روما التي تُعدّ إحدى أعظم مدن العالم، أصبحت الآن رسمياً من أقذرها. فمستوعبات القمامة التي تغصّ بها العاصمة الإيطالية، والرائحة الكريهة المنبعثة منها، وتزايد عدد الفئران المنتشرة في زواياها، كلّها عوامل جعلت روما تتربّع على المركز الأول ضمن قائمة أكثر مدن العالم قذارة.
ففي استطلاع أجرته مجلة “تايم آوت” Time Out (دليلٌ للمعالم السياحية والترفيه والطعام والشراب في أهمّ الوجهات العالمية)، شمل نحو 27 ألف فردٍ من سكّان المدن من مختلف أنحاء العالم، صنفت روما على أنها المدينة الأكثر قذارة، وجاءت بعدها نيويورك في الولايات المتّحدة وغلاسكو في اسكتلندا.
وسجّلت مشكلة إدارة النفايات في العاصمة الإيطالية التي تعود إلى عقودٍ من الزمن، تدهوراً صارخاً في الفترة الأخيرة. فأكوام القمامة التي كانت تُشاهد في السابق من وقتٍ إلى آخر، باتت تعجّ بالأكياس البلاستيكية الممتدّة على امتداد أحياء المدينة التي كانت منظّمة “يونيسكو” قد صنّفتها موقعاً تراثياً عالمياً، ما اضطُر السيّاح إلى التنبّه أين يسيرون بصنادلهم خلال تجوالهم فيها.
وساهمت درجات الحرارة المرتفعة، والانتشار غير المرغوب فيه لآلاف الخنازير البرية، في تفاقم الوضع، الأمر الذي تسبّب في إثارة غضب السكّان المحليّين.
“اتّحاد جمعيّات الفنادق والسياحة الإيطالية” (فيدرالبرغي) Federalberghi في روما، نبّه قبل أيام إلى أن القطاع سجّل حتى الآن انخفاضاً بنحو 20 إلى 30 في المئة من حجوزات الفنادق، بسبب التراجع الذي تشهده المدينة.
وقال روبرتو نيتشي نائب رئيس اتّحاد “فيدرالبرغي” الفندقي لصحيفة “ميساجيرو”: “إن مؤسّساتنا لا تدرك مدى الضرر الذي يلحق بسمعتنا عندما يتم نشر صورة على وسائل التواصل الاجتماعي لشوارع روما وهي تغصّ بمستوعبات القمامة المهجورة أو الخنازير البرّية. إن تبعات ذلك لا ينسحب فقط على تزايد إلغاءات حجوزات الغرف، بل يطاول أيضاً حركة الحجوزات الجديدة المتراجعة يوماً بعد يوم”.
عمدة المدينة روبرتو غوالتيري الذي كان قد وعد بتنظيفٍ سريع لروما خلال حملته الانتخابية العام الماضي، تعرّض لانتقاداتٍ شديدة وجهها إليه حكّام المقاطعات، الذي حمّلوه المسؤولية عن وصول العاصمة الإيطالية إلى الحضيض، فيما ناشدوا الجيش الإيطالي التدخّل لحلّ الأزمة.
ورأى أميديو كياكيري رئيس القطاع الثامن من المدينة أن “حال الطوارىء الراهنة تتطلّب تحرّكاً فورياً لتحسين مستويات الاستجابة السريعة [التصدي الطارئ لمشكلات]، فهي تؤثّر على صحّة مجتمعاتنا وكرامتها، التي تتعرّض لمثل هذا الوضع المأسَوي”.
ودعا كياكيري إلى “اتّخاذ تدابير استثنائية، ينخرط فيها الجميع بمَن فيهم الجيش، لإعادة الحياة إلى مسارها الطبيعي في هذه المدينة الواهنة”.
وكان عمدة روما غوالتيري قد أبلغ يوم الإثنين الفائت وسائل إعلام محلّية، بأن سكّان روما يتوقّعون رؤية تحسيناتٍ بحلول الأسبوع المقبل، لكنه لفت إلى أن المدينة قد تتطلّب نحو سنتين كي تتعافى بشكل كامل.
ووسط الغضب العارم الذي أعرب عنه السكّان المحليّون والزائرون، قامت بعض الشخصيات التلفزيونية أيضاً بحملةٍ من الانتقادات اللاذعة لأزمة القمامة التي تشهدها البلاد.
ففي أثناء رحلة إلى العاصمة الإيطالية الأسبوع الفائت، استخدمت مقدّمة البرامج التلفزيونية الإيطالية سيمونا فينتورا حسابها على “تويتر”، لتسليط الضوء على حجم المشكلة. وغرّدت تقول: “بعد بضعة أشهر، أنا هنا في روما. فإلى جانب درجة الحرارة العالية التي بلغت 32 مئوية (يُعتقد أنها كانت 50 درجة)، فالمدينة تُعدّ فريدةً من نوعها لجهة الازدهار الكبير لحركة السياحة فيها (شأنها شأن سائر المناطق في إيطاليا)، وفيما كلّ زاوية منها تخطف الأنفاس، تشكّل القمامة مصدر إحراجٍ كبير. نحن نطالب بحلول عاجلة”.
تجدر الإشارة أخيراً إلى أن نحو 10 ملايين شخص يزورون العاصمة الإيطالية كلّ سنة، وهي ثاني أكثر مدن الاتّحاد الأوروبي استقطاباً للزائرين بعد باريس. ومن بين المشاهير الذين استمتعوا بزيارة روما في الأيام الأخيرة، نجم فيلم “غلادياتور” Gladiator راسل كرو، الذي غرّد على “تويتر” عن زيارته للمدينة.
Follow Us: