الأحد, نوفمبر 24
Banner

لا حرب… وإنما ضغوط فاتفاق؟

طارق ترشيشي – الجمهورية

يؤكّد ديبلوماسي مخضرم أن لا حرب متوقعاً نشوبها في جنوب لبنان او على جبهات اخرى في المنطقة، لأنّ من شأنها ان تخرج عن سيطرة الجميع خصوصًا إذا حصلت على الجبهة اللبنانية الجنوبية وامتدت إلى جبهات اخرى. ويضيف، أن لا مصلحة للولايات المتحدة الاميركية في أي حروب جديدة في المنطقة، في الوقت الذي تسعى بقوة لتهدئة الامور والدفع في اتجاه انجاز التطبيع بين بعض الدول العربية واسرائيل.

ويرى هذا الديبلوماسي، انّ من اسباب عدم حصول الحرب هو انّ اسرائيل غير قادرة على خوض مثل هذه الحرب من دون الحصول على إذن اميركي مسبق. ويرى انّ ما حصل ويحصل من تهديدات متبادلة على الجبهة الجنوبية خصوصًا بعد المسيّرات التي اطلقها «حزب الله» فوق حقل «كاريش»، إنما الغاية منها تعزيز المواقف في المفاوضات غير المباشرة الجارية لترسيم الحدود البحرية عبر الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين. وفي اعتقاد هذا الديبلوماسي، انّ اتفاقًا سيحصل بين لبنان واسرائيل عاجلاً أم آجلاً، لأنّ موضوع الغاز والطاقة بات مسألة دولية، وموضوع حياة او موت بالنسبة لكثير من الدول في العالم، ولاسيما منها دول الاتحاد الاوروبي المتضرّرة حاليًا في مجال الطاقة نتيجة الحرب الروسية ـ الاوكرانية وما تسببه من مضاعفات وأزمات. ولذلك، يتوقع المصدر حصول ضغوط دولية، وخصوصًا اميركية واوروبية، لحصول اتفاق بين لبنان واسرائيل على ترسيم الحدود البحرية، معتبراً أنّ ما يجري الآن هو عملية شدّ حبال في المفاوضات الجارية على مختلف الجبهات الاقليمية والدولية من المفاوضات غير المباشرة اللبنانية ـ الاسرائيلية، إلى المفاوضات غير المباشرة الاميركية ـ الايرانية، وغيرهما من مفاوضات تتعلق بالأزمات السائدة في المنطقة. ويتوقع ان يحصل المزيد من الضغوط المتبادلة بين الاطراف المتفاوضة، من دون ان ترتقي إلى مرتبة التسبب باندلاع حرب.

ويؤكّد هذا الديبلوماسي، انّ اتفاقاً سيتمّ على ترسيم الحدود البحرية ويتيح للبنان الحصول على حدوده وحقوقه النفطية والغازية، «فالأمور سائرة مثل ما هو مخطّط لها، بحيث انّه بموجب هذا الاتفاق سيتمكن لبنان من التنقيب عن الغاز والنفط واستخراجهما، ويبدأ رحلة الخرروج من الانهيار الذي يعيشه. علمًا أن ليس لأحد مصلحة اخرى غير هذا الاتفاق اللبناني ـ الاسرائيلي وخصوصا الاوروبيين».

وفي رأي هذا الديبلوماسي، انّ الوسيط الاميركي هوكشتاين سيأتي في جولته المقبلة إلى لبنان بمعطيات ستدفع المفاوضات اللبنانية ـ الاسرائيلية بضعة خطوات على طريق الوصول إلى اتفاق قريب، خصوصًا انّ الاوروبيين تحديداً، يستعجلون الحصول على غاز البحر المتوسط لتأمين البديل للفاقد الروسي من الطاقة (الغاز والبترول) قبل حلول الشتاء المقبل.

ويشير الديبلوماسي المخضرم، إلى انّ إعادة تشغيل روسيا خط «نورد ستريم» لتغذية اوروبا بالغاز يدل إلى انّ موسكو «تتدلّع»، وهي تدرك انّ التوقف عن إمداد اوروبا بالطاقة هو سلاح ذو حدّين، لأنّ حصول الاوروبيين على بديل من الطاقة الروسية سيؤثر على روسيا اقتصاديًا، خصوصًا في ضوء ما تعانيه من مشكلات اقتصادية في ضوء استمرار حربها في اوكرانيا.

اما بالنسبة إلى ما يمكن ان يكون لزيارة الرئيس الاميركي جو بايدن للمنطقة من نتائج وانعكاسات، فيقول الديبلوماسي نفسه، انّه كان لبايدن من هذه الزيارة هدفان: الاول هو خفض سعر برميل النفط بسبب التضخم غير المسبوق الذي تعيشه بلاده، وقد بلغ حتى الآن نحو 10 في المئة، الأمر الذي يضرّه سياسياً، ولذلك حاول إقناع السعودية التي كان يهدّد بجعلها «منبوذة» ويتوعد ولي عهدها الامير محمد بن سلمان، ان ترفع من إنتاجها النفطي إلى 13 مليون برميل يوميًا بدلاً من 12 مليوناً، متراجعاً عن تهديده ووعيده، ومحاولاً تطبيع العلاقة معها تحت عنوان إعادة الامور إلى نصابها بين البلدين. لكنه لمس انّ السعودية ليست في وارد إعطائه الكثير وانّها تنتظر نتائج الانتخابات النصفية في تشرين الثاني المقبل بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي، خصوصًا انّها تفضّل التعامل مع الجمهوريين.

أما الهدف الثاني لبايدن، فكان محاولة جذب السعودية إلى «اتفاقات ابراهام» وبالتالي دفعها إلى التطبيع مع اسرائيل، الامر الذي لم يحصل عليه، لأنّ الجانب السعودي اشترط ان يتمّ إيجاد حل للقضية الفلسطينية على اساس مبادرة السلام العربية لعام 2002 ومقررات الشرعية الدولية و«حل الدولتين»، وهذا هو موقف السعودية منذ البداية ولم يتغيّر. وجُلّ ما حصل عليه بايدن كان توجّهه في الطائرة من اسرائيل إلى جدة مباشرة، نتيجة قرار المملكة العربية السعودية بفتح الاجواء امام النقل الجوي للجميع التزاماً باتفاقية شيكاغو.

اما بالنسبة إلى لبنان ومستقبل استحقاقاته الحكومية والرئاسية، فيرى الديبلوماسي نفسه، «انّ استراتيجية المجتمع الدولي والخليجي إزاء لبنان في هذه المرحلة هي منع انهياره كلياً في انتظار الوصول إلى مرحلة اعادة الازدهار التي يعتقدون انّها لن تبدأ الّا بعد انتخاب رئيس جديد». ويشير المصدر في هذا المجال، إلى «انّ التأخير الاميركي في اطلاق الغاز المصري والكهرباء الاردنية إلى لبنان الذي مضى عليه سنة تقريبًا حتى الآن، انما مردّه إلى اعتقادهم انّ افراجهم عن هذين الامرين الآن سيكون بمثابة تقديم تنازلات لعهد لا يؤيّدونه، وقد بلغ الاشهر الاخيرة من نهايته، ولذلك لم يقرّروا بعد تخليص لبنان إلى حين انتخاب رئيس جديد».

Leave A Reply