جويل الفغالي – نداء الوطن
زيادات خيالية وغير مشروعة على أقساط المدارس الخاصة للعام الدراسي المقبل 2022-2023، قسم منها بالليرة اللبنانية تضاف اليها رسوم بالدولار النقدي وذلك لتغذية صندوق دعم المدرسة. قد يكون ذلك طبيعياً طالما أسعار كل السلع في لبنان أصبحت مرتبطة بسعر الدولار، ولكن ما هو غير مقبول الفوضى داخل القطاع وعشوائية الأقساط. فما هو مصير الأهالي غير القادرين على تأمين هذه الدولارات؟
ككل شيء في البلد، أصبح التعليم في المدارس الخاصة ترفاً لا يتمتع به سوى الميسورين، ويبدو أن صرخة الأهالي ستكون عالية هذه المرّة بعدما بدأت بعض المدارس ترسل تكاليف اقساطها لأهالي الطلاب. مدرسة سان جوزيف عينطورة، على سبيل المثال، طلبت من ذوي الطلاب تسديد 450 دولاراً على التلميذ الواحد، و400 دولار في حال كان للعائلة ولدان مسجلان في المدرسة، و350 دولاراً في حال كان للعائلة ثلاثة أولاد، إضافة الى مبلغ بالليرة اللبنانية يتراوح بين 24,800,000 و 25,200,000 ليرة لبنانية بحسب المرحلة التعليمية. وكذلك مدرسة «مون لاسال»، حيث تراوحت الاقساط فيها بين 200 و300 دولار تضاف الى مبلغ بالليرة يتراوح بين 12,500,000 و19,500,000 ليرة. ومدرسة «السانت فامي- الفنار» التي فرضت مبلغاً بالدولار يتراوح بين 575 دولاراً و750 دولاراً مقسمة بحسب المرحلة التعليمية، بالإضافة الى مبلغ بالليرة اللبنانية مع الخصومات اللازمة على الدولار حسب أعداد الاولاد لكل عائلة.
بين الأهالي والاساتذة
أوضحت المستشارة القانونية لاتحاد هيئات لجان الأهل في المدارس الخاصة المحامية مايا جعارة أنه «وفقاً لقانون 515/ 96، لا يجب أن تتحدد الزيادات في هذا الوقت، لأن موازنة المدارس مفترض أن تقدم في نهاية شهر كانون الثاني أول شباط، ولكن اليوم واستثنائياً تحاول بعض المدارس ترقب مصير الأقساط للسنة المقبلة، كي يتخذ الأهالي القرار المناسب وكذلك لناحية الاساتذة. وبعد أن أصدر وزير التربية تعميماً يقضي بالسماح للمدارس الخاصة بالتسعير في عملة غير الليرة اللبنانية، تفاوتت الأقساط بين مدرسة وأخرى بنسب عالية، حيث أن «المدارس التي يرتادها طلاب من عائلات قدراتها الشرائية متدنية ستكون تسعيرتها ما بين 50 أو 150 دولاراً (فريش)، أما بالنسبة للمدارس الكبيرة فهي تبدأ من 400 دولار وصولاً إلى 1000 دولار (فريش). فاليوم حوالى 70 بالمئة من طلاب لبنان يرتادون المدارس الخاصة فيما أصبح 80 بالمئة من الشعب اللبناني يرزح تحت خط الفقر. وبالتالي تدل هذه الأرقام على أن عدداً كبيراً من أهالي الطلاب يعانون وستزداد معاناتهم العام المقبل، فهم غير قادرين على تحمل هذه الزيادات بمفردهم».
أما بالنسبة للرواتب التي ستدفع للأساتذة، فمن المرجح انهم سيقبضون بين 15 إلى 20 بالمئة من رواتبهم بالفريش، أي ما يعادل 300 دولار للرواتب التي تقدر في المتوسط بـ 2 مليون ليرة والباقي يسدد بالليرة اللبنانية».
بالنسبة للموازنة
المادة 2 من القانون 515/ 96 هي الناظم للموازنات المدرسية في المدارس الخاصة، والتي تحدّد النسب القصوى للنفقات التشغيلية (35 في المئة)، والنسب الأدنى للأجور والرواتب وملحقاتها (65 في المئة)، مع تحديد أبواب النفقات والإيرادات وتوزيعها على مجموع التلاميذ لتشكّل القسط المدرسي. وفي العام الدراسي 2021-2022، كانت تدفع 30 بالمئة على النفقات التشغيلية بالفريش دولار، و70 بالمئة على الرواتب والاجور بالليرة اللبنانية، وأصبح هناك تفاوت كبير بينها اذ أصبحت قيمة الـ30 بالمئة اكبر من قيمة الـ70 بالمئة. وتقول جعارة: «بالنسبة لموازنة العام الدراسي المقبل، من المرجح ألا نشهد هذا التفاوت بما أن رواتب الاساتذة سترتفع، وسنعاود احتسابها على أساس 35 و65 بالمئة، ولكن تبقى المشكلة في زيادة نسبة الاقساط التي يعجز بعض العائلات على تحملها، لذلك نحن نشدد اليوم على أن تكون المساعدات من خارج نطاق المدرسة».
الحلول المطروحة
أكدت جعارة أن «هناك عدداً من الحلول المطروحة والتي يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الأقساط على الأهالي، وبالتالي لتتوزع المسؤوليات بشكل عادل وعدم تحميلها لطرف واحد.
• أولاً، تفعيل دور المجالس التحكيمية التربوية: وهي محكمة تبت بالخلافات بين لجنة الأهل وإدارة المدرسة التي من شأنها ضبط الأمور والبت في أي نزاع حول الأقساط، في حال اعترضت عليها لجنة الأهل والتدقيق في حسابات المدارس والموازنات، لكنها معطلة ولم تشكل وزارات التربية المتعاقبة منذ عام 2017 لجاناً خاصة بها. إن دور هذه المجالس اليوم بات ضرورياً، فهو يبرز الشفافية في الموازنات.
• ثانياً، إعطاء مصرف لبنان الدولار الطالبي للمقيمين كما للطلاب الذين يتعلمون في الخارج، وذلك عبر تسهيل عملية تحويل الأموال من حسابات الأهالي إلى حسابات المدارس واعتماد الدولار الطالبي الفريش، الأمر الذي يسهل على إدارات المدارس عملية دفع الرواتب وتسديد مصاريفها التشغيلية. لأن التعليم حق أساسي للطلاب وعليه أن يعطي الأولوية لقطاع التعليم، والقيام بواجباته كونه المسؤول عن الاستقرار الاجتماعي.
• ثالثاً: دعم المدارس الخاصة عبر البطاقة التربوية: مع العلم أن لبنان يتلقّى مساعدات خارجية مختصّة بالبطاقة التربوية، إنما جميعها تذهب إلى المدارس الرسمية لدعمها مادياً دون أن يؤدي ذلك إلى أي تحسين في جودتها».
ومن لا يملك الدولار ماذا يفعل؟ يُحرم من التعليم؟ أو يتوجه الى المدارس الرسمية المتعثرة أساساً؟ فالتعليم ليس من كماليات الحياة يمكننا أن نستغني عنه في حين ضيق الأحوال، بل هو أساس التنمية المستدامة وعنصر أساسي لتحرير الإنسان من الفقر والجوع والبطالة.