كتبت صحيفة الديار تقول: إحتلّت حقيبة وزارة المال حيزاً مهماً في اللقاء الذي جمع بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وبين الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، والذي عُقد أمس في الديمان. الخلوة التي جمعت الرجلين تطرّقت الى الصعوبات التي تواجه تأليف الحكومة، وعلى رأسها مطلب التيار الوطني الحرّ الذي يطالب بمداورة في الحقائب السيادية، حيث تشير المعلومات إلى أن التيار يصرّ بالتحديد على وزارة الداخلية، التي تشكّل عنصرا أساسيا في استراتيجية التيار في المرحلة المقبلة.
وبحسب بعض المصادر، فإن حصول التيار على وزارة الداخلية، يسمح له بإعطاء الإذن للقضاء بملاحقة مدير عام قوى الأمن الداخلي، كما والقبض على حاكم مصرف لبنان، وهو أمر أسهل الحصول عليه من الحصول على وزارة المال التي يتمسّك بها الرئيس نبيه برّي ويريد إسنادها إلى رجله المخلص النائب السابق ياسين جابر.
وتشير المصادر نفسها، إلى أن الوصول إلى رياض سلامة، يتم عبر وزارة المال أو وزارة الداخلية والبلديات، وبالتالي الطريق عبر وزارة المال مقفل من قبل برّي، الذي يشدّ على يد الرئيس المكلّف بهدف منع النائب جبران باسيل وفريقه من الحصول على وزارة الداخلية بأي ثمن.
الرئيس المكلّف الذي أعلن بعد لقائه البطريرك الماروني أن «لا حقيبة محصورة بطائفة، ولكن بهذا الظرف الذي نمرّ به لن أفتح إشكالًا في ما يخصّ وزارة المال»، لن يقبل أي تعديل في الوزارات السيادية، نظرًا إلى معرفته المسبقة بما سيقوم به النائب باسيل في حال حصوله على وزارة المال أو وزارة الداخلية. هذا التحليل مدعوم بتصريح ميقاتي الذي قال «لا يمكن للرئيس أكل الكنافة وترك قالبها، عليه ان يختار ماذا يريد، وعليه يتم التغيير في التشكيلة، إذ لا يمكن لطرف ان يقدم طلباته ويفرض شروطه». وبالتالي لن يقدّم ميقاتي أي تشكيلة تتضمّن تعديلًا في هذه الوزارات.
مسرحية التأليف التي بدأت، مؤلفة من عدّة أجزاء قوامها: لقاءات ثم تشاور ثم تعديلات، فرفض، فـ «فيتو»… وفي هذا الوقت يعيش المواطن اللبناني أسوأ أيامه في ظل عجز كبير عن تأمين أبسط حاجاته من أكل وشرب ومحروقات وكهرباء وأدوية. المولدات الخاصة بدأت التسعير بالدولار، كما كل القطاعات التي سبقتها (السوبرماركات وغيرها)، وها هي تأكل بشراهة مدخرات المواطن. هذا الجشع لم يكتف به القطاع الخاص وحده، بل مارسته الدولة بنفسها، التي فرضت رفع تعرفة الاتصالات في جريمة ضد المواطن، الذي لا تزال ردّة فعله خجولة، وتقتصر على انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي.
الواقع المعيشي يتعقدّ يوما بعد يوم، في ظل عملية قتل للوقت من قبل القوى السياسية، وكأنها تنتظر إشارة من الخارج، أغلّب الظن أنها تدور حول ملف ترسيم الحدود الذي يحوم حوله تكتّم شديد من قبل القوى السياسية، على الرغم من تأكيد ميقاتي أن لديه معطيات جديدة حول الملف، وينتظر الردّ الرسمي على المبادرة اللبنانية، غير المعلنة رسميًا للرأي العام، والتي من المحتمل أنها تنص على التخلّي الكامل عن الخط 29 والقبول بالخط 23 الذي يقطع حقل قانا إلى شطرين. هذا التكتّم من قبل القوى السياسية تمّت ترجمته بإيعازات بعدم إثارة موضوع ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي أو على الإعلام، وبالاكتفاء بربط الملف بقرار الرؤساء الثلاثة.
الواقع المعيشي أصبح يشكّل عبئا كبيرا على القوى السياسية، التي أعادت التركيز على مشكلة النزوح السوري وكلفته على لبنان. وإذا كانت هذه الكلفة واقعية وحقيقية، إلا أن مصدرا سياسيا قال لـ «الديار» ان توقيت هذا التركيز، هو دليل على فشل القوى السياسة المعنية باستجرار حلول للأزمة المعيشية القاهرة التي يعيشها المواطن، والتي توقّع المصدر أن تترجم على الأرض باشتعال ثورة عفوية، بدأت معالمها مع إقفال الطرقات في العديد من المناطق وزيادة الجريمة. هذا الضغط الاجتماعي لن يؤثّر في موقف رئيس الجمهورية في عملية تأليف الحكومة، بحسب وزير سابق، مضيفًا أن الرئيس عون لن يوقّع على أي تشكيلة لا تؤمّن الحدّ الأدنى من الضمانة للمستقبل السياسي للنائب جبران باسيل.
