كتبت صحيفة الأنباء الإلكترونية تقول: بدعة انقطاع التواصل بين الرئاستين الأولى والثالثة في المواضيع المختلف عليها، والذهاب الى التمترس داخل الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات ودخول القوى المؤيدة لهذا الطرف أو ذاك في تأجيج الخلافات القائمة واللعب على النصوص الدستورية، من العوامل الأساسية التي طبعت مسيرة هذا العهد وأدت إلى هذا الكم الكبير من الأزمات التي يعاني منها لبنان التي لا أفق لها، بدءًا من أزمة المصارف والحجر على الودائع، مروراً بالمحروقات ووصولاً إلى رغيف الخبز وربط كل المتطلبات الحياتية والمعيشية بتقلبات الدولار، التي لم يستفد منها سوى التجار والمهربين والانتهازيين والمتاجرين بقوت الشعب، الذي تحول إلى ضحية وسط هذا الكم من الجلادين.
فلا يُعقل أن يعيش البلد في الفراغ والتعطيل ومن دون حكومات فاعلة تعمل على انتشال البلد من أزماته أكثر من نصف الولاية الرئاسية بحجة “ما خلّونا” وغيرها من المصطلحات المتداولة.
وفي خضم اشتداد السباق إلى بعبدا بين المرشحين، وقبل ساعات من وصول الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين وما يحمله من مفاجآت، جاء كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري ليضع النقاط على الحروف انطلاقا من دعوته لعقد لقاء ثلاثي للرؤساء الثلاثة أو الاكتفاء بلقاء الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي للبحث في شؤون الحكومة، صباح غد الاثنين، قبل الانتقال للاحتفال بعيد الجيش، وتشديده على أنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية قبل عقد جلسة تشريعية لإقرار الاصلاحات التي يشدد عليها صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، وتأكيده المطالبة بحقل قانا كاملاً وإلا فلا معنى لمفاوضات ترسيم الحدود، مستبقاً بذلك ما يحمله هوكشتاين من أفكار جديدة.
كلام بري بشأن اقرار الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد تتلاقى بشكل أو بآخر مع ما يشدد عليه باستمرار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأن الاصلاحات ثم الاصلاحات، يضاف إلى ذلك دعوته لاختيار رئيس جمهورية على غرار الرئيس الراحل الياس سركيس يعرف كيف يدير الأزمة وهذا ما يتطلبه لبنان في هذه الظروف.
توازياً، أشار عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم في حديث مع “الأنباء” الالكترونية إلى أن ما قاله رئيس المجلس واضح وضوح الشمس بأن مجلس النواب ما زال لديه الوقت الكافي لاقرار الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد، وهو بموجب الدستور لا يتحوّل الى هيئة ناخبة الا قبل عشرة أيام من المهلة الدستورية أي قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
وقال: “بالطبع هناك مجال لعقد جلسات لهذا الغرض، وهناك ضرورة لعقدها، فبدون اصلاحات لن يحصل لبنان على شيء من الدعم المطلوب”.
وعن إمكانية تشكيل حكومة فيما تبقى من وقت، لم يستبعد هاشم عقد اللقاء الثلاثي الذي قد يفضي لتشكيل الحكومة اذا ما صدقت النوايا، فلبنان برأيه بلد عجائب وغرائب ومن الممكن عقد هكذا اجتماع والاتفاق على تشكيل الحكومة، فالمطلوب برأيه التنازل للبنان وليس مستبعدا حصول ذلك.
أما في ما خص ترسيم الحدود وتمسك بري بحقل قانا كاملا وزيارة هوكشتاين المتوقعة، أكد هاشم على موقف بري وضرورة تمسك لبنان بحقل قانا كاملا وعلى هذا الاساس تستكمل مفاوضات الترسيم. هذا حق للبنان دون نقصان، متوقعاً أن يحمل هوكشتاين معه العرض الذي توصل اليه مع اسرائيل وعلى أساسه يقرر لبنان اما اسئناف مفاوضات الترسيم او الامتناع عن المشاركة الى حين اقرار الجانب الاسرائيلي بحق لبنان في حقل قانا كاملا.
وفي هذا الصدد جددت مصادر متابعة لجولة الوسيط الأميركي تأكيدها ان زيارة هوكشتاين الى بيروت مختلفة عن المرات السابقة فهو يحمل عرضا مفاده قبول اسرائيل التنازل عن حقل قانا كاملًا بما فيه التعرجات المتداخلة في المياه الاقليمية بداخل اسرائيل وان اسرائيل وافقت على التخلي عنها مقابل تعويض مالي كبير.
وكشفت المصادر لجريدة “الأنباء” الإلكترونية ان لبنان سيبلغ هوكشتاين انه لا يمكنه الالتزام بدفع تعويضات مادية أيًا تكن قيمتها وهو يعتبر نفسه متضرر جدًا من الممارسات الاسرائيلية على حدوده الجنوبية واذا كان هناك من تعويضات مادية يصر عليها الجانب الاسرائيلي فعلى الأمم المتحدة والجانب الأميركي اللذان يرعيان تلك المفاوضات تدبر الأمر بعد التأكد من أن لا شيء يمنع لبنان من استخراج نفطه وغازه.
ويبقى السؤال هل يأخذ الرئيسان عون وميقاتي بما يشدد عليه بري وجنبلاط ويدخل لبنان في مرحلة الشروع في حل مرحلة أزماته انطلاقا من تشكيل حكومة طوارئ تأخذ على عاتقها تنفيذ الاصلاحات وانتخاب رئيس يعرف كيف يدير الأزمة في هذه المرحلة أم تبقى الأمور من سيء إلى أسوأ.