الأربعاء, أكتوبر 2

عيد الجيش عيد لبنان

جورج كلاس – النهار

معنى أن يكون للجيش عيد استقطابي جامع في بلد كلبنان ذي نظام ديموقراطي ويتصف بأنه الصيغة الفريدة وبأنه مجتمع سياسي تتعدّد فيه الطوائف والمذاهب والمعتقدات، برعاية نصوص دستورية، تجعل من كل جماعة دينية شخصية كيانية متميزة، هو أن هذا البلد بتركيبته المجتمعية الحالية وتاريخه العتيق والمعاصر والحديث لا يزال يفتش عن هويته الديموقراطية الصريحة والخالصة في بيئة جيوسياسية وديموغرافية متحركة، جعلت منه نقطة ضعف ومرتكز إستهداف على طاولة التخطيطات والمصالح الدولية، وما يستتبع ذلك من محاولة فرض وصايات إقليمية ودولية مغلفة بالحرص على الكيان مرة وتتمحور على الاستضعاف موسمياً متنقلة من مفهوم الحرص على وجود الأقليات الى قرار بحماية حقوق الإنسان مغلف بمسمّيات كثيرة ومحاط بهواجس قاتلة للهوية الاستقلالية وعادمة للكيان وماحية للحرية.

أيّ معنى لأيّ وطن، ولبنان خاصةً، إن لم تكن الحرية التفكيرية والحرية السيادية والحرية الكيانية عنوانه الأبرز بل الأوحد؟

لم يعد من المهم التغنّي بالتاريخ ولا التفاخر بالتراث ولا بنظم القصائد ووضع الدواوين وكتابة روايات وترداد مرويات تعظم دور لبنان ورسالته وريادته، ونحن فشلنا جميعاً على مدى عقود من التصالح والتفاخر والتحارب بالسلاح الأبيض، في وضع كتاب تاريخ تربوي يعرّف التلامذة بمقوّمات وطنهم وأحداثه وما فعل به التاريخ وما كان دوره في التاريخ وأين هو اليوم من مسار الأوطان ومسيرة الشعوب، ولماذا ذاك اللبنان لم يعد لبنان الذي كان ولا الذي يجب أن يكون؟

إن استقطابية الاحتفال بعيد الجيش، لها معنى سيادي ذو عمق شعبي ونفسي، تؤكد أن الإجماع فقط على حبِّ الجيش كمؤسسة دستورية جامعة وحاضنة وحامية لمعنى لبنان، هو الإيمان بروحية الجيش ودوره ولزومية وجوده في بلد كان تعدّدياً فأضحى تفتتياً، وكان صيغة فريدة فأمسى تجربة حوارية تعايشية هشّة محكومة بتوازنات الخارج الدولي وضغوط المصالح الاقليمية وأطماع مطابخ الاستراتيجيات الساخنة المبنيّة على تنظيرات ومخططات استهدافية للتركيبات السياسية الضعيفة التي تعوزها الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والديبلوماسية والدفاعية والمجتمعية والتربوية، وأضيف عليها الآن غياب الاستراتيجية النفطية وفوضى ترسيم الحدود المائية التي صارت من أساسيات وعناصر خريطة كل بلد.

يقود هذا الكلام الى التبصّر بعيداً في ما قد تحمله الأيام الفاصلة والحاسمة للاستحقاقات الدستورية، من تشكيل الحكومة الى انتخاب رئيس للجمهورية، لأن ندرك أن ما يجمعه الجيش تفرّقه السياسة، وأنه صار لازماً علينا جميعاً أن نعرف لماذا نتفق ونتوافق مع الجيش وتضحياته ودوره ورسالته ونؤمن بحياديته داخلياً وبسيادة قراره وصلابة عقيدته ودفاعه عن حدوده الثلاثية الأرضية والجوية والبحرية؟

أسئلة افتراضية تفرضها الظروف وتستعجلها الأحداث قبل أن يأكل التاريخ لبنان وتقتله الجغرافيا ويسكنه النسيان.

الجيش الذي يلتقي اللبنانيون لمعايدته يعايدون لبنان الكيان من خلاله، ويثمّنون عالياً صرخة الجيش عندما يدعو الوطن وصمته متى اصطخبت السياسية.

Follow Us: 

*وزير الشباب والرياضة

Leave A Reply