الخميس, نوفمبر 7

وزراء الخارجيّة العرب سمعوا وناقشوا كلاماّ لبنانياّ واضحاّ حول ملف النازحين وعودة سورية

كتبت صحيفة “البناء” تقول: نقلت مصادر دبلوماسية لبنانية واكبت اجتماع وزراء الخارجية العرب التشاوريّ في بيروت، بعض الأجواء التي رافقته، خصوصاً لجهة نجاح لبنان على المستويات الرئاسية والوزارية بإثارة النقاش الهادئ والجدّي لملفي عودة النازحين السوريين، وعودة سورية إلى الجامعة العربيّة، وقالت المصادر إن العرض اللبناني الذي انطلق من اعتبار الوقائع السياسية الحاسمة لجهة استحالة عودة الوضع في سورية إلى الوراء، ونجاح الدولة السوريّة بتجاوز مرحلة الخطر وإثبات حضورها واستعادة أغلب مناطق الجغرافيا السورية، تستدعي بمعزل عن المواقف التي رافقت التعامل مع الأزمة السورية، اعتماد الواقعية السياسية لما يحقق المصلحة العربية بإعادة تفعيل صورة التضامن العربي، أمام وجود ثلاث قوى فاعلة في المنطقة، تمتلك سورية خطوط تماس معها، سلباً أو إيجاباً، وهي إيران وتركيا و»إسرائيل»، ولا يمكن مقاربة العلاقة العربية بها دون سورية، ورد المسؤولون اللبنانيون على الشروط التي يضعها بعض القادة العرب لتحقيق هذه العودة، سواء ما يتصل بتقدم الحل السياسي أو تخفيض مستوى التحالف مع إيران، بالدعوة لاعتبار عودة سورية شرطاً للنجاح بتشجيع سورية على التقدم بقوة على المسار السياسي، أو بتحقيق التوازن في علاقاتها. أما في ملف عودة النازحين فقد انطلق لبنان من اعتبارين، الأول الزمن الذي تجاوز العشر سنوات للنزوح، والثاني الكلفة التراكمية الباهظة التي يتكبّدها لبنان، وعطفا على تحسن الأوضاع الأمنية في أغلب المناطق السورية، يختصر لبنان دعوته بفتح المجال لنقل المساعدات التي يتلقاها النازحون من لبنان الى سورية، وتصير مساعدة عائد بدلاً من مساعدة نازح، ملوّحاً بأنه سيلجأ الى اصدار تقييدات قانونية تتيح فرض العودة بدون التراضي الذي يمكن توفيره لأي خطة عربية دولية منصفة، ورداً على بعض المواقف العربية حول ربط العودة بإعادة الإعمار، رد المسؤولون اللبنانيون بأن المقارنة لا تقوم بين عودة الى ما كانت عليه الحياة قبل الحرب واللاعودة، بل بين ظروف وشروط النزوح القاسية في مخيمات تفتقد الى أبسط شروط الكرامة الانسانية، وشروط العودة الكريمة، وبين عائد المساعدة على النازحين في لبنان وأسعاره المرتفعة، وعائدها على العائدين الى سورية وتفاوت كلفة المعيشة. وتقول المصادر الدبلوماسية اللبنانية إن حاصل المداولات ربما يكون أفضل من أي اجتماع رسمي، فالنقاش المفتوح في اجتماع لا صفة تقريريّة له هو تمهيد لبناء قناعات تنعكس في أي تداول رسميّ لاحق.

على مستوى ترسيم الحدود البحرية، كانت عملية المقاومة الإسلامية بإطلاق ثلاث طائرات مسيّرة فوق حقول بحر عكا، حدثاً لبنانياً وإقليمياً ودولياً، فمثلت إعلاناً من المقاومة ببقائها شريكاً خلف الدولة اللبنانية، تتولى منع الاستثمار في المناطق المتنازع عليها حتى ينتهي التفاوض، بينما يقع ملف التفاوض بيد الدولة، وهذه الرسالة ردّ على التحذيرات التي سمعها بعض المسؤولين اللبنانيين من التورط بأيّ تهديد لحرية العمل في حقول بحر عكا، لأنها باتت جزءاً من الأمن القومي الأوروبي بعد توقيع عقود استجرار الغاز منها بين حكومة الكيان والاتحاد الأوروبي، أو من اعتبار دخول المقاومة على الملف تهديداً لاستمرار الوسيط الأميركي بمهمة الوساطة، بعدما جاءت التطمينات الأميركية الكلامية تستعيد ما جرى في ملف استجرار الكهرباء من الأردن بالغاز من مصر، والوعود المتكررة بلا طائل، والخشية من تكرار بيع الوعود للبنان لضمان إطلاق يد الاحتلال في استخراج الغاز وبيعه، شكلت أحد عناصر مبادرة المقاومة التحذيريّة لرد الاعتبار لمفهوم المناطق المتنازع عليها، التي يريد الاحتلال ومن خلفه اعتبار إسقاطها شرطاً لمواصلة التفاوض، بينما ترد عملية المقاومة إحياء معادلة المناطق المتنازع عليها تسقط فقط عند إنجاز اتفاق الترسيم بصورة نهائية، وحتى ذلك الحين كل عمل فيه اعتداء على لبنان سيلقى رداً مناسباً.

