بعد رفع غير مسبوق منذ 2011 للفائدة الأوروبية، جددت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي تصميم البنك على السيطرة على التضخم.
كتبت لاجارد في مقال “سنرفع معدل الفائدة الأساسي إلى المستوى المطلوب لإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف”.
ويستهدف البنك المركزي الأوروبي جعل التضخم عند 2 في المائة في المدى المتوسط، ووصل التضخم في منطقة اليورو حاليا إلى مستوى قياسي 8.6 في المائة.
ووفقا لـ”الألمانية”، قالت لاجارد، “التضخم مرتفع للغاية، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى عوامل لا تستطيع البنوك المركزية السيطرة عليها.
وأفاد بيان صادر عن البنك المركزي بأن مسحا فصليا أظهر رفعا لتوقعات الاقتصاديين للتضخم خلال المراحل المقبلة.
وبالنسبة للأعوام 2022 و2023 و2024، تصل هذه النسبة إلى 7.3 في المائة، و3.6 في المائة، و2.1 في المائة، على التوالي، أي 1.3 و1.2 و0.2 نقطة مئوية أكثر من المسح السابق.
وأوضح البنك المركزي، أن هذه التقييمات ترتبط بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وأيضا بالتأثير الأقوى من المتوقع للزيادات في تكلفة المواد الخام.
ويرى الاقتصاديون الذين أجروا هذا المسح أن التضخم سيكون 2.2 في المائة، على المدى الطويل وتحديدا في 2027. ويعني ذلك أنه سيكون أعلى من الهدف الذي وضعه البنك المركزي الأوروبي المتمثل في 2 في المائة. واطلع المسؤولون في منطقة اليورو على هذا المسح الخميس، الأمر الذي عزز قرارهم المفاجئ بزيادة أسعار الفائدة الرئيسة نصف نقطة، بعدما كان من المتوقع أن يرفعوها إلى ربع نقطة فقط.
وقال فريديرك دوكروزيه كبير الاقتصاديين في “بيكتيت ويلث ماناجمنت”، إنه “من المحتمل أن هذا المسح كان له تأثير في اجتماع مجلس الحكام”، عادا أن قرار المجلس يظهر أنه “أراد إرسال إشارة قوية إلى الأسواق”.
وفي ظل توقع بقاء التضخم فوق 2 في المائة لفترة طويلة، يجري الحديث حاليا عن “توقعات التضخم غير المقيدة”.
وقال كارستن برزيسكي كبير الاقتصاديين في “أيه إن جي”، “لا بد أن هذا الأمر جعل عديدا من أعضاء مجلس البنك المركزي الأوروبي متوترين للغاية”.
وكشف المسح عن انخفاض في توقعات النمو في الربع الثاني من 2022، وكذلك 2023.
يذكر أن قرار البنك المركزي الأوروبي رفع الفائدة من منطقة الفائدة السلبية للمرة الأولى جاء للمرة الأولى منذ ثمانية أعوام.
وترتفع الفائدة على عمليات إعادة التمويل الرئيسة إلى 0.5 في المائة وعلى تكلفة الإقراض الهامشية إلى 0.75 في المائة.
وقال البنك، الخميس الماضي، قرارات رفع الفائدة في المستقبل ستتخذ “كما يقتضي الأمر”، في وقت يسعى للحاق بركب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا اللذين سبقاه في رفع معدلات الفائدة وبشكل كبير.
ويعني “التحميل الأمامي” frontloading أن البنك سيقف خلال “كل اجتماع على حدة لاتخاذ قرارات بشأن معدلات الفائدة” مشددا على أن أي قرارات مستقبلية ستكون “تبعا للمعطيات”.
ومع ارتفاع الأسعار وضعف اليورو مقابل الدولار ومسارعة بنوك مركزية أخرى لرفع الفوائد بشكل كبير، واجه البنك الأوروبي ضغوطا للإعلان عن زيادة أكبر خلال اجتماع الأخير.
لكن ضعف اقتصاد منطقة اليورو وضع أصحاب القرار أمام مسار دقيق لمواجهة التضخم المرتفع.
وأظهر تقرير اقتصادي نشر الجمعة انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص في منطقة اليورو خلال تموز (يوليو) الحالي لأول مرة منذ أوائل 2021، مع انكماش نشاط قطاع التصنيع، نتيجة ضعف الإنتاج والطلبيات الجديدة، في حين لم يسجل قطاع الخدمات نموا تقريبا.
وذكرت مؤسسة “إس آند بي جلوبال”، أن المؤشر المجمع لناتج القطاع الخاص تراجع الشهر الجاري إلى 49.4 نقطة، مقابل 52 نقطة خلال حزيران (يونيو) الماضي. وكان المحللون يتوقعون تراجع المؤشر إلى 51 نقطة.
يذكر أن قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة تشير إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، في حين تشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط. وتراجع مؤشر مديري مشتريات قطاع الخدمات خلال الشهر الحالي، إلى 50.6 نقطة وهو أقل مستوى له منذ 15 شهرا، مقابل 53 نقطة خلال الشهر الماضي، في حين كان المحللون يتوقعون تراجعه إلى 52 نقطة.
وتراجع مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع إلى 49.6 نقطة، وهو أقل مستوى له منذ 25 شهرا مقابل 52.1 نقطة خلال يونيو الماضي، في حين كان المتوقع تراجعه إلى 51 نقطة.
وتشير التقديرات إلى انكماش اقتصاد منطقة اليورو خلال الربع الثالث من العام الحالي، في ظل تراجع النشاط الاقتصادي، واتجاه المؤشرات إلى مزيد من التراجع خلال الشهور المقبلة، بحسب كريس ويليامسون، كبير خبراء قطاع الأعمال في إس آند بي جلوبال ماركت إنتليجانس.