هيام عيد – الديار
تكتسب التجاذبات المحيطة بعملية تأليف الحكومة الجديدة طابع تعبئة الوقت الفاصل عن موعد الإستحقاق الرئاسي، من خلال سجالات سياسية بين القوى السياسية المعنية بهذه العملية، بحيث تجزم مصادر وزارية سابقة بأن ما من سبب يمنع التشكيل اليوم قبل الغد، بمعزل عن كلّ التبريرات التي يتمّ إطلاقها من قبل العديد من هذه القوى، والتي لم تعد مقنعة لأي جهة سياسية أو حزبية، في ضوء حركة الإنهيار المتسارع الذي يشهد واقع المؤسسات العامة والقطاعات الرسمية كلها كما القطاعات الإقتصادية، وعلى وجه الخصوص استمرار إضراب الموظفين في الإدارة العامة، والذي دخل أسبوعه الرابع يوم الإثنين الماضي.
وفي الوقت الذي تتركز فيه الأنظار ومنذ اليوم، على الإستحقاق الرئاسي، فإن المصادر الوزارية السابقة، ترى أن ما من مؤشرات جدية على انطلاق التحضير لانتخابات رئاسة الجمهورية، وإن كانت المواقف كلها تُجمع على شهر أيلول المقبل، كمحطة انطلاق لقطار الإنتخابات. لكن المصادر تستدرك أن هذا الواقع، لا يبرر أن تكون الأشهر القليلة الفاصلة عن تشرين الأول المقبل، جامدة ولا تشهد أي حراك سياسي أو اقتصادي، باستثناء التحضير للإستحقاق الرئاسي وصياغة التفاهمات السياسية والحزبية بعيداً عن أية عناوين أخرى مهما كانت ملحة ومصيرية، مثل تفكك المؤسسات وعدم انتظام العمل في أي منها، بعدما انضم كل الموظفين في هذه المؤسسات إلى الإضراب، ما بات يهدد بتداعيات خطيرة في أكثر من مجال.
وتشير المصادر نفسها، إلى أن الدينامية المعتمدة من قبل غالبية القوى والقيادات والمرجعيات من أجل الوصول إلى إرساء التوافق السياسي المطلوب لمقاربة الإستحقاق الرئاسي، يجب أن تنسحب على استحقاق تأليف الحكومة، وتوضح بأن منطق الأمور يفيد بأن معالجة التدهور السريع في المشهد السياسي والإقتصادي والإجتماعي العام، بات ينذر بتطورات غير محسوبة قد يشهدها الشارع في ضوء موجة الغلاء التي ضربت كل السلع والخدمات الحياتية والضرورية، كان آخرها الإرتفاع غير المدروس لكلفة الإتصالات.
ولذا فإن تأليف الحكومة، كما تكشف المصادر، هو الممرّ إلى الإستحقاق الرئاسي وليس العكس، لأن الظروف المطلوبة لحصول الإستحقاق الرئاسي، قد لا تتأمّن في ظلّ استمرار تعطيل إن لم يكن تعثر تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي سستحول الأزمة الحكومية إلى أزمة رئاسية أيضاً، حيث لن يكون بالإمكان تخطي التداعيات السلبية للشغور الحكومي، وسيكون التوافق مهمةً مستحيلة، كما هو التلاقي اليوم على صيغة وزارية واحدة بين الرئاستين الأولى والثالثة لتسريع ولادة الحكومة ومعالجة الأزمات ولو بالحدّ الأدنى المقبول.
وتشدد المصادر الوزارية السابقة، على أن استمرار غياب أي تحرك على صلة بالملف الحكومي، وتداول معلومات عن تصعيد محتمل في الأسابيع المقبلة، في حال لم تنشط الإتصالات لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، قد يدفع بالوضع إلى خيارات حاسمة على مستوى حكومة تصريف الأعمال، وتتراوح بين الذهاب إلى جلسة استثنائية أو استقالة وزراء معينين منها، ولكن من دون أن تتبلور أي من هذه الخيارات إلى اليوم. وتخلص هذه المصادر إلى ترقب نهاية تموز الجاري، مشيرةً إلى أنه في حال استمر الإنسداد السياسي في الملف الحكومي، فإنه من المؤكد عندها ترحيل تأليف حكومة جديدة إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية.
Follow Us: