الأحد, نوفمبر 24
Banner

النهار : انسداد حكومي طويل وتقارب عوني قواتي

‎لم تعد المناشدات الخارجية والدولية عموما التي توجه تباعا وبوتيرة تصاعدية في الآونة ‏الأخيرة الى السلطات والسياسيين في لبنان سوى وجه واضح ومعبر بل وحامل لنذر ‏خطورة عالية من وجوه النظرة الدولية الى انزلاق لبنان بسرعة نحو متاهات انهيار كبير اين ‏منه كل الانهيارات المتدرجة التي عرفها منذ اكثر من سنة بقليل. ولعل أسوأ ما يصاحب ‏ظاهرة التحذيرات الخارجية من الآتي الأشد سؤا ان مجريات المشهد الداخلي في ما يتصل ‏بمسار تأليف الحكومة لم تعد تنذر بمزيد من الانسداد وتداعياته بل اكثر بكثير في ما بدأت ‏التلميحات تتصاعد حياله أي التمديد للفراغ المملؤ بحكومة تصريف اعمال الى أمد غير ‏مرئي مرشح لان يتجاوز مطلع السنة الجديدة بكثير. ولم تكن الأيام الأخيرة في عطلة ذكرى ‏الاستقلال وعطلة نهاية الأسبوع سوى عينة واضحة عن القطيعة السياسية الواسعة التي ‏تعيشها البلاد في عز غرقها المتدرج في تداعيات الازمات الصحية الوبائية والمالية ‏والاقتصادية والاجتماعية فيما لا يزال هناك من يستبيح الانحدار المتسارع نحو الهاوية بلعبة ‏المكاسب السياسية والاشتراطات والتطوع لجعل التعقيدات التي تمنع ولادة حكومة ‏انقاذية ستارا واهيا للجهات المرتبطة بقوى إقليمية في رهاناتها على عامل الانتظار من ‏دون أخذ الكارثة اللبنانية المتعاظمة في الاعتبار‎.‎

‎ ‎

باختصار شكلت الوقائع السياسية التي اطلقت في مناسبة الذكرى الـ77 للاستقلال دليلا ‏إضافيا على التحجير على الانفراج الموعود في تأليف الحكومة من خلال مؤشرين ‏أساسيين: الأول تعمد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كشف الخلافات القائمة بينه ‏وبين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على التركيبة الحكومية من خلال حملته ‏الضمنية على الحريري واتهامه له بالاستقواء والتستر بالمبادرات الانقاذية للخروج عن ‏القواعد والمعايير الواحدة. وهو اتهام أعاد المراقبين الى النسخة الأصلية من تعبير عون ‏عن رفضه تكليف الحريري قبل شهر حين وجه آنذاك رسالة ضمنها تحريضا للنواب على ‏رفض تكليف الحريري. وتفيد المعلومات المتوافرة عن تعقيدات التاليف انها عادت الى ‏المربع الأول تماما حتى ان الرئيسين عون والحريري لم يتفقا مجددا على عدد الوزراء ولا ‏على الأسماء المرشحة أيضا. وأشارت الى ان عون استاء في اللقاء الأخير من طرح الحريري ‏سبعة مرشحين لوزراء مسيحيين مستقلين ومن ذوي الخبرات مع انهم ليسوا محسوبين ‏على أي طرف رغم ان الحريري لم يسم بعد الوزراء الشيعة ولن يقبل ان تأتي تسميتهم من ‏الثنائي الشيعي وهو ما ابلغه الى عون كما انه ترك حقيبتي الدفاع والداخلية لكي يقترح ‏عون الأسماء على ان تكون للحريري كلمته في الخيار‎.‎

‎ ‎

اما المؤشر الثاني على استرهان عملية التاليف فتمثلت في تصاعد مناخات ساخنة تنذر ‏بتصعيد سياسي إضافي على خلفية الفشل الذي مني به الحكومة والحكومة في إدارة ملف ‏التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان فبدأت تداعيات هذا الفشل تتحول في اتجاه ‏اشعال معركة سياسية يبدو انها قد تؤدي الى اصطفافات سياسية طارئة وظرفية. ذلك ان ‏المفارقة وضعت العهد و”التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية ” في موقع وصف ‏بانه اشبه بواقع ثنائي مسيحي ومتقارب في هذا الملف من خلال حملة الفريقين على حاكم ‏مصرف لبنان رياض سلامة وكذلك اتهامهما لرئيس مجلس النواب نبيه بري وتيار ‏‏”المستقبل” بعرقلة التدقيق. ويخشى والحال هذه ان يأخذ هذا الملف طابعا سياسيا وحزبيا ‏وحتى طائفيا في حين ان انسحاب شركة “الفاريز ومارسال” الذي شكل صدمة قاسية ‏للدولة والحكم جاء نتيجة وجود عقبات قانونية كان بدا العمل على معالجتها ضمن مهلة ‏الثلاثة اشهر الممدة لتسلم المستندات المطلوبة من مصرف لبنان. ولن يعقد اليوم الاجتماع ‏الذي كان متوقعا في بعبدا لاقناع الشركة بالعودة الى العقد مع الدولة بعدما غادر ممثلها ‏لبنان. وقد يعقد اجتماع آخر ينظر في امكان توقيع عقد جديد مع شركة تدقيق أخرى وذكر ‏ان عقدا جديدا لا يحتاج الى قرار جديد من مجلس الوزراء الذي سبق له ان فوض وزير المال ‏غازي وزني التوقيع على عقد تدقيق جنائي. وقال وزني ل”النهار” انه يريد من دون أي تردد ‏التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وفي كل الوزارات ومؤسسات الدولة‎.‎

