الأحد, ديسمبر 22
Banner

ترحيب سعودي وأميركي بقرار المحكمة الدولية

كتبت “الشرق” تقول: قفز الى واجهة الحدث المحلي، القرارُ الذي صدر اول امس عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والذي فرض بالإجماع على كلّ من حسن مرعي وحسين عنيسي عقوبة السجن المؤبد خمس مرات لإدانتهما في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فهو تفاعل امس على الصعيد الداخلي، والاقليمي والدولي ايضا، حاملا اشارات الى موقف الخارج «السلبي» من اي حكومة يمكن ان تكون لحزب الله – الذي أثبتت لاهاي ضلوعه في اغتيال الحريري الاب – الاكثرية فيها.

واشنطن والرياض

في السياق، وبينما لم تحرّك الدولة اللبنانية ساكنا ازاء قرار المحكمة، رحبت وزارة الخارجية الأميركية بالحكم. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس «يمثل هذا الحكم علامة بارزة طال انتظارها في السعي لتحقيق العدالة لشعب لبنان». بدورها، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة «بالحكم الصادر بالإجماع عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بحق عميلين تابعين لحزب الله لدورهما في الهجوم الإرهابي الذي تسبب في مقتل اثنين وعشرين شخصاً من بينهم رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وجرح 226 شخصاً». ودعت المملكة، بحسب «واس»، المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه لبنان وشعبه الذي يعاني من «الممارسات الإرهابية العبثية للمليشيا المدعومة من إيران، والعمل على تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان، وتتبع الجناة الذين أسهموا عمداً في إزهاق أرواح الأبرياء ما تسبب بفوضى غير مسبوقة في هذا البلد، والقبض عليهم إحقاقاً للعدالة، ونزع فتيل الأزمات التي يعيشها لبنان وشعبه خلال العقود القليلة الماضية بسبب ممارساتهم الارهابية».

حمادة يسأل

في الموازاة، أعلن عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة في بيان، أنه «سيتقدم بسؤال الاثنين المقبل الى الحكومة، بعد التطور القضائي البارز في ضوء دعوة المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان نورمان فاريل من يحمون المتهمين الثلاثة الى تسليمهم للمحكمة أي سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي، اذ سيطالب الحكومة ووزير العدل باتخاذ المقتضى القانوني والعدلي في ضوء ما صدر عن المحكمة الدولية وكيفية التعاطي مع هذا القرار الصادر عن المدعي العام فاريل»… بدوره، رأى الرئيس فؤاد السنيورة في بيان ان «على القضاء اصدار مذكرات توقيف بحق مرعي وعنيسي وعلى حزب الله تسليم القتلة».

القرار والدولة

ومع ان القرارات الصادرة عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في حق حزب الله ما عادت مفاجئة، بعدما ادانت مسؤولين فيه بالضلوع في تحضير وتنفيذ عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلا ان ما صدر عنها اول امس تمكّن رغم هذه الوقائع، من هز الساحة المحلية، اذ يُذكّر بأن احد المكونات اللبنانية، شارك في تصفية احد ابرز الشخصيات السياسية في تاريخ لبنان الحديث والقديم ، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة .

فقد فرضت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالإجماع على كلّ من حسن مرعي وحسين عنيسي عقوبة السجن المؤبد خمس مرات لإدانتهما في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأشارت المحكمة إلى أنّ «هذه العقوبة هي أشد العقوبات المنصوص عليها في النظام الأساسي والقواعد، وذلك عن كل جريمة من الجرائم الخمس التي أُدينا بها، وقررت أن تُنفَّذ العقوبات في الوقت ذاته». ودعا المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان نورمان فاريل «من يحمون المتهمين الثلاثة إلى تسليمهم للمحكمة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ أي خطوات متاحة للمساعدة في اعتقالهم». وقال فاريل: «شهدنا اليوم استكمال هذه الإجراءات بحق المتهمين سليم جميل عياش حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي الثلاثة بسبب أعمالهم الشنيعة في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، والتي تسببت بألم ومعاناة لا تصدق للعديد من الضحايا وعائلاتهم. لقد فشلت جهودهم لخداع الجمهور وحماية أنفسهم من العدالة والبقاء غير خاضعين للمساءلة. لقد حكم عليهم اليوم بسبب جرائمهم». وأضاف: «يجب أن نتذكر أن هذه ليست الخطوة الأخيرة نحو المساءلة. العدالة تطالب بالقبض عليهم. وأدعو أولئك الذين يحمون المتهمين الثلاثة من العدالة إلى تسليمهم إلى المحكمة الخاصة بلبنان، كما أدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ أي خطوات متاحة للمساعدة في اعتقالهم».

