كتبت صحيفة “الشرق” تقول: أما وقد هدأت جبهة حرب المستشارين، واعلن وقف اطلاق النار بين الرئاستين الاولى والثالثة، بعدما ادخل البلاد في حال من التشنج السياسي، ليس الوقت وقته، ولا هو لائق اساسا بالمقامين الارفع في الدولة اللبنانية، او ما تبقى منها، فإن السكون خيم على البلاد امس لا سيما على ضفة التشكيل في انتظار اعادة المياه الى مجاريها وتهدئة النفوس المشحونة تمهيدا لعودة البحث في صيغ وتشكيلات جديدة. فيما بدأ الانشغال في تحضيرات المؤتمر الوزاري العربي الذي ينعقد في بيروت السبت المقبل، للتشاور في جدول اعمال القمة العربية التي تعقد في الجزائر في تشرين الأول المقبل وسط استمرار غياب سوريا التي تترقب تطورات المنطقة قبل ان تقرر العودة الى الحضن العربي، او بالاحرى يقرر العرب اعادتها. وقد بدأت طلائع وفود وزراء الخارجية تصل الى بيروت اعتبارا من امس. وعلى وقع الانهيارات المالية والاقتصادية والمعيشية،قدم الرئيس نجيب ميقاتي جديدا على محور خطة النهوض من خلال اقتراح صندوق تعافي للمساهمة في اعادة جزء من الودائع المصرفية، من دون ان تفسد الاتفاق مع صندوق النقد.
لجنة المال
غداة سقوط اولى محاولات التأليف، بضربة رئاسية، وفيما سيطر الجمود على مسار التشكيل، تقدّم الهم الاقتصادي المالي المعيشي الى الواجهة. ففي ساحة النجمة، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي للبحث في المسائل المتعلقة بمشروع موازنة ٢٠٢٢ كما التشريعات المالية المتعلقة بخطة التعافي.
اقتراحات ميقاتي
وتحدثت معلومات عن أن ميقاتي تقدم باقتراحات جديدة لها علاقة بخطة النهوض، اعتبرها بعض النواب بمثابة خطة جديدة، فقد اقترح ميقاتي ما يعرف بصندوق تعافي من أجل المساهمة في إعادة جزء من الودائع المصرفية. وشدد بحسب المعلومات، على ان هذه الاقتراحات لا تفسد الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد، وقد طالبه النواب بصياغة هذه الاقتراحات وإحالتها إلى مجلس النواب. ونقل النواب عن الرئيس ميقاتي أن كل يوم في عدم إقرار الخطة والتوقيع مع صندوق النقد يكلفنا خسارة تقدر بـ ٢٥ مليون دولار يوميا.
تأمين الودائع
وفي حين طالب النائب سيمون ابي رميا اثر الجلسة بالاسراع في اقرار خطة التعافي وبجلسة استماع ومساءلة لحاكمية مصرف لبنان، اكّد كنعان في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع ان “موقفنا هو بأن حقوق المودعين مكفولة في الدستور ويجب ان تؤمن من خلال توزيع عادل للخسائر في خطة التعافي التي لم تتم احالتها بعد الى المجلس النيابي”.
الانترنت
وسط هذه الاجواء، الازمات تراوح بلا حلول. وعشية دخول قرار رفع تكلفة الاتصالات حيز التنفيذ، افيد ان أوجيرو بدأت بإطفاء سنترالاتها تباعاً بعد نفاد مادة المازوت من خزاناتها وعدم قدرتها على شراء المادة بسبب إضراب القطاع العام، الذي منع وزارة المال من دفع سلفات الخزينة التي اقرت في مجلس الوزراء.
ازمة الخبز
في الغضون، وفي وقت تراجعت اسعار المحروقات بعض الشيء، استمرت معضلة شح الخبز. في السياق، حمّل النائب وائل أبو فاعور، مديرية الحبوب والشمندر السكري “مسؤولية تغطية الفساد والخراب في ملف الطحين، وانتقائية بعض الموظفين بتوزيع القسائم، وهناك تجار يتحكّمون بتوزيع الطحين وبعض الأفران يبيعون قسائمهم، وثمّة مطاحن شريكة في هذه العصابة المنظّمة التي تسرق رغيف الخبز”.
مساعي التوفيق بين ميقاتي وباسيل اخفقت…
يلتقي الجميع على ان مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي ليست سهلة في ضوء ما افرزته من نتائج الاستشارات النيابية الملزمة التي اكدت وجود تضعضع سياسي ونيابي لم تعرفه البلاد من قبل. وفي موازاة هذه المشهدية من الانحلال والتفكك داخل فريقي المعارضة والموالاة جاء كلام باسيل الذي سبق الاستشارات وأعقبها، ومواقفه منها، ثم تصريحات ميقاتي عن تفعيل حكومة تصريف الاعمال قبل ان يقدم بالأمس تشكيلته الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ليعبر عن تسليم بوجود ازمة حقيقية بين الطرفين تجعلهما مقتنعين بأن عملية التأليف مشدودة بحبال متباعدة كل منهما يمسك بها لجهته من اجل تكريس نفوذه الحكومي، وان المواجهة الاساسية ستكون بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه من جهة وميقاتي من جهة ثانية، إذ علم هنا ان وساطة قامت بها مرجعية رسمية لم تحقق نجاحا لترتيب تواصل مباشر بين ميقاتي وباسيل، وان انقطاع العلاقات مستمر بين الجانبين بغض النظر عن لقاء استشارات التأليف، وان موقف عون وباسيل من فكرة التعديل الوزاري مرتبط بالموقف من ضرورة ان تكون الحكومة الجديدة مكتملة الشرعية من خلال حصولها على ثقة المجلس النيابي وذلك لمنع بروز مشكلة في حال عدم تمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
النائب السابق علي درويش المقرب من الرئيس ميقاتي لا ينفي عدم نجاح مساعي التوفيق بين ميقاتي وباسيل، لافتا الى ان الامور لا بد ان تأخذ مجراها الطبيعي وان الخلاف في السياسة ليس مستغربا، علما ان الرئيس ميقاتي عمل وسوف يبقى يسعى لتقريب وجهات النظر اعتقادا منه أن المرحلة الصعبة التي تواجهها البلاد تتطلب التكاتف لمواجهتها. كما انه رفض تشكيل حكومة من اللون الواحد تفتقد لتمثيل اي مكون من المكونات الللبنانية وهو عمل لتشكيلة تمثل الجميع سلمها للرئيس عون بالامس.
وردا على سؤال حول رفض البعض حكومة الوحدة الوطنية والمطالبة بحكومة سياسية قال: “إن ميقاتي كان لديه تصور للحكومة المفترض تشكيلها، لكنه وقف اولا عند رأى الكتل النيابية ليخلص بعدها الى التوافق في شأنها مع رئيس الجمهورية على خلفية العلاقة الممتازة بينهما، وان التشكيلة كما بات معروفا غير بعيدة عن حكومة تصريف الاعمال التي تحوز على رضى الغالبية.