‎ ‎

قانون الانتخاب

اما الملف الثاني الذي اطل امس برأسه وينذر بدوره باثارة مزيد من السخونة السياسية ‏والاستقطاب والاصطفافات ذات الخلفيات الطائفية أيضا فيتصل بقانون الانتخابات النيابية ‏الذي بدأ يثير سجالات حادة ايضا بين نواب من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية ” من ‏جهة وحركة “امل” وكتلة التنمية والتحرير من جهة مقابلة. واتخذت هذه السجالات دلالات ‏ساخنة عشية جلسة ستعقدها اللجان النيابية المشتركة غدا الأربعاء ما لم تطرأ تطورات ‏ترجئ الجلسة او تطير نصابها غدا وهي مخصصة للبحث في ملف قانون الانتخابات في ‏ظل ادراج ثلاثة اقتراحات قوانين امام النواب الأول لكتلة التنمية والتحرير المتضمن مشروع ‏النسبية على لبنان دائرة واحدة والثاني لكتلة الرئيس نجيب ميقاتي والثالث لكتلة التنمية ‏والتحرير أيضا ويتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ. وإذ تمحورت السجالات بين نواب ‏من “تكتل لبنان القوي” وكتلة التنمية حول موضوع الدائرة الواحدة تقرر ان تعقد “كتلة ‏الجمهورية القوية” اجتماعا اليوم برئاسة رئيس حزب القوات سمير جعجع ليبت موقف ‏الكتلة من جلسة الغد وأوضحت مصادر القوات ان الاحتمالات مفتوحة على المشاركة في ‏جلسة اللجان او مقاطعتها. وأفادت معلومات ان هناك تنسيقا جاريا بين “التيار الوطني ‏الحر” “والقوات” في شأن ملفي التدقيق الجنائي وقانون الانتخاب‎.‎

‎ ‎

نداء اممي

وسط هذه الأجواء الداخلية المحتدمة وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ‏امس دعوة الى قادة لبنان للإسراع في تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات ‏المطلوبة. وجاءت هذه الدعوة في بيان أصدره المتحدث باسم الأمين العام ستيفان ‏دوجاريك. وذكر البيان ان الأمين العام يجدد دعوته الى القيادة اللبنانية للموافقة بسرعة ‏على تشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات والاستجابة لاحتياجات الشعب ‏اللبناني‎.‎

وفي موقف سعودي ذات صلة بالازمة الحكومية اعتبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن ‏فرحان ان “اهم ما يمكن لبنان ان يقوم به هو مساعدة نفسه فالوضعان السياسي ‏والاقتصادي في لبنان هما ثمرة طبقته السياسية التي لا تقوم بالتركيز على تحقيق الرخاء ‏للشعب اللبناني”. ورأى في مقابلة صحافية ان “على الحكومة اللبنانية التركيز على القيام ‏بإصلاحات حقيقية وتقديم الخدمات من اجل البلاد وبدء العمل على إمكانات البلاد‎ “.‎

‎ ‎

‎”‎المبادرة الوطنية الانقاذية‎”‎

وسط هذه الأجواء عاد النبض المدني الانتفاضي الى البروز مع اعلان شريحة واسعة من ‏القطاعات النقابية والمدنية التي تشكل صلب المجتمع المدني مبادرة جديدة هي “المبادرة ‏الوطنية الانقاذية” لاستعادة دولة المواطنة التي أعلنها نقيبا المحامين في بيروت ملحم ‏خلف وطرابلس محمد المراد من قصر العدل في بيروت. وباسم العائلات الروحية ونقابات ‏المهن الحرة والجامعات والفاعليات الاقتصادية والهيئات العمالية أعلنت المبادرة التي ‏تتضمن مرحلتين للتغيير المنسجم مع الدستور “لاسترداد الدولة من خلال إعادة تكوين ‏السلطة” كما قال خلف. الأولى تتناول تشكيل حكومة موثوقة من متخصصين مستقلين ‏بصلاحيات تشريعية محدودة تتولى إقرار بدء تنفيذ خطة انقاذية ومن ثم إعادة تكوين ‏السلطة بإقرار قانون مجلس شيوخ وقانون انتخاب من خارج القيد الطائفي وفي المرحلة ‏الثانية قيام المجلس المنتخب من خارج القيد الطائفي واستكمال تحصين الإصلاحات وإنفاذ ‏اللامركزية الإدارية وإقرار قانون أحزاب على قاعدة وطنية غير طائفية

Leave A Reply