علي ضاحي-
منذ مطلع ايار الماضي تاريخ زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى السعودية ولقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض، تشهد الساحة السنية محاولات تركية «جادة» لـ»إختراق» الساحة السنية، لا سيما مع إستمرار الانكفاء السعودي عن لبنان، وكذلك إنكفاء «تيار المستقبل» ورئيسه سياسياً وانتخابياً ونيابياً، وحتى يسجل انكفاء حزبي لـ«تيار المستقبل» في الشمال وخصوصاً في طرابلس.
وتؤكد اوساط سنية شمالية وواسعة الإطلاع على الحراك السني الجاري في طرابلس، ان المدينة تعيش حالة من الفراغ والخواء السياسي، الذي خلّفه «تشرذم» الصف السني نيابياً بين مستقلين و»تغييريين»، وكذلك مع خروج البيوتات التقليدية والشخصيات السياسية من الساحة النيابية، والتي الفها الناخب الطرابلسي منذ العام 1992 ، من «تيار المستقبل» وممثليه التقليديين كالوزير السابق محمد الصفدي فالنائب السابق محمد كبارة ولو حل مكانه نجله كريم، الى آل كرامي والنائب السابق فيصل كرامي الى الرئيس نجيب ميقاتي.
ورغم تشتت الحضور السني بعد خروج «المستقبل» من الساحة النيابية والسياسية الطرابلسية، الا ان بعض القوى السنية المعتدلة، بدأت تلملم نفسها وتستعيد نشاطها من بوابة لمّ الشمل السني، على حد قول المصادر، فـ»الاحباش» الذين كسبوا مقعداً لطه ناجي حاضرون بقوة من خلال مؤسساتهم على الساحة الطرابلسية والشمالية. وكذلك تحافظ «الجماعة الاسلامية» على حضورها وجمهورها، كما تحافظ حركة «التوحيد الاسلامي» وحركة الشيخ سعيد شعبان على حضورها، وكذلك آل يكن الذين يكملون عبر مؤسساتهم مسيرة الشيخ الراحل والمؤسس فتحي يكن.
وتؤكد الاوساط ان الحركة السلفية المتشددة في تراجع ، خصوصاً مع تراجع القوى التكفيرية هزيمتها في الجرود اللبنانية، وأفول مشروعها في لبنان وسوريا والمنطقة، وتوقيف العديد من رموزها كالشيخ مصطفى الحجيري «ابو طاقية»، وكذلك رحيل داعي الاسلام الشهال في العام 2020 وملاحقة العديد منهم من بلال دقماق ونبيل رحيم الى توقيف الشيخ حسام الصباغ. في المقابل، تبدو بعض الوجوه السلفية «المعتدلة» في طرابلس في حالة من الجمود والترقب.
وتكشف الاوساط نفسها، انه منذ فترة قريبة نظم العديد من المشايخ الطرابلسين الصوفيين السُنّة، وبعضهم من المحسوبين على الشيخ اسامة الرفاعي، وهو رجل دين صوفي معارض للنظام السوري، جلسات نقاش واجتماعات في طرابلس. وتشير الى ان هؤلاء يتلقون الدعم من النظام التركي، ويهدفون الى طرح انفسهم بديلاً للتيار السلفي المتشدد، وكذلك لتوجهات «صقور» «المستقبل» او القدامى، ومنهم امراء المحاور في التبانة والزاهرية وغيرهم، خصوصاً ممن يؤمنون ان السلاح طريقة مشروعة لمناهضة حزب الله وحلفاء سوريا في لبنان.
وتلفت الاوساط الى ان الاتصالات جارية بين ممثلي «التيار الصوفي التركي» الجديد في طرابلس وبعض المشايخ والحركات الاسلامية في المدينة. ولكن حركتهم لا تزال في إطار التشاور والتحشيد و»جس النبض» السني، خصوصاً ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وبعد زيارته السعودية في ايار، ومن ثم سعيه للانفتاح على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رغم الخلاف في الملف «الاخواني» واشتراطه اطلاق سراح الموقوفين من»اخوان مصر»، وزيارته اخيراً الى طهران ومشاركته في قمة طهران الرئاسية الثلاثية، يسعى الى الانفتاح على السنّة في المنطقة خارج «الصورة التقليدية والاخوانية» للنظام التركي.
وتشير الاوساط الى ان نجاح انصار «التيار الصوفي السني» الجديد في طرابلس مرهون بمدى نجاح اردوغان في توفير مظلة سنية تركية – مصرية- سعودية لمشروعهم. وعليه يبقى حراكهم استشرافياً واستكشافياً، ويكسر حدة الجمود الحاصل الآن على الساحتين السنية عموماً والطرابلسية خصوصاً.