الجمعة, نوفمبر 22
Banner

تسليم بـ”الاستعصاء” الحكومي… دوكان: “العالم ملّ منكم وتنبّهوا لحجم الكارثة”

يبدو أن الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي باتا يسلّمان بـ”استعصاء” تأليف الحكومة التي طال انتظارها بعد الانتخابات النيابية. وكلما اقترب موعد انتهاء ولاية الرئاسة الاولى يصبح من الصعب ولادة مجلس وزراء جديد. ويسلّم الأفرقاء الآخرون بهذه الخلاصة من الرئيس نبيه بري و”حزب الله” الى جهات أخرى. ولكل من عون وميقاتي أسبابه في عدم التراجع عن مواقفه حيال التوليفة الحكومية التي لن تبصر النور بسهولة. وسيواصل الطرفان تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات للآخر حصيلة ما وصل إليه البلد المفتوحة نوافذه على سيل من العواصف والانقسامات بين اللبنانيين. ويكفي ما حصل مع توقيف المطران موسى الحاج عند معبر الناقورة والتحقيق معه ليظهر جبل الانقسامات بين الأفرقاء والمرجعيات حيث يتم التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي عن التفتت البشع في ظل مؤسسات رخوة وغير متماسكة. وتستنفر الجيوش الإلكترونية من هنا وهناك لتبرز انقساماتها وفهم كل عضو فيها القانون على طريقته في مشهد لا يُعثر عليه حتى في بلد يشبه واقع لبنان.

وفي موضوع الحكومة يظهر أن عون وميقاتي يقبلان التعايش مع هذا الواقع الصعب حيث لا يقدران على تجاوزه ولكل واحد حساباته ومعطياته في الاسابيع المقبلة التي باتت قريبة من الموعد الدستوري الذي يسمح لبري بدعوة البرلمان الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. ولذلك يعمل كل طرف معنيّ دستورياً بتشكيل الحكومة من الجهات التي ستنضوي فيها في حال الإفراج عن مراسيمها أو الذين أعلنوا مسبقا أنهم لن يكونوا في صفوفها مثل “القوات اللبنانية” وجهات مسيحية أخرى الى مجموعة النواب “التغييريين” حيث يمارس الجميع سياساتهم وفقاً لمصالح كل طرف في هذه المدة من “الوقت الضائع”. ويدرك “حزب الله” جيداً خطورة هذه المرحلة وما ستحمله من ارتدادات في المستقبل حيث سيكون مضطراً للتأقلم تحت سقف الاشتباك العالي بين الرئاستين الاولى والثالثة في ظل عدم التوصل الى إيجابيات متوخاة في هذا التوقيت. ومن هنا لا يريد عون أو بالأحرى “التيار الوطني الحر” الإقدام على تشكيل أي حكومة إن لم يضمن أن الحصة المسيحية ستكون من نصيبه تحسباً للوقوع في شرك الفراغ الرئاسي وتحوّل تلك الحكومة الى “24 رئيس جمهورية” في مشهد لا يُعثر عليه في “أتعس الجمهوريات”. ولذلك يقول العونيون إن من الأسلم لهم إن لم تسر سفينة التأليف بحسب ما يطمحون فلن يقدموا على أي تنازل في هذا الشأن، وإن من الأفضل لهم بقاء حكومة تصريف الأعمال التي يمسكون بمفاتيح أساسية فيها وألا يذهبوا الى حكومة تخضع لموازين القوى النيابية الجديدة في البرلمان التي ستقول كلمتها في جلسة الثقة.

أما بالنسبة الى ميقاتي الذي يحمل صفتي الرئيس المكلف ورئيس حكومة تصريف الاعمال فلن يعمد بدوره الى تقديم أي هدايا للعونيين في آخر حكومة للعهد مع توقع استمرار الاشتباك السياسي والإعلامي بين الطرفين، علماً بأن العونيين لن يقصّروا في استعمال كل أسلحتهم السياسية والقضائية. وكان أبرز خروقهم ما قامت به القاضية غادة عون على مسرح مصرف لبنان حيث ظهر للعيان في الداخل والخارج تحلل المؤسسات وفقدان هيبتها وذهاب البلد الى التفتت ونهاية القضاء. وكان تعويل بعد عودة ميقاتي من إجازته على فتح كوّة بينه وبين عون، ولا يبدو تلمّس أي تطوّر إيجابي سيحصل بينهما وأقله في القريب العاجل مع توقع استمرار الردود النارية على وقع “عالعصفورية” وأخواتها، الامر الذي ينذر بالمزيد من رفع السقوف وتبادل الاتهامات التي لن تساعد في تفكيك طلاسم التأليف.

في هذا الوقت لا يريد ميقاتي أن يقف متفرجاً على تدهور المؤسسات وتعطيلها تزامناً مع إضراب الموظفين في القطاع العام حيث يعمل على تفعيل نشاط الوزراء وعقد المزيد من الاجتماعات في السرايا والتواصل المفتوح مع البرلمان بغية العمل على إقرار جملة من المشاريع واقتراحات القوانين في جلسة تشريعية للبرلمان الذي سيلتئم الثلثاء المقبل.

وتأتي زيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان لـ”صيانة” أحوال لبنان من دون بلورة أي جديد من طرف باريس سوى تشديده أمام المسؤولين اللبنانيين على ضرورة التوقف عند الأخطار التي تهدّد بلدهم قبل انتخابات الرئاسة الاولى إذا استمرت الحال على هذا المنوال من التراجع، وأن المطلوب من السلطتين التنفيذية والتشريعية الإسراع في تطبيق ما طلبه صندوق النقد الدولي بحسب ما هو متفق عليه “من دون أي تباطؤ أو الدخول في لعبة التشاطر على النصوص”. وينقل عن دوكان أنه إذا ساءت الأمور المعيشية اكثر في لبنان فقد يعمل الفرنسيون على عقد مؤتمر دولي إنساني لا علاقة له بالصندوق الفرنسي-السعودي لدعم الشعب اللبناني. ولم يخف دوكان القول هنا إن الدول المعنيّة التي تواكب ملفّ لبنان أصابها “الملل” ووصلت الى حدود القرف من سوء أداء الأفرقاء اللبنانيين وهم يتفرجون على مأساة بلدهم من جراء سياسات العناد وتنفيذ المصالح الخاصة وتجاوز الدستور ولو على حساب الدولة. ورغم كل هذه الصورة الفرنسية السوداوية غير المطمئنة ينقل دوكان عن لسان رئيسه إيمانويل ماكرون أن فرنسا لن تترك لبنان.

Leave A Reply