كتبت صحيفة “النهار” تقول: بدأت بيروت تستعد لاسبوع احياء الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب وسط تصاعد المناخات الحارة التي يضفيها تعطيل التحقيق العدلي في جريمة الانفجار واستفحال “الفجور” السياسي الذي أدى الى هذا التعطيل، كما وسط تفاقم الازمات الداخلية في كل الاتجاهات الامر الذي سيجعل من الأسبوع المقبل محطة مشهودة في ترقب التطورات التي ستواكب هذه المناسبة . وفيما يرتفع منسوب الغموض حول الأوضاع الداخلية بفعل القطيعة التي تسود العلاقات بين اركان السلطة، تترقب الأوساط الديبلوماسية بكثير من الشكوك أداء المسؤولين في التعامل مع ما سينقله الوسيط الأميركي في ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين الذي سيصل الى بيروت الاحد ويجول الاثنين على الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي وربما على مسؤولين اخرين في مهمة صار شبه مؤكد انها ستحمل تطورات بارزة ومفصلية في ملف الترسيم .
ويبدو ان الاستحقاقات اللبنانية الأساسية هذه طرحت على طاولة الاهتمامات الفرنسية – السعودية المشتركة امس، اذ افاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني ان الملف اللبناني كان حاضرا خلال العشاء الذي جمع مساء امس الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي يلبي زيارة عمل لفرنسا. وقال مصدر في قصر الاليزيه “انه خلال الزيارة الاخيرة للرئيس ماكرون للسعودية في كانون الثاني الماضي، قرر الطرفان انشاء صندوق مشترك بين باريس والرياض لتقديم مساعدات انسانية للشعب اللبناني. وقد تم وضع اسس عمل الصندوق. وتسعى باريس خلال هذه الزيارة الى تعزيز هذا التعاون بين البلدين داخل الصندوق لتقديم مزيد من المساعدات الصحية والتربوية التي يحتاج اليها الشعب اللبناني”. وأوضح انه سيتم وضع الية عمل مشتركة لتقديم مساعدات انسانية للبنان وتحديدا لقطاعي الصحة والتعليم منعا لانهيار القطاعات الأساسية .
واشار المصدر الى “ان الرئيس ماكرون ذكر خلال لقائه مع ولي العهد السعودي بالمطالب الفرنسية من اجل قيام السلطات اللبنانية بالاصلاحات المرجوة دوليا”. واضاف “ان الرئيس ماكرون اكد انه سيطالب من القوى السياسية اللبنانية باجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد”.
وفي سياق متصل أكد امس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “أن لبنان الذي يعاني من مشاكل سياسية وإقتصادية وإجتماعية يتطلع إلى أشقائه وأصدقائه لكي يقفوا إلى جانبه في محنته، ليستطيع أن يعود إلى لعب دوره المحوري داخل أسرته العربية”. وكان الرئيس ميقاتي يتحدث في خلال رعايته إفتتاح إجتماعات وزراء الزراعة في لبنان وسوريا والاردن والعراق في السرايا.
“امر اليوم”
وظللت الازمة المالية وتداعياتها “امر اليوم” الذي وجهه قائد الجيش العماد جوزف عون امس اذ شدد على أنّ “الجيش سيبقى ركيزة بنيان لبنان”، مضيفاً “لن نسمح باهتزاز الأمن ولن نسمح للفتنة أو الفوضى أن تجد لها طريقاً إلى ساحتنا الداخلية، على أمل اجتراح الحلول السياسية الكفيلة بإنقاذ البلاد ومنعها من الانهيار، كي يستعيد شبابنا ثقتهم بوطننا، وينهضوا به مجدّدًا، فهو يستحقّهم ويحتاج اليهم لأنّهم ثروة لا تُعوّض. فليكن حلم إعادة بناء لبنان، أقوى من حلم الهجرة”. وإذ تحدث عن الأزمة الاقتصادية والمالية التي بدأت منذ حوالى ثلاثة أعوام قال “وحدها المؤسسة العسكرية لا تزال متماسكة وجاهزة لتحمّل كامل مسؤولياتها تجاه وطنها وشعبها بكل عزم وإرادة واقتناع. التضحية في صلب شعارنا، ولقد جعلناها نهج حياتنا الذي لا نَحيد عنه”. كما اكد ان “التزامنا تجاه القضايا الوطنية أساسي، والتزامنا بالمواقف الرسمية حتمي، وبخاصة ملف ترسيم الحدود البحرية، والتزامنا بالقرارات الدولية وتعزيز التعاون مع قوّة الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان ضرورة قصوى”.
