علي ضاحي-
بعد «سمّة البدن» و»هزة العصا» السبت الماضي للوحدة الجوية في «المقاومة الاسلامية» للاميركيين والصهاينة، لم يبق سفير في لبنان الا واتصل بالخارجية اللبنانية وبرئاسة الحكومة، وحتى بالقصر الجمهوري وبالاصدقاء والحلفاء والمقربين، والاصدقاء المقربين من اميركا في لبنان، عسى وعله «يتلقفون» اي خبر او اشارة عن توجه المقاومة وخطوتها التالية في ما خص الحدود البحرية وكاريش وما لف لفها.
وتكشف اوساط واسعة الإطلاع في «محور المقاومة»، ان ما قبل «مسيّرات كاريش» ليس كما بعدها، والرسالة التي بعثت بها المقاومة واضحة وضوح الشمس في جزء منها، ومشفرة في الجزء الآخر. في الجزء الواضح للداخل قبل الخارج ان المقاومة لم تترك واجب الدفاع والردع والحفاظ على حقوق لبنان، وهي حاضرة وفق اجندتها وتوقيتها لتوجيه ضربات نوعية ومؤلمة للعدو، لا سيما في ملف الحدود البحرية والغاز والنفط، ومع شعور قيادة المقاومة ان المفاوض اللبناني يتهيب ويخاف رد فعل الاميركي، وان الاخير يراوغ ، وآموس هوكشتاين مستمر في لعبة منح الوقت للعدو لينجز تحضيراته اللوجستية ليبدأ التنقيب واستخراج الغاز اللبناني المغتصب.
ويأتي اعلان وزيرة الطاقة في حكومة العدو كارين الهرار «ان إستخراج الغاز من المنصة الواقعة في المياه الاقتصادية الإسرائيلية 80 كيلومتراً غربي شواطئ «اسرائيل» سيبدأ في شهر أيلول المقبل»، ليؤكد في الجزء المشفر من الرسالة، وبحسب الاوساط ، اهمية خطوة المقاومة وتوقيتها في ارسال مسيّرات الى تخوم كاريش، وللتأكيد ان المقاومة قادرة في اي وقت على اختراق الدفاعات الصهيونية وعدم اكتشاف المسيّرات وتدمير المنصات قبل ان ينتبه العدو لوجودها.
وتكشف الاوساط ان المقاومة ليست في حاجة لاختبار دفاعات وقدرات العدو الدفاعية، وهي تدرك تماماً حجم تجهيزاته وامكاناته وجهوزيته، ولكنها ارادت من اكتشافه لها ان يؤكد هو بنفسه حصول الاختراق وحصول انجاز المقاومة. والدليل على ذلك هو عدم تجهيزها بأي متفجرات او صواريخ، للدلالة على ان الرسالة الاولى هي تحذيرية وتنبيهية وليست تدميرية. وهي تأتي لتمنع اي تنقيب او تعد على حقوق لبنان، وان الخطوة الثانية ستكون تدميرية في حال لم تصل المفاوضات غير المباشرة الى نتيجة ، ولم تؤمن مصالح لبنان وتضمن بدء تنقيبه في كل اراضيه بحراً وبراً.
وعلى المستوى السياسي كان لافتاً الموقف للسلطة، والذي وفق الاوساط، انه كان منسقاً بين رئيسي الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، والذي «نأى» بلبنان الرسمي عن عمل المقاومة وادائها وكيفية تعاطيها في العمل العسكري والامني. فالحكومة وان اوجدت لنفسها «هامشاً» و»حرية حركة» سياسية، لم تقل انها «تتبرأ» من المقاومة وتنكر وجودها او دورها الدفاعي، لكنها «نأت بنفسها» عن اي مسؤولية تترتب عن اي رد فعل اميركي او صهيوني، وربما تتدحرج الامور الى «حرب» او صراع عسكري ولو كان محدوداً.
وترى الاوساط ان «هامش المناورة» فيه الكثير من «تبادل الادوار»، بين السلطة السياسية نفسها، بينما المقاومة غير معنية بأي موقف سياسي، ولن تدخل في اي سجال يحرّف الانظار عن قضية الحفاظ على حقوق لبنان، خصوصاً ان المقاومة وضعت المسيّرات والردع في يد المفاوض والسلطة اللبنانية، ويجب عليهم جميعاً معرفة كيفية توظيف هذه الصفعة العسكرية للعدو لتحسين شروط لبنان وتحصيل حقوقه قبل ايلول المقبل.