في الشأن الحكومي يتوقع أن يلتقي اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، وقالت مصادر على صلة بالملف الحكومي إن الرئيس ميقاتي طلب من الرئيس عون إيداعه أسماء مقترحة لوزارتي الطاقة والاقتصاد، تحقق التوازن الطائفي، إذا كان هذا هو المأخذ على الأسماء المطروحة، ولا مانع من دراستها وفقاً لمعيار التعاون الذي يجب أن يحكم هذه الحقائب خصوصاً في علاقتها برئيس الحكومة.

دخل ملف تشكيل الحكومة في دوامة جديدة بعد أن كانت الأجواء عصر السبت تميل الى الايجابية، إلا أنها سرعان ما تبدّدت بعد جملة التسريبات الجديدة من قبل التيار الوطني الحر ضد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، الأمر الذي استدعى رداً من مكتبه الإعلامي على ما ورد، مفنداً حقيقة ما حصل في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لجهة التحفظ على قرار الإقالة قبل الاتفاق على البديل ومتحدثاً عما تقوم به الحكومة على صعيد ملف الترسيم والإصلاحات فضلاً عن ملف النازحين، ليعود التيار الوطني الحر ويردّ عبر مكتبه الاعلامي رامياً كرة التعطيل عند الرئيس ميقاتي ومتحدثاً عن الصلاحيات والدستور، مشيراً إلى أنّ مسودات التشكيلات الحكومية لا سيما الأولى منها غالباً ما تكون في سياق عملية الأخذ والردّ وضمن الهوامش المتاحة.

واشارت مصادر مطلعة لـ “البناء” الى انّ الرئيس المكلف يتعاطى في ملف التأليف انطلاقاً من مواد الدستور وهو يضع التصور لتشكيل الحكومة ونتشاور مع رئيس الجمهورية مع تشديد المصادر على أن الرئيس ميقاتي لطالما كان ولا يزال منفتحاً ومناقشة الأسماء مع الرئيس ميشال عون.

وقال المستشار الإعلامي للرئيس ميقاتي فارس الجميّل عبر قناة “الجديد”: طالما أنّ “التيار الوطني الحر” لم يسمّ رئيساً للحكومة وأعلن نيته عدم المشاركة في الحكومة فلماذا يريد أن يلعب دور الوصيّ على عملية التشكيل؟

وقال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إننا “نريد للحكومة أن تتشكل بأسرع وقت ممكن، دون تضييع وقت ودون تنافس على زيادة حصة من هناك أو زيادة حقيبة من هنالك، لا سيما أن ما نحن فيه اليوم في لبنان والمنطقة، يدفعنا لتجاوز الكثير من العقبات والمعوقات والإسراع في تشكيل الحكومة، تمهيداً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يمكن أن تتغير معه الأجواء وتصبح أكثر ملاءمة لمجاراة التطورات التي تحصل في الإقليم والعالم، منبها لـ “مخاطر التطبيع مع العدو الإسرائيلي، الذي يريد من خلاله أن يوجه قدراته ولؤمه وخبثه من أجل أن يستأصل جذوة المقاومة وبيئتها التي تنمو وتتنامى وتتعزز قدراتها في منطقتنا العربية والإسلامية”.

ومن عين التينة، وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إن الاجتماع الاخير لوزراء الخارجية العرب يفسر لنا الى حد ما الخروج من جو الطوق او الحصار العربي، وذلك نتيجة جهود الرئيس بري وجهود الآخرين، لكن بالتحديد الرئيس بري وأيضاً المساعدة القطرية للجيش اللبناني هي مؤشر وإن شاء الله تأتي المساعدة الاميركية التي وعدنا بها للجيش ولقوى الأمن واتفاق الإطار الذي نادى به الرئيس بري وخرجنا عنه وأضعنا وقتاً ومن ثم عدنا اليه بما يتعلق بـ 23 و29 عدنا اليه”.

وأضاف: “بشوية شغل وشوية هدوء وشوية عقلانية ان شاء الله المستقبل قد يتحسن، وعلى بعض الفرقاء في الداخل ألا يضع شروطا تعجيزية في ما يتعلق بتشكيل الحكومة”.

وحول موضوع المُسيّرات التي أطلقتها المقاومة أجاب جنبلاط: “العدو مش مقصّر” العدو ليس مقصراً باستخدام الاجواء اللبنانية. ايضاً هناك قواعد للعبة التي للأسف البعض من اللبنانيين لا ينتبه إليها ولا يراها”. وحول ما إذا كان يخشى على لبنان من حرب اسرائيلية: قال “لا أبداً لا حرب”.

