رضوان عقيل – النهار
لا ينفك السفراء الغربيون والعرب في بيروت او اي موفد يحضر، عن سؤال الافرقاء حول نظرتهم الى انتخابات رئاسة الجمهورية، وعن الاسم الاوفر حظا للحلول مكان الرئيس ميشال عون.
وثمة ديبلوماسيون “يتمادون” في التطرق الى هذا الاستحقاق منذ الاستقلال الى اليوم، مع جهات لبنانية ورؤساء كتل ونواب ورجال دين والخوض بهذا الملف الذي يلازم حسابات تمكن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من تشكيل حكومته التي ستؤلف في حال أبصرت مراسيمها النور على وقع عدم اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ودخول البلد في مستنقع الفراغ الرئاسي الذي جلب الكثير من الاضرار للمؤسسات بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وبقاء الدولة من دون رئيس على مدى سنتين ونصف سنة. وفي حال الوقوع في هذه التجربة هذه المرة ستكون ارتداداتها أصعب وافدح على كل المستويات وفي اكثر من حقل مالي واقتصادي متهالك.
واذا كان مفتاح دعوة مجلس النواب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في يد الرئيس نبيه بري بدءا من الاول من ايلول المقبل، فان الرجل لم يفاتح احدا في هذا الموضوع بعد. ويردّ على سائليه باقتضاب شديد عند مفاتحته بانتخابات الرئاسة الاولى.
وهذا ما طبّقه رئيس المجلس بالفعل مع سفير دولة تواكب بهدوء الملفات اللبنانية، فكيف اذا كان في حجم انتخابات الرئاسة الاولى. وبعدما عرّج هذا السفير على ملف تأليف الحكومة المعلق وترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، لم يشأ انهاء جلسته الدسمة في عين التينة من دون المرور على انتخابات الرئاسة لتشكل عصب تقريره الى وزارة خارجية بلده. وفي نهاية اللقاء دار الحوار الآتي بين بري والسفير إياه:
– دولة الرئيس، أين اصبحتم في مقاربة انتخابات الرئاسة؟
– من جهتي لم اناقش الموضوع بعد، وعند حلول أوانه سأقول كلمتي.
– من هم المرشحون؟
– لا أعرف.
– من هو الاسم الذي تفضله والذي ستعمل على دعمه؟
– ما شأنكم وانتخابات الرئاسة عندنا. ولو حسمت اسم مرشح كتلتي النيابية لن اخبرك به.
وامتص السفير المجرب “سخط ” رئيس المجلس وتمكن بديبلوماسيته من تجاوز الموضوع والقفز فوقه وكأنه لم يكن.
ومن هنا لن يدلي بري بأي كلمة في الاستحقاق الرئاسي قبل حلول ايلول، علما ان نوابا في كتلتي “اللقاء الديموقراطي” و”القوات اللبنانية” يستعجلون المباشرة باجراء الانتخابات الرئاسية من اليوم الاول لآخر شهرين من ولاية عون وعدم الانتظار الى الاسبوع الأخير خشية الوقوع في الفراغ الرئاسي. ويبدي المستعجلون للانتخابات ارتياحا لكلام البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي دعا لاتمام الاستحقاق في آخر شهر من الولاية.
وفي وقت ينشغل الجميع بانتخابات الرئاسة لا يفوت الكتل “المتجانسة” قدر الامكان اجراء الاتصالات والحسابات وجمع النواب حول اسم مشترك. وهذا ما يركز عليه الدكتور سمير جعجع الذي يتردد انه بدأ من اليوم بلورة الآراء وجوجلتها. ولن تقتصر اتصالاته هنا على نواب الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب بل تشمل مروحة واسعة من تكتل النواب “التغييريين” والمستقلين. ولن تكون رحلة جعجع سهلة في ظل عدم فرز الانتخابات الاخيرة اي اكثرية.
وامام الكباش المنتظر في استحقاق الرئاسة تتجه الانظار الى الطعون الـ 15 التي تلقاها المجلس الدستوري مع طرح سؤال: هل يقدم المجلس على الرد على الطعون قبل انتخابات الرئاسة، ولا سيما ان طعونا جدية ستصب في مصلحة أصحابها وابرزهم النائب السابق فيصل كرامي حيث اعد فريقه القانوني جملة من المعطيات التي تساعده في قبول الطعن، وان كان الجواب النهائي يعود لاعضاء المجلس الـ 10 ويحتاج الطاعن للفوز بـ 7 أصوات.
وفي آخر جلسة لـ”الدستوري” تم توزيع الطعون على الاعضاء. وتسلم بعضهم طعنين او ثلاثة. وفي المعلومات ان الطعن الواحد تسلمه مقرران وسيقوم كل عضو باعداد رؤيته استنادا الى ما تلقاه من الطاعن والمطعون به. ويعدّ المقرران تقريرا نهائيا ثم يعرضانه على مجموع الاعضاء. وفي امكان “الدستوري” اصدار الرد على اي طعن وحده من دون ربطه بالطعون الاخرى.
وينقل عن اعضاء “الدستوري” أنهم سيتعاطون بكل جدية مع الطعون الموجودة امامهم من دون التوقف عند اي تدخلات او املاءات، وان قبول الطعن او رده سيكون مبنيا على المعطيات التي يتضمنها الطعن لا أكثر ولا أقل.
وفي انتظار اجوبة “الدستوري” ماذا لو تم قبول طعنين او ثلاثة ستكون حصيلتها عند فريق الاصوات الـ 65 التي نالها نائب رئيس المجلس الياس بو صعب في ظل وجود تجمعين نيابيين متقاربين افرزتهما الانتخابات الاخيرة؟ ومهما فعل المعنيون في الداخل فان لعبة الرئاسة واختيار خلف لعون لن تكون في عهدة مجلس النواب مئة في المئة بل عند عاصمتين او ثلاث مؤثرة في لبنان، من دون تناسي مسألة ان اكثر الافرقاء في لبنان يتعاطون مع السفراء وكأنهم أنصاف آلهة في مشهد لا يعثر على مثيل له في اكثر دول العالم، على قول سفير لبناني متقاعد خدم سنوات في دولة غربية كبرى.