انطلاقا من هنا، تعتبر المصادر ان الدولة اللبنانية امام امتحان جديد، وكذلك القضاء اللبناني. فهل سيتحركان لتوقيف المتهمين؟ هل سيصدران اقله، عبر القيمين عليهما، من رئيس الجمهورية الى رئيسي مجلس النواب والوزراء، مرورا بوزير العدل، وصولا الى النقابات الحقوقية، مواقف تدين الفريق الذي خطط للجريمة والذي يخفي القتلة ويحميهم ويعتبرهم قديسين؟! ام ان هذه الاطراف ستبقى كلها صامتة؟

وبعد، تعتبر المصادر ان وزارة العدل يجب ان توضع، في الحكومة الجديدة التي ستبصر النور يوما ما، في عهدة وزير نظيف مستقل غير مدين بالولاء لأي جهة سياسية، ليتمكن من تحقيق خرق ما في الملفات الكثيرة الدسمة التي تكدست على طاولته، من جريمة اغتيال الحريري وصولا الى انفجار ٤ آب، فاغتيال قادة الفكر والرأي في لبنان.

فهل يمكن ان تتحقق معجزة كهذه ام ان الافلات من العقاب ومن الحساب، قدر مكتوب ان يستمر في وطننا؟

هل يرضخ حزب الله لقرار المحكمة ويسلّم قتلة الحريري؟

لافتا كان الحكم الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رفيق الحريري لا سيما أنه جاء بعد إدانة سليم عياش غيابيا بجريمة الإغتيال إذ فرضت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية بالإجماع عقوبة السجن المؤبد على عنصرين آخرين من حزب الله هما حسن مرعي وحسين عنيسي، بعدما كانت برأتهما عند صدور الحكم في حق عياش لعدم وجود أدلة كافية، كما قررت عدم وجود أدلة على ضلوع كل من «قيادة» الجماعة والنظام السوري في اغتيال الحريري.

عقوبة السجن المؤبد هي الأقصى التي ينص عليها النظام الأساسي للمحكمة وقواعدها. لكن لا سليم عياش الذي أدانته المحكمة الدولية في آب 2020 سلمه الحزب للعدالة، علماً أنه عضو بارز فيه، ولا يوجد مؤشر لدى الحزب لتسليم كل من مرعي وعنيسي. ولو أراد حزب الله أن يثبت حسن نيته لفعلها وسلم عياش. لكن الأكيد أنه لن يسلم أياً من المتهمين الثلاثة الصادرة في حقهم أحكام عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

والسؤال الذي يطرح، هل ما زالوا على قيد الحياة؟ والأهم كيف تجوز مساكنة فريق متهم بالقتل بتوثيق من أرفع قضاء دولي، وكيف يمكن أن يستقيم قانون عندما لا يخضع حزب يضم أفرادا ومسؤولين مدانين بالقتل؟

«ما حصل ليس بتفصيل» يقول رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، «فالقرار الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالغ الأهمية». ويذكّر اللبنانيين بالبند الأخير من البرنامج المرحلي لحركة المبادرة الوطنية وتحديدا المجلس الوطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان «الذي طرح جملة أسئلة حول كيفية تنظيم المساكنة أو العيش مع حزب لا يحترم القانون اللبناني ولا القانون الدولي وهو قاتل ومدان باغتيال شخصيات وطنية ومواطنين أبرياء في لبنان ويطالبنا بالعيش المشترك طالما ليس هناك مساواة فيما بيننا أمام القضاء؟».

هذه الإشكالية طُرحت على طاولة لقاء سيدة الجبل كحركة مبادرة وطنية وكمجلس وطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان منذ حوالى العامين، واليوم يعود سعيد ليذكر بها مطالبا الجميع بإعادة طرح هذا الموضوع «وتحديداً المرجعيات الإسلامية والمسيحية وبالتالي إصدار موقف واضح دعماً لهذا القرار، والمطالبة بتسليم القتلة فوراً إنقاذاً للعيش المشترك في لبنان وحتى تكون هناك إمكانية حتى للمساكنة مع هذا السلاح ومع هذا الحزب الذي قتل بتوثيق من قبل أرفع قضاء في العالم».

يضيف سعيد: «نعم المطالبة ضرورية بدءا من الكنيسة المارونية والمجلس الشيعي الأعلى ودار الإفتاء وكل الأحزاب السيادية والمدنيين الذين نتحاور معهم بالعدالة والقانون وبالدولة المدنية ودولة القانون، إذ كيف يمكن أن يستقيم قانون عندما لا يخضع حزب أو تنظيم له، في حين تخضع باقي شرائح المجتمع اللبناني للقانون والعدالة؟».

Leave A Reply