وطالب البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بـ “إلحاح” بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقلّ أو شهرين على الأكثر، معتبراً أنّ الشعب ينتظر أن يكون رئيساً واعداً ينتشل لبنان من القعر الذي أوصلته إليه الجماعة السياسية، أكانت حاكمة أم متفرجة. وطالب الراعي، خلال عظة الاحد، المسؤولين السياسيين بتأليف حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن لحاجة بلادنا إليها أكثر من أي يوم مضى، مشدداً على أننا نريدها حكومة، كما ينتظرها الشعب، جامعة توحي بالثقة من خلال خطها الوطني ومستوى وزرائها، وجديتها في إكمال بعض الملفات العالقة، وضمان استمرار الشرعية وحمايتها من الفراغ.

وأجرى الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين اتصالات بمسؤولين لبنانيين معنيين بملف الترسيم بينهم نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، وطلب توضيحاً لما جرى بشأن إطلاق “حزب الله” طائرات مُسيّرة باتجاه حقل كاريش، بحسب ما أفادت مصادر سياسية.

واعتبر هوكشتاين أنّ إرسال حزب الله لتلك المُسيّرات من شأنه إيقاف جهود التفاوض، وقد يؤثّر على الإيجابية التي رشحت عن المُحادثات الأخيرة.

وفي السياق قال وزير الخارجية عبدالله بو حبيب: أبلغتني السفيرة الأميركية دوروثي شيا احتجاجها لإطلاق حزب الله مُسيّرات فوق حقل كاريش. وهناك اتفاق بأن لا يتمّ أيّ إثارة للوضع خلال المفاوضات.

أضاف: “اجتمعت مع السفيرة الأميركية وكانت متفائلة بشأن الوصول لاتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية”، مشيراً إلى ان “التفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية في مرحلة متقدمة جدًا وآخذ في التفاؤل ومن الآن حتى شهرين تتضح مساراته”.

وعلى خط المُسيّرات، اعتبرت مصادر مطلعة لـ “البناء” أنّ المُسيّرات تأتي في سياق تأكيد المؤكد أنّ لبنان يرفض تمييع المفاوضات غير المباشرة، مشيرة إلى أنّ حزب الله لا يقطع الطريق على التفاوض، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أهمية التمسك بالخط 29 تفاوضاً، مع تشديد المصادر أنّ المُسيّرات رسالة للإسرائيليين للتوقف عن البحث والتنقيب في حقل كاريش طالما أنه حقل متنازع عليه.

وفي القاهرة، أطلع الرئيس التنفيذي لشركة “اي غاز” المهندس مجدي جلال ممثلا وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا الذي تعذر حضوره اجتماع القاهرة لأسباب صحية طارئة، يرافقه ياسين محمد نائب رئيس الشركة، من وزير الطاقة والمياه وليد فياض ان الإدارة الأميركية تدرس كلّ الامور المتعلقة بالعقد بما فيها موضوع العقوبات على سورية؛ والأبرز في اللقاء التأكيد المصري مجدداً على جهوزية جمهورية مصر فنياً وتجارياً وتعاقدياً لضخ الغاز فور وصول رسالة التطمينات الأميركية الأخيرة.

وخلال ترؤسه اجتماع عرض دراسة تقييم “أضرار قطاع المياه والصرف الصحي في غزة جراء العدوان الاسرائيلي الأخير” في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، لكون لبنان يترأس المجلس الوزاري العربي للمياه، دعا وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، المجتمع الدولي والعربي إلى مضاعفة الجهود من أجل المساعدة على العودة الآمنة للسوريين من لبنان إلى بلادهم، مؤكداً أنّ هذا أمر بحدّ ذاته سيسهم بشكلٍ كبير باستعادة التوازن للأمن المائي في لبنان وفي عدد من دول الاستقبال.

وأشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى “كميات الموجودات الذهبية المتواجدة لدى مصرف لبنان في بيروت وتلك المتواجدة في الولايات المتحدة الأميركية”.

ولفت النائب ملحم خلف إلى أنّ “جواب الحاكم أتى عطفاً على بياننا تاريخ 2022/6/21 الذي تطرقنا فيه الى أهمية مسألة الذهب وتعلُّقها بالأمن الاقتصادي القومي، خاصة بعدما تعالت بعض الأصوات التي دعت الى استعماله لتغطية “خسارات” القطاع المصرفي، وبعدما أرسلنا الى حاكم مصرف لبنان ونائبيه الأربعة ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان كتباً بتاريخ 2022/6/8 طالبناهم فيها بتزويدنا بمعلومات عن كمّية الموجودات الذهبية الموجودة في بيروت وفي الولايات المتحدة الأميركية، وعن أية عمليات مالية قد طالتها أو أعباء تمّ إثقالها بها”.

===========

Leave A Reply