الجمعة, نوفمبر 22
Banner

المواطن يلهث خلف الرغيف.. عون وميقاتي: سجال.. إسرائيل: اقترب اتفاق الترسيم!

لا يُلام المواطن اللبناني إن جاهر بكفره وقرفه من الواقع الفضائحي الذي يعيشه؛ واقع ساقط في حفرة قهر وذلّ لم يشهد تاريخ هذا البلد مثيلاً لهما.

واقع، استُرخِص فيه الوطن، وأُسقط إلى رتبة مزرعة فالتة، وها هو يُحتضر أمام أعين مدّعي الحرص الكاذب عليه، على مذبح صراعاتهم السياسية والاستعراضية، وحساباتهم الحزبية واجنداتهم المتصادمة، واما لبنان فليذهب هو وشعبه إلى الجحيم.

واقع، كُسِرت فيه الدولة وهيبتها، وتداعت أسسها وكل مؤسساتها، فباتت فاقدة لمعناها، ولمقومات استمرارها.. دولة يحكمها العدم، اضمحلّ فيها الشعور الوطني والحسّ المسؤول الراعي لشؤونها ولشؤون ناسها، الذين صاروا جميعهم متسوّلين لأبسط مقومات حياتهم ومعيشتهم، ولاهثين بحثاً عن رغيف خبز فلا يجدونه.

من حقّ الناس أن يكفروا بدولة كهذه، مقيّدين فيها بأغلال مسؤول غَيّب نفسه وتخلى عن مسؤوليته، وحكم بتخلّيه هذا على شعب بأن تستبيحه اللصوصية والابتزاز، وأن يتنقّل من ذلّ إلى ذلّ أكبر، ومن سوق سوداء إلى سوق أكثر سواداً، ومن لص فاجر محتكر لأساسيات حياة الناس، إلى لصّ أكثر فجورا. وحلقات مسلسل البؤس والاذلال تتوالى على مدار الساعة في السوبر ماركت، ومحطات المحروقات، والصيدليّات، والمستشفيات، والأفران. ناهيك عن عصابات المصارف والسطو على مدّخرات اللبنانيين وودائعهم.. فأيّ دَرك أسفل من هذا الدرك الذي استوطن فيه شعب جيوبه فارغة وبطونه خاوية، وهل ما زال ثمة باب خلاص منه؟ وكيف؟ مع مسؤول لا مسؤول، ومكونات لا ترى أبعد من حساباتها ومصالحها وحدها؟

محطة توتير إضافي

هذه الصّورة البشعة، توازيها صورة مثلها، تعكس الوجه الآخر لمعاناة لبنان واللبنانيين، وتَبدّت في المجلس النيابي امس الأول، وظهّرت مكونات سياسية يجمعها الانقسام الحاد وهو أمر يُبقي البلد مقيماً ليس في حلبة تنافس لخدمة مصلحته، بل في حلبة استعراضات وعراضات ومزايدات وصراع مفتوح على كل ما شأنه أن يعمّق الفجوة الداخلية، ويثبت الافتراق الكامل الذي يستحيل معه الالتقاء طوعاً فيما بينها، حتى على أصغر بديهيات البلد وضروراته.

ومن هنا، فإن هذه الصورة، وكما تقول مصادر مجلسية لـ«الجمهورية»، يمكن اعتبارها تأسيسية لما سيكون عليه حال الجلسات التي سيعقدها المجلس النيابي مستقبلاً وتحت أي عنوان، سواء تحت عنوان تشريعي او انتخابي او مناقشة الموازنة العامة، او مناقشة عامة لمناقشة سياسة الحكومة. ما يعني انّ أي جلسة عامة مقبلة للمجلس النيابي هي محطة توتير سياسي إضافي لا أكثر ولا أقل.

ولفتت المصادر إلى ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال محاولته كبح «المصارعة النيابية» التي شهدتها أولى الجلسات التشريعية امس الأول بأنه يُعوَّل على هذا المجلس لانقاذ البلد، ملمّحاً بذلك الى المسار الاصلاحي الذي سيسلكه مجلس النواب ومقاربة مجموعة كبيرة من الملفات والاساسيات التي تصبّ في معالجة أزمة البلد. وقالت: امام ما شهدناه في الجلسة التشريعية، كيف يمكن عبور مسار الاصلاحات في ظل هذه التناقضات التي يعوم عليها المجلس؟!

