كتبت صحيفة “النهار” تقول: تقدم ملف الوساطة الأميركية في المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية المشهد السياسي الداخلي، رغم انهماك الأوساط الرسمية والسياسية في الاستشارات الجارية لتأليف الحكومة. ذلك انه بعد يومين من صدور مؤشرات لتحريك أميركي للاتصالات مع إسرائيل، أعلنت الخارجية الأميركية ما يشبه التطور الإيجابي في هذا الملف، اذ افادت ان الوسيط الأميركي في المفاوضات بين لبنان وإسرائيل اموس هوكشتاين عقد مفاوضات الاسبوع الماضي مع المعنيين في اسرائيل “وان المباحثات كانت مثمرة وتقدمت نحو هدف تذليل الفوارق بين الطرفين”. وأكدت الخارجية “استمرار الولايات المتحدة في التواصل مع الأطراف المعنية خلال الأيام والاسابيع المقبلة”.
في غضون ذلك لم تكن الجولة الأولى من الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والتي شملت معظم الكتل النيابية سوى تأكيد للمؤكد لجهة رسم المشهد النيابي والسياسي المعقد الذي يحوط بمهمة ميقاتي في تأليف الحكومة العتيدة. فمع ان ظاهر المواقف المعلنة للكتل يوحي برغبات في تسهيل مهمة الرئيس المكلف، غير ان بواطن الأمور لا تستوي مع المشهد الشكلي. اما المفارقة البارزة التي غلبت على الوقائع السياسية المتصلة بهذه الاستشارات فتمثلت في تناقض واسع يعكس جانبا من الصراع السياسي الحاد المتحكم بالملف الحكومي. فاذ ذهب “حزب الله” بعيداً في المزايدة في زعم تسهيله للحكومة والحض على سرعة تأليفها وفتح أبوابها للجميع، فان الكتل “الزاحفة” التي أبدت استعدادها للمشاركة في الحكومة تمثلت عملياً بكتل 8 اذار والتكتل الشمالي. اما “النزعة” المقابلة الى عدم المشاركة في الحكومة التي عبرت عنها كتل عديدة “زاهدة” في المشاركة، فبدت بمثابة التوازن السلبي في التحفظ او رفض المشاركة في حكومة اخر العهد وهو الموقف الذي اكثر ما عكسته كتلة “القوات اللبنانية” كما عبرت كتل “اللقاء الديموقراطي” والكتائب و”تكتل النواب التغييريين” واخرين عن الرغبة في عدم المشاركة في الحكومة. ووسط هذا التوازن السلبي الذي رسمته الجولة الأولى من استشارات ميقاتي النيابية امس تستكمل اللوحة السياسية في الجولة الثانية اليوم خصوصا مع تكتل “لبنان القوى” العوني الذي من غير الواضح بعد ما اذا كان سيتخذ موقفا جذريا حاسما من حكومة ميقاتي العتيدة وهو الذي رفض تسميته وتتسم علاقتهما بتوتر وبقطيعة ام ان معالم فتح تسوية قد تلوح بعد اللقاء اليوم بينهما في ساحة النجمة.
مشروع التعديل
في أي حال وبعيداً من المسرح المباشر للاستشارات العلنية في ساحة النجمة، تفيد المعطيات المتوافرة حول مسار التأليف ان أي انطلاقة فعلية إيجابية لم تبدأ ولم تتحقق بعد. ولا يبدو ان مهمة الرئيس المكلف قد حظيت في الاستشارات بدفع إيجابي لجهة مشروعه المرجح لجهة تطعيم وتعديل حكومة تصريف الاعمال بوجوه جديدة واستبدال عدد من شاغلي الحقائب باخرين، لان هذا الاتجاه واجه اعتراضات واسعة من عدد من الكتل والنواب، ولو ان عددا قليلا منها وافق عليه مثل كتلتي الثنائي الشيعي وانما ربطا بطبيعة التبديلات التي سيقترحها ميقاتي. اما الكتل المعارضة فلا تبدو في وارد التسليم لميقاتي بمشروع التعديل الحكومي. وإذ يستبعد ان تظهر أي تطورات ملموسة في مهمة التاليف هذا الأسبوع، تشير المعطيات الى ان بداية التحرك نحو بلورة ميقاتي وانجازه مشروع التشكيلة العتيدة سيكون في منتصف الأسبوع في اقل تقدير علما ان ثمة اوساطا ترصد ما اذا كان لقاء او اكثر سيعقد بين ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون قبل انجاز الرئيس المكلف مشروع تشكيلته ام ان الأخير سيذهب مباشرة الى بعبدا حاملا المشروع.
وبالتزامن مع الاستشارات لوحظ ان “حزب الله” يعتمد سياسة إعلامية مركزة للايحاء بانه الرافعة المسهلة لتأليف الحكومة. وفي هذا السياق اعلن نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم في بيان “أنّ “حزب الله “مع تشكيل الحكومة وعدم إضاعة الوقت وعدم إنهاك التّشكيل بالشروط والشروط المُضادة، فالفرصة لا تسمح بأن يأخذ كلّ فريق مكتسبات من الحكومة،المطلوب أن نُعطي المكتسبات للمواطنين وللوطن وهذا يَفتَرض أن نُخفّف من المطالب لمصلحة تشكيل الحكومة”. وقال “نحن نؤيّد أن تجري التعديلات على الحكومة الحالية ليدخل إليها من يرغب بالدخول والتعاون أو ليعدّل من يعدّل في بعض الوزراء للإسراع في عدم الوقوف في فخّ الأسماء الجديدة التي يُمكن أن تأخذ وقتًا طويلًا”.
دفع الرواتب
وسط هذه الاجواء، سجلت امس حلحلة في ملف رواتب موظفي القطاع العام. وبعدما عرض ميقاتي مع وزير المال يوسف خليل موضوع صرف رواتب العاملين في القطاع العام تم الاتفاق على اتخاذ الاجراءات المناسبة لدفع الرواتب في موعدها. وجرى التواصل مع المدير العام لوزارة المال بالوكالة جورج معراوي لاتخاذ الاجراءات التنفيذية المناسبة. واعلن موظفو مديرية الصرفيات في وزارة المال انهم سيعاودون العمل لإنجاز الرواتب والمساعدة الاجتماعية.