سلمان زين الدين
إيكــــار
أدركَتْهُ فتنةُ الأضواءِ
مُذْ كانَ طريَّ العودِ
نَضرَ العهدِ بالتَّحديقِ فيها
فَمضى يَضرِبُ في الأرضِ قَصِيّا
علَّهُ يأتي بما يجعلُهُ
بينَ يديْها.
إنَّها الأضواءُ، يا إيكارُ،
تستهوي الفَراشاتِ
فَتوري جَمْرَةَ التَّحليقِ
كي ترقى إليْها.
بعضُها يُدرِكُها
بعدَ مَخاضٍ عَسِرٍ
حتّى إذا طافَ بِها
هاضَ جَناحَيْهِ الطَّوافْ.
بعضُها الآخرُ لا يَقْوى على
خوضَ غِمارِ التَّوقِ لِلأعْلى
فَيبقى حائمًا حولَ الضِّفافْ.
هوَ مُذْ أزغبَ ريشُ جَناحَيْهِ
وَراحَتْ تَجذُبُ الأضواءُ عينَيْهِ
تَراهُ يُنعِمُ التَّحديقَ فيها
وَيُمَنّي النَّفسَ بالسَّعيِ إليْها
وَتَراهُ راغبًا في قطفِ
ما كانَ على القطفِ عَصِيّا
منْ نُجومٍ وَشُموسٍ
دونَها حتفُ الشَّغافْ.
وَتَراهُ زاهدًا في نيلِ
ما تَملكُهُ أيدي الأنامْ.
غيرَ أنَّ النُّورَ، يا إيكارُ،
إذْ يُصبِحُ نارًا،
يَصْهُرُ الأجنحةَ الحيرى
إذا ما يَمَّمَتْ شطرَ يَدَيْهِ.
وَرَمادُ الضَّوءِ جَمْرٌ
يُحْرِقُ الكفَّ الّتي تَسْعى
إلى القبضِ عليْهِ.
فَدَعِ الأضْواءَ، يا إيكارُ، في عَلْيائِها
وَاعْكِفْ على أجْرامِكِ الصُّغْرى
الّتي فيْكَ تَجِدْ أضواءَكَ الكُبْرى الّتي
تُغْني عنِ التَّحْديقِ في الضَّوءِ
وَتُغْني عنْ غِوى التَّحْليقِ
في جنْحِ الظَّلامْ.
المصدر: النهار العربي