كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: وسطَ رجحان واضح لمصلحة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أجمعت المعلومات على حصول الأخير على ما يُقارب الـ 57 صوتاً نيابياً، بعدَ إعلان حزب «القوات» أمس امتناعه عن تسمية أي مرشح. وهو الأمر الذي يقول التيار الوطني الحر إنه خياره. وقد شبّهت مصادر نيابية عملية تكليف ميقاتي، بعد الاستشارات النيابية المُلزِمة التي ستبدأ اليوم في بعبدا (إذا لم يطرأ أيّ تطوّر)، بانتخاب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، مع فارق وحيد هو عدم تصويت كتلة «اللقاء الديموقراطي» له.
وإذ لم يعُد البوانتاج الذي سيخرج به ميقاتي هو الشغل الشاغل للقوى السياسية، بعدما تأكّد أنّ كل الأسماء التي خرجت إلى العلن كمرشحين، لم تكُن سوى محاولات للتشويش، بمن فيها اسم السفير نواف سلام، فإن المشترك الأبرز هو اقتناع الجميع بأن ميقاتي لن يؤلف حكومة جديدة، بينما كشفت مصادر بارزة لـ«الأخبار» عن «وجود اتفاق مبدئي غير علني بين القوى السياسية المعنية على إجراء تعديل وزاري».
وفي التفاصيل، قالت المصادر إن «التعديل الأولي الذي سيُجرى هو في المقاعد الوزارية من حصة السنّة، وتحديداً وزارتَي الصحة والاقتصاد»، وهناك «كلام يدور حول إعطاء واحدة من هذه الحقائب لنواب عكار السنّة، والأخرى للنواب السنّة الآخرين المحسوبين على رئيس تيار المُستقبل سعد الحريري». ورجّحت المصادر أن «يطال التعديل بعض الأسماء المحسوبة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أو التيار الوطني الحر إذا أراد النائب جبران باسيل ذلك». أما في ما خصّ المقاعد الوزارية، فأشارت المصادر إلى أن «رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سيطالب بالمقعد الدرزي الذي يشغله وزير المهجرين عصام شرف الدين (من حصة الوزير طلال إرسلان) مقابل إعطاء أصوات النواب الدروز الثقة لحكومة ميقاتي كي يتأمن الـ 65 صوتاً».
وهذه الحصيلة هي نِتاج تطورات الـ 48 ساعة الأخيرة، وهي على الشكل الآتي:
– زادَ الضغط الفرنسي – الأميركي من أجل إمرار ميقاتي، في موازاة تراجع سعودي لمسه زوار السفير السعودي في بيروت وليد البخاري. وقال ضيوف الأخير إنه كانَ أقلّ تشدداً عند ذكر اسم ميقاتي ولم يركّز على اسم سلام، بل أكد أن المملكة «تحترم خيار النواب السنّة ولو أنها لا تؤيد ميقاتي».
– موقف حزب «القوات» بعدم تسمية أيّ مرشّح، يعني إعطاء معراب «تمريرة» لميقاتي (الذي تجمعه بسمير وستريدا جعجع علاقة وطيدة تظهّرت في الانتخابات النيابية الأخيرة، وتحديداً في طرابلس). فضلاً عن أن خيار عدم التسمية أعطى إشارة جديدة على عدم رغبة السعودية في خوض معركة خاسرة ضد ميقاتي.
– فشل نواب «التغيير» بالتوصل الى توافق في ما بينهم على تسمية نواف سلام في الاستشارات الملزمة اليوم. ويسود معظم هؤلاء «مزاج» الورقة البيضاء، ما لم يطرأ جديد صباح اليوم، ولا سيما بعدما تراجع النائبان مارك ضو ونجاة صليبا عن تسمية سلام حفاظاً على وحدة النواب. وأكدت المصادر أن التشاور سيبقى مفتوحاً بين النواب، غير أن التواصل يقتصر على الهاتف، بعدما سيطرت السخونة والتضارب في المواقف على اجتماع أمس. واتّهم نواب من المجموعة زميلتهم بولا يعقوبيان بالتسبب في المشكلة بسبب إصرارها على طرح اسم نواف سلام تارة، وآخرين تارة أخرى في محاولة للقوطبة على نواب آخرين لضمّهم إلى مجموعتها.
– بعد إعلان «القوات» موقفه، لم يعُد في إمكان التيار الوطني الحر المناورة باسم نواف سلام. وتقول مصادر التيار إن «القرار لم يُحسم بعد»، لكن الأكيد أن «التيار لن يصوّت لميقاتي. فبين ميقاتي والفراغ، نختار الفراغ»، وهو ما فُهِم منه أن «الخيار سيكون ورقة بيضاء»، على أن يفاوض التيار الرئيس المكلف في شكل الحكومة وبرنامجها حتى يقرر المشاركة من عدمها، وبالتالي منحها الثقة أو لا.
– لم تبرز إشارات إلى أن مسار ما بعد التكليف سيكون سهلاً، بل إن تعقيداته يُرجّح أن تكون أكبر من التسمية، وسط توقعات بأن يتشدّد رئيس الجمهورية تجاه ميقاتي. ليس في عملية التأليف، وحسب، بل أيضاً في ما خصّ تصريف الأعمال في الفترة الباقية من عمر العهد، وخاصة أن ميقاتي كان قد التزم مع عون قبل تأليف الحكومة السابقة بحلّ عدد من الملفات؛ من بينها: حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، التدقيق الجنائي والكهرباء ولم يلتزِم بأيٍّ منها.