كتبت صحيفة النهار تقول: لم يكن ينقص لبنان سوى ان يستجد قلق طارئ جديد في سلسلة مخاوفه من خلال الخشية من اتساع تداعيات المواجهة العسكرية العنيفة بين إسرائيل و#غزة بحيث تشمل “الساحة الرديفة ” في جنوب لبنان . هذا القلق وان كان كثيرون يستبعدونه اقل وفق المعطيات الماثلة حتى الساعة اثارته الظروف الإقليمية التي تحوط بلبنان فيما العد العكسي لبت ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يكاد يبلغ حدودا متقدمة بعد الزيارة الأخيرة للوسيط الأميركي في هذا الملف آموس هوكشتاين والمعطيات التي بدأت تتسرب عن الموقف الإسرائيلي من الجواب اللبناني الذي نقله الوسيط الأميركي الى تل ابيب. كل هذا اثار مزيدا من الغموض والقلق حيال المواجهة الناشبة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة علما ان ما زاد القلق في هذا السياق هو امعان ايران في توظيف هذه التطورات لرفع سقف التصعيد من خلال اظهار “حزب الله” بانه الذراع العسكرية الجاهزة لاشعال مواجهة مع إسرائيل في حين لم تقصر أصوات مسؤولي “حزب الله” ومواقفهم في ترسيخ صورة المغامرة بلبنان مجددا لحسابات ارتباطهم الكامل بتوجهات الحرس الثوري الإيراني. ولعل الأسوأ في هذا السياق ان يمر كلام إيراني مستبيح للسيادة اللبنانية بهذا الشكل من دون ان يجد مسؤولا رسميا واحدا يتصدى له او يرد عليه كما في كل مرة يتنطح فيها مسؤولون إيرانيون بمواقف تسخر تبعية “حزب الله” لطهران باستباحة تستسلم لها السلطة اللبنانية على طريقة طمر الرؤوس في الرمال .
وقد دان لبنان الرسمي بشدة الاعتداء الاسرائيلي على قطاع غزة. ودعت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان المجتمع الدولي “للتدخل السريع لوقف هذا الاعتداء فورا، والطلب من اسرائيل التقيد بالقرارات الاممية، حفاظا على المدنيين الفلسطينيين الذين يعانون الامرين من الحصار الإسرائيلي الظالم.”
وتزامن ذلك مع اقحام ايران لنفوذها في لبنان في معترك هذه التطورات اذ ان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي العميد إسماعيل قاآني، اعلن أن “حزب الله يخطط لتوجيه آخر ضربة للكيان الصهيوني وإزالته من الوجود في الوقت المناسب”، معتبراً أن “أمن إسرائيل آخذ في التراجع ولن نتوقف عن القتال في ميادين المقاومة وسنواصل الصمود”، مضيفاً: “نخطط للتعامل مع جرائم أميركا والكيان الصهيوني وسنرد عليها بشكل حاسم في الوقت المناسب”.
وغرد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم على “تويتر”: “يجب أن نعرف أن إسرائيل مجرمة وعدوانية وقتل الجعبري في حي سكني مع شهداء، بينهم طفل وعشرات الجرحى هو عمل إجرامي لا يمكن ان يمر من دون عقاب وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولية هذا العقاب”.
من جهته، قال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد خلال مجلس عاشورائي “الحمد لله بأن المسؤولين اللبنانيين تفاهموا على موقف موحد فأتت المسيرات لتدعم الموقف الرسمي اللبناني، فالمقاومة استطاعت أن تحسن التصرف وتستعرض قوتها في هذه اللحظة فكان التأثير أن حصل تطورات إيجابية، وحتى الآن ورغم كل ما يقال في الإعلام بأن الأجواء إيجابية وهناك تنازلات لمصلحة لبنان وكما يريد اللبنانيون وفق الموقف اللبناني الرسمي المدعوم من المقاومة وقدراتها ومسيراتها لكن علمتنا التجربة بأن لا نركن إلى الذين ظلموا، نريد أن نرى الإتفاق والنص بأعيننا ولا نريد أن نسمع خبريات، لذلك نحن ماضون في جهوزيتنا من أجل مواجهة كل الخيارات”.
اما على الصعيد السياسي الداخلي فبرز موقف جديد لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في حديث لـ”المركزية” اذ اعتبر “ان مسلسل الانهيارات بدءا من الرمزي منها على غرار اهراءات المرفأ، وصولا الى الاشدّ وطأة مع الاضراب المصرفي لا بدّ الا ان تدفع نحو اجراء الانتخابات في موعدها. بيد ان الاهم والابعد يكمن في مركزية انتخاب رئيس بطعم ولون، لا رئيس “فك مشكل” او من فريق 8 اذار وهنا تكمن الطامة الكبرى”. وقال: ليست القضية خلافا بين فريقين يمكن حله برئيس وسطي، اذ في المرحلة البالغة الصعوبة والخطيرة التي يمر بها لبنان، انتخاب رئيس من هذا الصنف لن يسهم الا في استمرار جر العربة بحصانين وليس المطلوب البحث عن مرشح وسطي توافقي يصلح ربما اختياره داخل فريق المعارضة نفسه، انما حتما ليس بين مشروعين على هذا القدر من التناقض. ان ما يطرحه بعض الداخل وأهل الخارج لجهة اتفاق اللبنانيين على رئيس هو الحل الاسهل، ولكن الاسوأ. نريد رئيسا يخرج البلاد من حيث هي، خلافا لما يعملون لاجله، متبنين نظرية رئيس يحافظ على السلم الاهلي، فأي سلم سيبقى ان استمر الانهيار على غاربه، وقد اختبروا حكومات ما بعد انفجار المرفأ، فماذا فعلت والى اين وصل البلد سوى الى مزيد من التدحرج نحو الهاوية؟ واذ اكد جعجع ان التواصل مع فريق المعارضة من حزبييين ومستقلين وقوى تغيير، يحرز تقدما وقد بلغ مرحلة الحديث عن البروفايلات لكنه لم يدخل في الاسماء، قال: النقاش يدخل في العمق ونبذل كل جهد ممكن لبلوغ الاتفاق حول مرشح مقبول من الجميع يتمتع بالحد المعقول من المواصفات السيادية والاقصى من حسن الادارة والتدبير السياسي. لا نقول ان من السهل ايجاد الشخصية هذه، لكنها حكما موجودة وسنتفق حولها في المعارضة على الا تكون نافرة، لا داخل الفريق المعارض ولا لسائر الافرقاء في البلاد.
على خط آخر، أفادت مصادر مصرفية مطلعة أن جمعية المصارف لا تزال ماضية في قرار الإضراب اعتباراً من يوم الإثنين المقبل. وأوضحت أن إخلاء سبيل رئيس مجلس إدارة الاعتماد المصرفي طارق خليفة لن يثنيها عن الإضراب، لأن هذه القضية لم تكن المطلب الوحيد لجمعية المصارف، وبالتالي لن تكون المصارف مكسر عصا في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد على الصعد كافة، والتي تتطلب من المسؤولين تحمٌل مسؤولياتهم كاملة لإنقاذ لبنان وشعبه. وكشفت المصادر أن قرار تعليق الإضراب أو عدمه، ستنظر به الجمعية العمومية للمصارف المقررة يوم الأربعاء ١٠ آب الجاري.