الأحد, نوفمبر 24
Banner

النهار: المجلس والسلطة: “عروض” العقم امام الانهيار

تكاد النتيجة القاتمة التي يعاينها اللبنانيون في مشهد التخبط العشوائي الذي يضرب السلطة الحاكمة من جهة، ومجلس النواب من جهة مقابلة، تتلخص بان السلطتين التنفيذية والتشريعية تثبتان امام الازمة الوجودية التي يواجهها لبنان، انهما وجهان لعملة واحدة و”كما حنا كما حنين”. فكما شكل توسل رئيس الجمهورية ميشال عون حقا دستوريا في توجيهه رسالة الى مجلس النواب حول التدقيق الجنائي المحاسبي في مصرف لبنان خطوة لا تحظى بالإلحاح الذي يريد له الحكم ان يحتل المشهد الدعائي والسياسي راهنا، فيما لا أولوية يجب ان تسبق تسهيل تشكيل الحكومة والتوقف عن زج التعقيدات المتسلسلة في طريق ولادتها، بدا افتعال اشعال حساسيات وحزازات وعصبيات لا طائل منها الان حول ملف قانون الانتخاب الوجه المكمل لهذا الإلهاء العبثي الفاقد أي جدوى. والاسوأ ان إشغال المشهد الداخلي بجلسات الثرثرة النيابية والسياسية هذا الأسبوع على خلفيات الانقسامات السياسية والطائفية، جاء في التوقيت الخاطئ تماما، اذ يكفي ان تبرز امس تحديدا مسألة مالية أساسية بالغة الأهمية والخطورة تتصل بوضع موضوع الاحتياط النقدي الأجنبي الإلزامي في مصرف لبنان على طاولة البحث والمعالجات والتحسب للآتي من الاستحقاقات الداهمة الضخمة حتى يتبين حجم العقم السلطوي والنيابي الدراماتيكي والقصور المخيف عن مواجهة الاولويات العاجلة والملحة التي تعني اللبنانيين لا الطبقة السياسية برمتها.

جلسة اللجان النيابية المشتركة التي عقدت امس للبحث في اقتراحات قوانين تتعلق بقانون الانتخاب واستقطبت حضور ما يفوق 65 نائبا، بدت اقرب الى عصف فكري في غير مكانه وتوقيته وجدواه بشهادة العديد من النواب انفسهم لجهة اتسام الجلسة ومناقشاتها بالخروج عن الأولويات الملحة التي تحتاج البلاد الى معالجتها سواء على مستوى السلطة التنفيذية الضائعة بين حكومة تصريف اعمال وحكومة قيد الاستيلاد القيصري او على مستوى السلطة التشريعية ومواكبتها للتشريعات الملحة. وبرز الانقسام العمودي حول الاقتراح الذي قدمته “كتلة التنمية والتحرير” خصوصا، الامر الذي اتخذ طابعا طائفيا في ظل المعارضة الحادة لنواب “تكتل لبنان القوي” و”كتلة الجمهورية القوية” لاي تشريع جديد لقانون الانتخاب، في ظل القانون الحالي أولا ولرفضهم الحاسم لمشروع لبنان دائرة انتخابية واحدة ثانيا. ولذا بدا طبيعيا الا تفضي الجلسة الى أي نتيجة تقريرية، وطارت الاقتراحات ورحلت الى امد غير معروف. وفي هذا السياق اثار رئيس حزب الكتائب سامي الجميل امام السفير البريطاني كريس رامبلينغ تخوفه من تأجيل الانتخابات النيابية وقال انه “يخشى ان يكون الجدل الذي احتدم في مجلس النواب حول قانون الانتخابات شد العصبيات الطائفية وحرف الأنظار عن التقصير والفشل في إدارة البلد والاختباء وراء هذا النقاش بحيث يخيف كل فريق جماعته بما يؤدي الى تأجيل الانتخابات”.

مجموعة الدعم الدولية

واللافت انه وسط هذا التخبط السياسي الداخلي تبرز يوما بعد يوم التحذيرات الدولية من التأخير المتمادي في تشكيل الحكومة ولكن من دون جدوى أيضا . وامس أصدرت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان بيانا لاحظت فيه “بقلق متزايد الازمة الاجتماعية والاقتصادية التي تزداد سؤا في لبنان ” وأسفت “للتأخير المستمر في تشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل ومواجهة المحنة المتفاقمة للشعب اللبناني”. وإذ حضت القادة السياسيين على تشكيل الحكومة دون مزيد من التأخير حضت أيضا حكومة تصريف الاعمال الحالية وأعضاء مجلس النواب “على تنفيذ مسؤولياتهم الانية بالكامل من خلال اتخاذ كل الخطوات البرنامجية والتشريعية المتاحة للتخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها العائلات والمؤسسات التجارية اللبنانية”.

وليس بعيدا من هذا الموقف طالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مجددا رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب “بأهمية اتخاذ القرارات الأساسية في ترشيد الإنفاق ودعم المواطن مباشرة بمساعدة البنك الدولي ووقف دعم التجار لان استخدام الاحتياطي الإلزامي هو مقدمة لانهيار شامل، فكفى مراهنات وزارية وانتخابية وإقليمية ودولية تعرض لبنان الى الزوال”.

ووسط غياب أي تطور يتعلق بتسهيل تأليف الحكومة وانقطاع اللقاءات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس قصر بعبدا والتقى الرئيس عون عشية سفره الى الفاتيكان. وإعلن الراعي على الأثر انه سينقل دعوة الى البابا فرنسيس لزيارة لبنان ويُنقل اليه واقع البلاد. وتطرق الى تأليف الحكومة فقال ان “الحكومة لا تشكل بالتقسيط وقد مر شهر والبلد يموت وليسمحوا لنا فيها”. واعتبر ان رئيس الحكومة يجب ان ينهي استشاراته ويعود الى رئيس الجمهورية بتشكيلة كاملة من الأسماء لبت الامر بينهما . وقال الراعي نريد حكومة انقاذية استثنائية مجردة غير مدجنة من احد وغير سياسية وقادرة على العمل”.

السيرة وباسيل

الى ذلك تجدد السجال بين السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في شأن العقوبات الأميركية على باسيل. وقالت شيا في ندوة مع “معهد بيروت” ان هناك ملفات عن شخصيات لبنانية في واشنطن يتم درسها تحت راية العقوبات المتعلقة بالفساد او بالإرهاب وعلى الدولة اللبنانية ان تجري إصلاحات فورية واعتبرت ان “العقوبات على جبران باسيل مثل واضح كيف تحاسب الإدارة الأميركية الفاسدين”. وأضافت ان “باسيل حور فحوى اللقاءات بيننا وجبران باسيل شكرني على مواجهته بتفاصيل عن حزب الله”.

ورد المكتب الإعلامي لباسيل على شيا معلنا ان “لا داعي للرد عليها مجددا طالما هي تكرر ذاتها دون الإتيان باي برهان حول اتهام رئيس التيار الوطني الحر بالفساد”. ولفت وزارة الخارجية اللبنانية الى “ضرورة تذكير السفيرة الأميركية بضرورة احترام الأصول الديبلوماسية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبنان لناحية التعرض غير المقبول للنواب الممثلين للشعب اللبناني “.

Leave A Reply