من جهتها، زارت السفيرة الأميركية دوروثي شيا زورقي الاستجابة السريعة الجديدين لخفر السواحل الأميركي في مرفأ بيروت، واعتبرت السفارة الأميركية في بيروت ان “زورقي الاستجابة السريعة الجديدين لخفر السواحل الأميركي مؤشر آخر على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني وتأتي هذه الزيارة المقررة إلى مرفأ بيروت بعد إتمام التدريبات البحرية السنوية التي أجراها الجيش اللبناني مع القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية على مدى الأسبوعين الماضيين.” وأضافت السفارة “ندرك أن هذه أوقات عصيبة للعسكريين ولعناصر قوى الامن الداخلي في لبنان. لهذه الغاية، تنوي الولايات المتحدة تطوير برنامج دعم سبل العيش للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لتقديم المساعدة التي تشتد الحاجة إليها. لا يزال هناك عمل يتعين القيام به لتنفيذ البرنامج، ولكن تم إحراز تقدم كبير”. كما أثنت السفارة الأميركية على “دولة قطر لإعلانها الأخير عن دعمها المباشر للجيش اللبناني”.
على صعيد الازمات المعيشية واحتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي في شكل شبه تام عن كل المناطق، اقتحمت مجموعة من المُحتجّين وزارة الطاقة والمياه في كورنيش النهر، رفضا لساعات التقنين القاسية، مُطالبين بلقاء الوزير وليد فيّاض. ووقع إشكالٌ بين مُحتجّين وموظفين نتيجة منعهم المتظاهرين من الدخول إلى مبنى الوزارة، فتدخلت القوى الأمنية لمنع تطوّره.
اضراب الموظفين
وعقدت لجنة المال والموازنة جلسة امس برئاسة النائب ابراهيم كنعان في حضور وزير المال يوسف الخليل، لمناقشة التقرير الذي أرسله الأخير حول المنهجية المتبعة في إعداد مشروع موازنة العام 2022 وسعر الصرف. واشار كنعان الى أنّ “عملية رمي المسؤولية بين المجلس النيابي والحكومة “مش شغلتنا” ولكن يوجد حدّ أدنى من الضمير”. اضاف “الناس شبعت حكي وتنظير وكلام غير مسؤول” فقد انهينا عملنا منذ نيسان في ما يتعلق بالموازنة والايضاحات التي وصلتنا من وزارة المال حول معايير واسباب سعر الصرف في الموازنة غير كافية”. وقال “طلبنا من وزارة المال إعادة النظر بأرقام الموازنة مرّة أخيرة بالاضافة الى المواد المطلوب منها اعادة النظر بها على ان تقدم لنا الايضاحات قبل جلسة لجنة المال الثلثاء المقبل”. كما شدد على أننا “نرفض ان يدفع الشعب اللبناني بكل شرائحه ثمن الاجراءات الحكومية ولست مقتنعاً بالعديد من البنود التي تحاول الحكومة تمريرها”. ورأى أنّ “خطة التعافي المطلوبة من الحكومة يجب ان تكون كاملة وشاملة، واعادة هيكلة المصارف بند اساسي فيها”.
في الاثناء، وفي وقت واصل معظم موظفي القطاع العام اضرابهم رغم المساعدات التي اقرت لهم اول من امس، صدرت امس المراسيم المتعلقة بمقررات اجتماع اللجنة الوزارية لمعالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام، التي اجتمعت برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي .
ونوّه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل في بيان “بقرار رؤساء الوحدات والموظفين في مديرية المالية العامة في وزارة المال، حضورهم الى مكاتبهم في مديريتي الصرفيات والخزينة لتحضير وانجاز وتحويل المساعدة الاجتماعية للجيش والقوى الأمنية والمتقاعدين” . وعلم ان ثمة عودة لعدد من الموظفين في الإدارات العامة الى العمل الاثنين المقبل في عدد من الوزرات والإدارات .