كتبت صحيفة الأخبار تقول: ليس أمراً عابراً أن يُجمع كبار القادة العسكريين والأمنيّين في كيان العدو على أن عدم التوصل الى اتفاق مع لبنان على ترسيم الحدود البحرية، سيؤدي الى تصعيد عسكري نتيجة خطوات عملياتية سيقدم عليها حزب الله، ستتدحرج بالضرورة الى «أيام قتالية»، كما كشف موقع «واللا» العبري. يظهر هذا الإجماع أن حزب الله نجح في أن يحفر في الوعي الجمعي لمؤسسات التقدير والقرار الأمني تصميمه وجديّته في فرض معادلته التي أعلن عنها أمينه العام السيد حسن نصر الله، وأن إسرائيل غير قادرة على ردعه. وأظهرت مشاركة رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية (رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي ورئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا ورئيس دائرة الأبحاث عميت ساعر ورئيس الموساد ددي برنياع ورئيس الشاباك رونين بار ومستشار الأمن القومي إيال حولتا) أن المناقشات في جلسة المجلس الوزاري المصغر كانت شاملة لكل الجوانب الأمنية والسياسية والعسكرية، وتهدف استناداً الى ذلك إلى اتخاذ قرار حاسم في شأن المفاوضات حول الحدود البحرية مع لبنان، علماً بأن الجلسة أتت في أعقاب زيارة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين لـ«إسرائيل»، قادماً من لبنان حيث سمع بوضوح أن الوقت يضيق.
ومع أن الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية والعسكرية هو تقديم التقديرات والتوصيات، وأن القرار النهائي يبقى في يد المستوى السياسي، إلا أن ما أدلت به هذه الأجهزة وضع القيادة السياسية أمام خيارين: أولهما هدوء أمني يستلزم اتفاقاً يلبّي مطالب لبنان، وثانيهما عدم اتفاق يقود إلى مواجهة عسكرية، فيما لا يوجد أيّ بديل يمكن إسرائيل أن تراهن عليه لثني حزب الله عن خياراته التي التزم بها.
في هذا السياق، أكد وزير المالية وعضو المجلس الوزاري المصغر افيغدور ليبرمان بأن «الأمر الأخير الذي نبحث عنه هو مواجهة مع لبنان» في موقف يؤشر إلى الاتجاه العام للخيار الإسرائيلي. ولم يفوّت ليبرمان المعروف بمواقفه المتطرفة، فرصة تكرار التهديدات الإسرائيلية وإن بعبارات قديمة – جديدة انه في حال «هاجم حزب الله منصة الغاز وفرض علينا مواجهة سنمحو الضاحية الجنوبية»، مع انه يعلم بأن ذلك سيؤدي إلى تدمير مشابه في تل ابيب. وكشف ليبرمان بعض ما دار خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر حول إمكانية نشوب مواجهة عسكرية محدودة بالقول: «لن نسمح بادارة تبادل ضربات محدودة»، موضحا أن «التجربة تدل على أن أمورا كهذه تخرج ببساطة عن السيطرة»، وهو ما يعني أن هناك توجه في المجلس الوزاري لتجنب هذا السيناريو أيضا.
بالتوازي مع هذه المواقف، نقل موقع «واللا» عن مصدر مطّلع على تفاصيل النقاش في جلسة المجلس الوزاري المصغر أنه كان هناك إجماع على أن البديل من الاتفاق يمكن أن يؤدي الى تصعيد، وأنه في وضع كهذا، هناك احتمال كبير لما سمّاه «سوء تقدير» من قبل حزب الله، في إشارة الى قراره بالإقدام على خطوات عسكرية صاخبة، يمكن أن تؤدي الى عدة أيام قتالية. وهو موقف ينطوي أيضاً على إقرار بأن الطرفين لا يريدان التدحرج نحو حرب واسعة.
وأضاف الموقع الإسرائيلي إن الجلسة شهدت تقديم صورة وضع عن المفاوضات مع لبنان وتفاصيل الاقتراح اللبناني، والاقتراح الأميركي، والموقف الإسرائيلي. وفي تعبير عن مدى القلق الذي يحضر لدى الجهات الأمنية والسياسية من عدم وجود ضمانات لما قد يقدم عليه حزب الله من رسائل عملياتية أو عمليات عسكرية، نوقشت خلال الجلسة أيضاً «استفزازات» حزب الله ضد منصة «كاريش»، والخوف من أن يقدم على عمليات أخرى، كما أكد المصدر. وكان لافتاً أن المجلس ناقش أيضاً انعكاس انتزاع لبنان حقوقه إيجاباً على صورة المقاومة لدى الرأي العام اللبناني، إذ رأى رئيس الأركان ومسؤولون رفيعو المستوى في الأجهزة الأمنية، بحسب «واللا»، أن حزب الله «معنيّ باستخدام الاتفاق كصورة نصر في الساحة الداخلية اللبنانية». والأهم أن النتيجة التي خلصت إليها الجلسة، بحسب الموقع الإسرائيلي نفسه، أنه لا يوجد اتفاق تستخرج بموجبه إسرائيل الغاز من دون أن يكون للبنان حق الاستخراج، وأنه في هذه الحالة فإن احتمالات الانفجار ستكون مرتفعة جداً. وكما هي العادة، علّق المتحدث باسم الجيش على تقرير «واللا»، بأن «الجيش لا يتطرّق الى ما يتم تداوله في جلسات مغلقة ومصنّفة سرية».