كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بحجم “منفوخ” حرص رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على تظهير صورة مشاركته في استشارات التأليف غير الملزمة بعد الطلب من نواب “الطاشناق” والنائب محمد يحيى iالمشاركة إلى جانبه في لقاء الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لكن سرعان ما أعادته تصريحات “الطاشناق” ويحيى إلى “حجمه الطبيعي” خارج قاعة اللقاء، في ظل ما أبدياه من تمايز واضح في الموقف عن “التيار الوطني” إزاء عملية التشكيل، سواءً لناحية تأكيد النائب هاغوب بقرادونيان الاستعداد للمشاركة في الحكومة، أو لجهة إعراب يحيى عن دعمه لتوجهات ميقاتي.
أما باسيل فلم يُسعفه افتعال الحركات والإيماءات أمام العدسات لإضفاء طابع مصطنع من الارتياح والثقة بالنفس، في تورية طابع الارتباك واختلال التوازن الذي طغى على مضمون تصريحه من مجلس النواب، فبدا متحسساً الوهن في فرض شروط التأليف هذه المرة على أعتاب نهاية العهد، لينعكس ذلك ضياعاً في الموقف، تارةً بين التشديد على وجود “مشكلة حقيقية في ميثاقية” التكليف ثم التأكيد على “تخطي هذه المشكلة”، وتارةً أخرى بين إبداء التعفف عن المشاركة في الحكومة ثم الإعراب عن عدم وجود قرار نهائي بعد بعدم المشاركة فيها… ليترك بذلك الباب موارباً أمام إدخال المفاوضات مع الرئيس المكلف في “بازار” مفتوح على المقايضات والمحاصصات تحت سقف الشروط التي أعاد تعدادها أمس وفي مقدّمها “حاكمية المصرف المركزي والمداورة في الحقائب”.
وعلى الضفة الحكومية المقابلة، رسم ميقاتي بوضوح العناوين العريضة لتصوره الحكومي حاصراً مهام التشكيلة المرتقبة بجملة أولويات أهمها “استكمال ما بدأته” حكومته المستقيلة مع صندوق النقد وإنجاز “خطة الكهرباء” و”ملف ترسيم الحدود البحرية” مع إسرائيل، وسط معطيات تفيد بأنّ الاتجاه الراهن في عملية التعديل الوزاري المطروحة في تركيبة الحكومة الجديدة هو نحو انتزاع وزارة الطاقة من قبضة رئيس “التيار الوطني الحر” لضمان وقف تعطيل عروض حل أزمة الكهرباء، وذلك ضمن إطار مداورة وزارية على المستوى الطائفي تفضي إلى جعل حقيبة الاقتصاد من حصة الموارنة مقابل إيلاء حقيبة الطاقة لوزير سنّي.
واليوم سيقوم ميقاتي بزيارة “جس نبض” إلى قصر بعبدا، حسبما وصفتها مصادر مواكبة لمشاورات التأليف، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ الزيارة تهدف إلى “جوجلة الأفكار مع رئيس الجمهورية ميشال عون في ضوء حصيلة المشاورات التي أجراها الرئيس المكلف مع الكتل والنواب في البرلمان”، من دون أن تستبعد المصادر أن يعرض ميقاتي “تصوّره للتشكيلة الحكومية شكلاً ومضموناً على عون بعدما صار موقفه واضحا لناحية تفضيله الإبقاء على طابع حكومة التكنوقراط، مقابل وجود أفكار أخرى يدعمها “حزب الله” الذي يحبّذ تطعيم الحكومة بسياسيين ضمن تشكيلة ثلاثينية، من خلال إضافة 6 وزراء دولة على تشكيلة الـ24 الراهنة في حكومة تصريف الأعمال”. وختمت المصادر بالإعراب عن قناعتها بأنّ أجواء اجتماع اليوم بين عون وميقاتي “ستحدد مسار التأليف إن كان يسير باتجاه التسهيل أم التعطيل”.
وفي الغضون، عاد ملف الترسيم البحري مع إسرائيل إلى الواجهة خلال الساعات الأخيرة في ضوء التصريحات الأميركية واللبنانية التي أكدت المعلومات التي كانت “نداء الوطن” قد تفرّدت بالكشف عنها نهاية الأسبوع الفائت، لناحية وجود مؤشرات إيجابية ترجح إعادة إحياء المفاوضات غير المباشرة في الناقورة بالارتكاز إلى نجاح الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في دفع الإسرائيليين نحو مناقشة الطرح اللبناني الجديد.
وغداة تأكيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أنّ مناقشات هوكشتاين مع الإسرائيليين “أفضت الى نتائج مثمرة تقلّص الخلافات بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي”، متعهداً بأن “تبقى الولايات المتحدة منخرطة في مباحثات ترسيم الحدود في الأيام والأسابيع المقبلة”، عُلم أنّ اتصالاً جرى بين الوسيط الأميركي ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وضعه فيه في آخر المستجدات المتصلة بملف الترسيم. ونقلت أوساط مواكبة أنّ هذه المستجدات “عكست أجواء إيجابية تشي بقرب استئناف مفاوضات الناقورة برعاية أميركية”، لكنها آثرت في الوقت عينه الإبقاء على التفاؤل الحذر بانتظار “الخبر اليقين من هوكشتاين الذي يؤكد السير في هذا الاتجاه”.
وكان بو صعب قد غرّد أمس عبر حسابه على “تويتر” مثنياً على “بيان وزارة الخارجية الأميركية عن المحادثات التي أجراها هوكشتاين مع الاسرائيليين والتي وصفها بالمثمرة”، فاعتبر أنه “أمر إيجابي” وأعرب عن تقديره “تعهّد الادارة الاميركية بالتواصل في الأيام المقبلة الذي نأمل منه أن يؤدي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة”.