ميشال نصر – الديار
بين اسبوع الترسيم وزيارة الوسيط الاميركي، وأسبوع التكليف، استراحةٌ سياسية تخرقها بعض اللقاءات العلنية وجملةٌ من الاتصالات في الكواليس، استعدادا لخميس المنازلة الكبرى، التي يشكك الكثيرون في امكان حصولها في موعدها، حيث تدور المفاوضات حول سلة من التفاهمات لرعاية فترة الفراغ الرئاسي، الذي يبدو ان الجميع قد سلم بحتميته.
وسط الضبابية التي تحجب الرؤية الواضحة للحكومة الجديدة تكليفا وتأليفا، والاسماء المطروحة في الكواليس لعملية التشكيل، تبرز بين الحين والآخر مواقف عن بعض الاطراف المعنيين، تصعب على الجميع قراءة المشهد بواقعية، حيث يختلط نابل العلاقات المتأزمة فعلا بين الاطراف والخلافات الجدية والعميقة، بحابل «تعلاية السقف» أملا بتحقيق بعض المكتسبات الاضافية على الطريقة اللبنانية.
واذا كانت صورة المشهد السياسي واضحة تماما لجهة حسم غالبية الاطراف خياراتها، وسط معركة رئيس حكومة تصريف الاعمال لرفع عدد النواب الذين سيسمونه للتشكيل، ليبلغ سقفي «ابو مصطفى» ونائبه، فان المعركة القائمة بين بلاتينوم والبياضة، توحي بان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها صفقة تشبه تلك المجلسية لتمرير التكليف اقله، ارضاء لجهات خارجية عادت تهدد بعصا العقوبات على بعض المسؤولين، وفي واجهتها هذه المرة الاتحاد الاوروبي.
فمواقف «السراي» منذ زيارة رئيس الحكومة الاستطلاعية الى المطار، وحديثه عن مفهوم تصريف الاعمال وحدوده والظروف الاستثنائية، الى كلامه من الاردن حول ضرورة تعديل اتفاق الطائف، ما اوحى بانه يقصد ما يحكى عنه من مرحلة عنوانها «تكليف من دون تأليف»، واعتباره ان الكرسي الثالثة ليست للمزايدة والمساومة ولها حرمتها، يشير الى ان الامور بلغت نقاط اللاعودة، خصوصا ان مشروع «الميقاتية السياسية» سيتعرض لنكسة كبيرة ما لم تحسم بعض الامور مع صندوق النقد الدولي، الذي لن يكون قادرا على وضع لبنان على جدول اعمال اجتماعه المقبل، ما يعني عمليا «رمي» الامر الى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وبالتالي «ضياع مشروع الميقاتي».
مصادر سنية بارزة، رأت أن موقف ميقاتي لا يعدو كونه رأيا غير قابل للتطبيق حاليا، نظرا لظروف البلاد غير الناضجة والملائمة، انما هو مجرد «تقديم اوراق اعتماد»، رغم ان اهميته تكمن في عدم خروجه عن سقف الطائف، فابن طرابلس المرضى على عودته الى السراي فرنسيا، لم يكن مضطرا الى تقديم استدراج عروض، خصوصا لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يكبله بالشروط كمثل اقالة حاكم المصرف المركزي والحصول على وزارات الخارجية والطاقة والبيئة، عدا التعيينات في مناصب الفئة الاولى، والتلويح بطرح اسماء اخرى لعملية التكليف لن يتجاوب معه.
على هذه الخلفيات، تتلاحق العروض الخاصة بالأسماء المحتملة لعملية التأليف، بما فيها تلك التي لم يستشر أصحابها بعد، او انها ادرجت يوما ما في السباق الى السراي في استحقاقات سابقة، تختلف بكل تفاصيلها وظروفها عن تلك التي تمر بها البلاد اليوم. فمعظم الأسماء المطروحة كانت مدرجة على لائحة المرشحين بفعل وجود اكثريات نيابية، كان يمكن ان تسهل وصول البعض منها الى السراي في سباق كان قائما بين «الرفاق» و»الأصدقاء» من فريق واحد، قبل ان توزع المواقع لاحقا بين السراي وبعض الوزارات السيادية منها او تلك الاساسية التي شكلت بديلا من كرسي السراي.
وفي هذا الاطار، تكشف اوساط واسعة الاطلاع، ان ثمة حديثا عن اكثر من اسم جدي مطروح للتسمية كرئيس مكلف، في انتظار رسو القرعة على احدهم، حيث ان ميقاتي ليس المرشح الاوحد وليس الاوفر حظا، ويتردد اسم احد الوزراء في الحكومة الحالية، وكذلك شخصية سنية حضرت من الولايات المتحدة الاميركية واجرت سلسلة اتصالات ومشاورات في بيروت، دون اسقاط اسم وزيرة سابقة تتقاطع عندها مصالح اكثر من جهة، وعزت المصادر هذه الضبابية الى «الاختلاف» القائم بين الاميركيين والفرنسيين حول الوضع اللبناني، بعد عودة الاميركيين الى تولي الملف مباشرة، رغم ما اوحت به زيارة الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى قصر الصنوبر.