عن «اندفاعته» في الرياض وعن «زفه» الانتصار غير المحقق، لم يلق «تقريعاً» او تأنيباً من شأنه ان يعفيه من مهامه «السامية» في بيروت. وتكشف الاوساط ان القرار السعودي اتى مفاجئاً لدوائر القرار المسؤولة عن الملف اللبناني، وهو تمديد التفويض لابقاء البخاري سفيراً «فوق العادة» حتى نهاية العام 2022.
وتشير الاوساط نفسها الى ان اقصاء الرئيس سعد الحريري، وازاحته عملياً عن المشهد النيابي والحكومي اقله خلال ما تبقى من ولاية الرئيس ميشال عون، يعتبره «اهل الحل والربط» في قصراليمامة انجازاً ولـ «فك اسر» الطائفة السنية من «قبضة» الحريري. وان «الدرس والرسالة» لكل سُنّة لبنان وحلفاء السعودية، هو ان من يخرج عن «طوع» المملكة، سيلقى مصير الحريري، رغم ان الاوساط تلمح الى ان عودة الحريري ممكنة بعد انتهاء ولاية الرئيس عون وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولكن هذه المرة بشروط سعودية واضحة ومحددة وصارمة!
وتقول الاوساط ان البخاري استخدم «الورقة اللبنانية» بـ «ذكاء»، وعرف كيف «يُسوّقها» لبنانياً وسعودياً، وان يعيد تقديم اوراق اعتماده عند ولي العهد محمد بن سلمان، فهو يؤكد انه «اعاد التوازن» الى المشهد السياسي و»خسّر» حزب الله وحلفاءه الاكثرية، ولا بد من تسوية جديدة مع الرياض من اجل تشكيل الحكومة الجديدة وانتخاب الرئيس الجديد.
وامس عاد البخاري الى بيروت، وسيسعى الى كتلة سنية موحدة ان تمكن من ذلك، او كتلة «وطنية» كبيرة متعددة الانتماءات الطائفية، تضيف الاوساط، وهو يحمل «روحية جديدة» مفادها استمرار التصعيد في الخطاب الاعلامي والسياسي ضد حزب الله وحلفائه، فهو ضمناً سيدفع في اتجاه مزيد من الشحن السياسي والاعلامي ضد حزب الله وحلفائه والعهد وتحميلهما مسؤولية الانهيار المالي والسياسي والاقتصادي وحتى الامني. وسيصار الى استخدام «ورقة الحدود البحرية» وتحذيرات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالتصدي لأي خرق صهيوني بري وبحري، واستعادة نغمة السلاح و»ورقة الحرب والسلام» وإمرة الدولة وغيرها من المعزوفة الممجوجة.
اما البعد الثاني لمهمة البخاري، تقول الاوساط، فهو التأكيد «علناً» على «انفتاح المملكة» تجاه اللبنانيين والدعوة الى حكومة سريعة وتقوم بالاصلاحات، ومواكبة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي و»انقاذ» لبنان من الانهيار.
وتشير الاوساط الى ان البعد الثاني مرتبط بالملف الاقليمي والدولي وانشغال الاميركي بالملف النووي الايراني من جهة، وبالملف الروسي والحرب الدائرة في اوكرانيا من جهة ثانية وبالازمة الداخلية الاميركية والاقتصادية المستجدة. وبالتالي الاميركي متوافق مع الفرنسي على إبقاء الساحة اللبنانية مستقرة ومن دون «حرب جديدة»، او دخول لبنان في الفوضى، والتي يستفيد منها حزب الله وحلفاؤه وهو يمتلك كل مقدرات القوة للامساك بالبلد ولخنق «اسرائيل» نفطياً وحدودياً.
وتكشف الاوساط عن اتفاق فرنسي – سعودي على تمرير المرحلة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية، وفي انتظار وضوح الصورة الدولية والاقليمية خلال الاشهر الستة المقبلة، بحكومة انتقالية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يلقى قبولاً سعودياً «تحت الطاولة»، واعادة تكليفه لن تواجه بفيتو سعودي، وهذه الحكومة ستشكل سريعاً ويكون مهمتها الانقاذ الاقتصادي عبر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وكذلك الاشراف على الاتفاق الحدودي البحري ان تم بوساطة اميركية ورعاية اممية.
وتشير الاوساط الى ان ترجمة هذا الكلام لن تكون بعيدة، ومتى تحددت الاستشارات بعد تطييرها الاسبوع الماضي لعدم توافر التوافق بين ميقاتي والعهد والنائب جبران باسيل على شكل الحكومة ولونها ووظيفتها ودورها وحصة الرئيس عون وباسيل فيها، فهذا يعني ان الامور على السكة الصحيحة والعبرة في الخواتيم.