ردّ على زرازير

وفي السياق المجلسي، ردّ المجلس النيابي على ما أوردته النائب سينتيا زرازير على مواقع التواصل الاجتماعي حول المجلس وتخصيصها بمكتب قذر وعدم تخصص موقف سيارة لها، اضافة الى عثورها على «واق ذكري» في المكتب المذكور، واعتبر في بيان للامانة العامة للمجلس ان ما اوردته النائب زرازير «غير صحيح جملة وتفصيلاً».

وجاء في البيان: «انّ الامانة العامة لمجلس النواب في أدائها واداء موظفيها الاداري والقانوني والاخلاقي والمسلكي ليس في قاموسهم التمييز بين ايّ من السادة النواب».

اضاف البيان: «انّ الامانة العامة لمجلس النواب تَربأ بنفسها الرد على كل ما ورد في تصريح النائب سينتيا زرازير، وهي تعرف انها وزملاءها منذ اليوم الاول لدخولها المجلس النيابي قد منحت كل ما منح لزملائها النواب من موقف لسيارتها ومكتب خاص. وكل كلام منها خلاف ذلك افتراء ومُجاف للحقيقة.. لذلك تأمل الامانة العامة من النائب زرازير ان تكون بعيدة عن الاثارة والتجييش والشعبوية».

إشادة

وفي سياق مرتبط بحصاد الجلسة التشريعية، عكست مصادر اقتصادية على صلة بصندوق النقد الدولي ارتياحاً لما سمّتها اشارة ايجابية تخدم سعي لبنان الى الاتفاق على برنامج تعاون مع صندوق النقد الدولي، والتي تجلّت في خطوة المجلس النيابي اللبناني بإقرار قانون السرية المصرفية كواحدة من الخطوات التي يطلبها صندوق النقد». مشددة على ان هذه الخطوة الايجابية ينبغي أن تستكمل سريعاً بإقرار قانون الكابيتال كونترول، وكذلك اقرار خطة التعافي للحكومة، ويؤمَل ان يحصل ذلك في القريب العاجل لا أن يؤجّل ذلك الى ما بعد الاستحقاقات في لبنان.

شيا: الاصلاحات

وكانت السفيرة الاميركية دوروثي شيا التي كانت شاهدة على وقائع ما جرى في الجلسة التشريعية امس الاول، قد قالت امام جمعية الصناعيين أمس: «يجب البدء بإعادة الثقة لدى اللبنانيين في القطاع المالي والاقتصادي، أمّا الامر الثاني المهم فهو تأمين الطاقة لتكون أرخص وأنظف، وتأمين الكهرباء للمدارس والمستشفيات والمصانع. والخطوة الثانية هي العمل على اصلاحات ترضي البنك الدولي». مضيفة «يجب ألا يخسر لبنان أي وقت للقيام بإصلاحات، لا سيما أمام البنك الدولي»، ومشدّدةً على أنّ «الإصلاحات ليست فقط لصندوق النقد، إنما هي للبنان أيضاً». ومن جهة ثانية، دعت شيا إلى «إجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها»، وقالت: «نحن هنا لندعم الواجبات الدستورية».

البنك الدولي: دعم لبنان

وتزامَن موقف السفيرة الاميركية مع ما أبلغه المدير الجديد لمجموعة البنك الدولي في قسم المشرق جان كريستوف كاريه الى رئيس الجمهورية ميشال عون، لناحية «تأكيد العزم على متابعة التعاون مع المسؤولين اللبنانيين من أجل تحقيق أهداف البنك الدولي في دعم لبنان وتمكينه من تجاوز الظروف الصعبة»، فيما جدّد عون للمسؤول المالي الدولي التأكيد «انّ لبنان ملتزم بإجراء الاصلاحات الضرورية لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في إطار خطة التعافي الاقتصادي».