الأنكى في كل ما سبق، أن «التناتش» على الحصص الوزارية مستمر حتى اللحظة، بدون أن يرفّ جفن للمعنيين الذين يتحدّثون عن «الكنافة» في وصف الحصص الوزارية !!!
وكان يوم أمس، قد شهد لقاء لوزراء الخارجية العرب في حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ. هذا الاجتماع الذي يدخل ضمن اللقاءات التشاورية بين الدول العربية تحضيرا للقمّة العربية المقبلة، حيث نوقش بالدرجة الأولى عودة جمهورية سوريا العربية إلى حضن جامعة الدول العربية، كما والواقع السياسي والاقتصادي في لبنان.
الاجتماع ضمّ كلا من وزراء خارجية الأردن، وتونس، والجزائر، والسودان، واليمن، والصومال، وفلسطين، وقطر، والكويت، وجمهورية القمر، وعن مصر نائب وزير الخارجية. وعن دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والعراق، وسلطنة عُمان، وليبيا، وجيبوتي، والمغرب فقد تمثّلت بمندوبيها الدائمين في الجامعة العربية. أمّا البحرين فقد تمثّلت بسفيرها في سوريا. وحضر الاجتماع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب. أمّا سوريا فلم يتمّ تمثيلها نظرا إلى تجميد عضويتها في جامعة الدول العربية.
إستضافة بيروت لهذا اللقاء، يأتي في إطار ترؤس لبنان الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب، إلا أن اللافت هو غياب وزير الخارجية السعودي والسفير السعودي في لبنان (الذي استضاف وزير الخارجية اليمني على مأدبة غداء)، وهو ما يعني عدم رضى المملكة العربية السعودية عن التركيبة السياسية القائمة حاليا في لبنان (رئاسيا وحكوميا)! وله دلالاته على حجب المساعدات المالية للحكومة اللبنانية للخروج من الأزمة.
الوفد العربي زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي. وكان للرئيس عون كلمة قال فيها «التعاون والتضامن بين الدول العربية مهمّ في ظلّ ما تشهده دولنا من أزمات وضغوط وتحولات»، لافتاً إلى أنّ «القضية الفلسطينية في مقدّمة الاهتمامات وأيضاً معاناة بعض الدول العربية وشعوبها من الحروب». وأضاف الرئيس عون أنّ «لبنان لم يعد قادراً على تحمّل أعباء الأعداد الكبرى للاجئين والنازحين على أرضه، ونأمل منكم المساعدة لمواجهة هذه التحديات». كما لفت إلى أنّ «لبنان رغم ظروفه الصعبة، مصمّم على إيجاد الحلول للخروج من أزماته وهو يتمسك بثرواته المائية والنفطية والغازية».
أمّا الرئيس برّي فقد صرّح أن «لبنان لن ينسى أشقاءه العرب، ولن ينسى الطائف ولا الدوحة ولا الكويت في يوم من الأيام، لكن الآن لبنان يطلب ويتوق الى أشقائه العرب ويتمنى مجيئهم والدخول الى صلب ما يشكو منه لبنان». وأضاف أن «لبنان على الإطلاق ليس بلداً مفلساً إنما هو في حالة توقف عن الدفع وهو يمتلك كل مقومات النهوض والقيامة من الأزمات إذا ما توافرت النيات الصادقة من أبنائه كما من أشقائه العرب وأصدقائه في العالم». وتابع: «أن لبنان زاخر وقادر على تقبل المشاريع والاستثمار في مجال الكهرباء وإنشاء مصافي تكرير النفط». وعن الموضع السوري والقضية الفلسطينية، قال برّي «اليوم وأنتم في لبنان نفتقد في هذا اللقاء الوزاري العربي سوريا التي تعرضت لعدوان اسرائيلي جديد من خلال الأجواء اللبنانية المطلوب على الأقل من اجتماعكم الاستنكار وهذا أضعف الإيمان، والأمر الآخر الذي يجب أن يدركه العرب جميعاً أن لا عرب من دون فلسطين والعروبة تنتهي بانتهاء فلسطين… علينا أن نعي ماذا يخطط للقدس ولفلسطين، المطلوب ألا نجعل الضغوط والوقائع في داخلنا وفي دولنا تنسينا أولى القبلتين وثالث الحرمين، فالقدس ليست قطعة من أرض إنها قطعة من سماء».
من ناحيته توجّه أمين عام جامعة الدول العربية بالشكر للبنان على استضافة اللقاء، مؤكداً أن انعقاده في لبنان «هو رسالة دعم ومساندة للبنان شعباً ومؤسسات، بخاصة في هذا الظرف الصعب الذي يتطلب جرأة لاتخاد القرار».