تراشق بين الرئيسين

وفي موازاة ما تقدّم، صورة حكومية شاذة، محكومة من جهة لحكومة مقيّدة دستورياً بأضيَق حدود تصريف الاعمال، ومن جهة ثانية لإرادة تعطيل تأليف حكومة جديدة يتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي على حاجة البلد الملحّة اليها، لكنهما لا يتفقان عليها، ويربطان ذلك بما تسمّى معايير واقتناعات.

واذا كانت لغة التخاطب المباشر مقطوعة بين عون وميقاتي، الا انهما يبدوان وكأنهما استعاضا عن ذلك بالتخاطب غير المباشر، وكلاهما يُلقيان مسؤولية التعطيل على الآخر. ولعل ما حصل في الساعات الأخيرة ممّا يشبه «السجال الناعم» بينهما على خلفية كلام منقول عن رئيس الجمهورية، وقوله «إنّ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي اتصل به قبل سفره وقال انه في إجازة، وأبلغه بأنه سيزوره فور عودته الأمر الذي لم يتم، ولم يحصل حتى الآن اي تواصل»، وقوله ايضاً انّ الرئيس المكلف لم يناقش تشكيلته معه كما تقتضي الاصول والقواعد وضرورات الشراكة».

موقع ميقاتي

ولفت في المقابل، ما نشره موقع «لبنان 24» التابع للرئيس ميقاتي، من كلام مباشر موجّه الى الرئيس عون، تَضمّن رواية كاملة عمّا جرى منذ تقديم الرئيس المكلف تشكيلته الى رئيس الجمهورية، وفيها: فخامة الرئيس، لقد زارَك دولة رئيس الحكومة المكلف في اليوم التالي لانتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب، وقدّم لفخامتك تشكيلة حكومية مكتملة، وبدأتما النقاش بشأنها في اجتماع ثان اتفقتما بعده على عقد اجتماع ثالث قبل عطلة عيد الاضحى. ووفق المعلومات المؤكّدة من عندكم فخامة الرئيس، فإنّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، أي صهرك، أبدى استياءه من تسلّمك التشكيلة الحكومية من الرئيس المكلّف، وعاتَبك لأنه كان يريد تكرار تجارب سابقة حصلت مع رؤساء حكومات مكلّفين، قبل أن ينتقل الى محاولة تفشيل التشكيلة الحكومية، بالايعاز لأحد أفراد حاشيته بتسريبها الى الاعلام مباشرة وعبر احد المراجع الامنية، من دون التنبّه الى ما كنتَ فخامة الرئيس قد وضعته على النسخة

المسرّبة من اشارات ورموز ذات دلالات سياسية واضحة.

اضافت رواية الموقع: لقد اتصل مكتب دولة الرئيس ميقاتي يوم الثلاثاء من اسبوع عيد الاضحى بمكتب فخامتكم لطلب موعد لعقد اللقاء الثالث، فأتى الرد من المدير العام للمراسم الدكتور نبيل شديد «نعود اليكم بعد قليل»، ولم يأت الرد.. وبعد يومين وقُبَيل سفر رئيس الحكومة لتمضية عطلة العيد مع عائلته اتصل بفخامتك لإعلامك، من باب اللياقة والاصول، بسفره، فهنّأته بالعيد واتفقتما على التواصل بعد عودته. وكانت المفاجأة بعد ايام قليلة بتسريبة عبر احدى الصحف «انّ عون رفض تحديد موعد لميقاتي»، لتستكمل التسريبة بكلام أوضح قاله الوزير السابق

وئام وهاب مفاده «انّ عون مُستاء من ميقاتي وبَعَتلو خبر اذا ما عندك شي جديد ما تجي لعندي».

وتابعت الرواية، فخامة الرئيس، بعد كل ما سبق، وهو معلوم ومعروف، ولكن لا بأس من التذكير به منعاً لقلب الحقائق، باتَ واضحاً أنّ المبادرة في يد فخامتك، خصوصاً أن البيان التوضيحي الذي صدر سابقا عن مكتبكم، لم يخرج عن سياق كلام فخامتكم اليوم في وضع العقدة عند الرئيس المكلّف.

وخلصت الرواية: فخامة الرئيس، قواعد التعاطي واضحة جدا، وكما انّ دولة الرئيس يحرص في كل مناسبة على تأكيد احترام شخصكم الكريم ومقام رئاسة الجمهورية، فإنّ فخامتكم تدركون بالتأكيد اصول التعاطي مع مقام رئاسة مجلس الوزراء وشخص دولة الرئيس.. فخامة الرئيس، دولة الرئيس قام بواجبه، والمبادرة باتت عندكم».

إضراب القطاع العام

من جهة ثانية، وفيما استمر إضراب موظّفي القطاع العام، اصدرت اللجنة الوزارية التي انعقدت برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال، ما بَدا أنه حل لإضراب موظفي القطاع العام، تضمّن:

– منح مساعدة مالية اضافية تُعادل قيمة راتب كامل وبدل نقل يومي مقداره 95000 ليرة، يستفيد منها جميع مَن شملهم قرار مجلس الوزراء ذي الصلة، بشرط حضور يومين على الأقل.

– إعطاء تعويض انتاج عن كل يوم حضور فعلي الى مركز العمل في الادارات العامة وتعاونية موظفي الدولة وذلك لشهري آب وايلول على النحو الآتي:

150000 ليرة لموظفي الفئة الخامسة وما يُماثلهم من المتعاقدين والأجراء ومقدمي الخدمات.

200000 ليرة لموظفي الفئة الرابعة وما يُماثلهم من المتعاقدين

250000 ليرة لموظفي الفئة الثالثة وما يماثلهم من المتعاقدين

300000 ليرة لموظفي الفئة الثانية.

350000 ليرة لموظفي الفئة الأولى.

على ألا يستحق التعويض المذكور الا بحضور الموظف فعلياً الى مركز عمله ثلاثة ايام على الأقل اسبوعيا خلال الدوام الرسمي.

وكانت رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر قد اعلنت انّ اضراب موظفي الإدارة العامة مستمر، والحكومة لم تتعاط مع الملف بجدية».

قائد الجيش

من جهة ثانية، التقى قائد الجيش العماد جوزف عون، امس، تلامذة ضباط السنة الثالثة في الكلية الحربية، وألقى كلمة دعاهم فيها إلى البقاء على قدر المسؤوليات الجسيمة التي تنتظرهم في الوحدات والاستعداد الدائم لمضاعفة الجهود حفاظًا على أمن لبنان.

وقال: «عليكم أن تتحلّوا بإرادة التحدي والقدرة على التأقلم مع الواقع، وتحويل الحياة العسكرية بصعوباتها ومشقاتها إلى ميدان للفخر والعنفوان وعزة النفس. شعارنا الشرف والتضحية والوفاء، والشهادة في سبيل بلادنا شرفنا الأسمى».

وأضاف: «طائفتكم البزة العسكرية، وحزبكم لبنان. ابقوا بمنأى عن الانقسامات الطائفية التي تزرع الخلاف بين أبناء الوطن الواحد، فالطوائف نعمة لكن الطائفية نقمة. لقد رأينا كيف أوصلت الصراعات الطائفية بلدَنا إلى الخراب، وأيقَنَ اللبنانيون أن لا خلاص لهم إلا بالجيش، ووضعوا ثقتهم الكاملة به، الأمر الذي يرفع حجم مسؤولياتنا. المرحلة دقيقة وعصيبة، غير أنّ القيادة تبذل أقصى طاقاتها لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصاية عن كاهل العسكريين».

اسرائيل والترسيم

على صعيد الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل، برزت امس مزاعم اسرائيلية عن قرب انتهاء هذا الملف.

وذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» (كان 11) أنّ «مسؤولين في إسرائيل يعتقدون أن الخلاف البحري مع لبنان على وشك الانتهاء والتوصّل إلى الحل».

وأشارت إلى أنه «من المتوقع أن يصل المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى لبنان الأسبوع المقبل، حاملاً معه إطار العمل لاتفاق، والذي سيكون في الواقع بمثابة حل وسط بين مطالب إسرائيل ومطالب لبنان، وستكون منصة غاز كاريش مدرجة في أراضي إسرائيل، وستقوم نفس الشركة بالتنقيب في كل من إسرائيل ولبنان».

الجمهورية

Leave A Reply